الأشعري: الرواية نوع من الممارسة السياسية..وتوظيف القضايا الكبرى يفسدها

في حفل توقيع وتقديم إصداره الجديد"من خشب وطين"

قال الروائي والشاعر محمد الأشعري، إن الرواية تمثل نوعا من الممارسة السياسية والفكرية وليس فقط الإبداعية، مسجلا أن السماح بتوظيف القضايا الكبرى في الرواية يفسدها، خاصة أن الخيال يعد الأساس في الحكي، إلى جانب الانكباب على فهم العالم وليس فقط التسلية، بغية اكتشاف أشياء لم تكن معلومة قبل الخوض في تجربة الكتابة.

وأفاد الأشعري، الذي كان يتحدث مساء الخميس، في حفل توقيع وتقديم إصداره الجديد”من خشب وطين”، بمكتبة الألفية في الرباط، أن الأدب يجب أن يكون مستقلا عن الإيديولوجيا، فالكاتب ليس محايدا من الناحية الفكرية والجمالية، لأنه يملك خيارات، لكن في المقابل من غير المسموح توظيف الأدب للانتصار إلى دعوى معينة، وهو الخيط الرفيع بين إنتاج الأدب والإنتاج الدعوي.

وبشأن خلفيات كتابة رواية “من خشب وطين”، قال الأشعري:”هي أسئلة تروادني حول التاريخ والسلطة والمجتمع في الرواية، كمحاولة للتفكير في بعض القضايا مثلا: كيفية تشكل عنف السلطة تدريجيا في بلد أنشأ علاقته مع الآخر بناء على إرضاخ الناس بنوع من الخضوع الممنهج الذي كان يتمثل بأشكال مختلفة، منها الجهاد ضد المستعمر والوحدة حول الدولة.

واعتبر الأشعري أن السلطة المركزية في المغرب بنت علاقتها على مدى سنوات بالناس على مبدإ”الإرضاخ”، وكانت على مدى قرون تخرج حركات للمخزن لترضخ بعض القبائل والجهات، أحيانا من دون سبب مقنع، أو عصيان معلن أو دعوة للانفصال و التمرد على السلطة، بمعنى أنها تريد للبلاد أن تكون تحت اليد والسيطرة.

وحول كيفية تشكل الوعي وتمثله بالهوية المغربية، أشار الأشعري إلى أن حركة التحرر الوطني في المغرب وضعت كل أسهمها في البعد الديني واللغوي، ولم تهتم بمكونات الهوية الترابية، علما أن بعض المجالات المؤسسة لها كالمجال الغابوي والجبل والصحراء لا يتم تناولها والترويج لها لا في التفكير ولا في الإبداع.

وأضاف الأشعري:” البعد الديني في الهوية يكاد يكون منعدما، فحتى السلطة المركزية التي كانت تنتصر للشرع، كانت تصدر ظهائر للتحرر من الشرع واستعمال العنف في تنظيم حياتها”.

وذكر الروائي أن المجالات القروية بعيدة كليا عن التطورات العمرانية التي تشهدها المدن، لافتا إلى حدوث اعتداء ترابي على المجال، نظرا لالتهام السكن العشوائي لأجزاء شاسعة من الأمكنة، في إشارة إلى غابة المعمورة في العاصمة الرباط، والتي ارتكزت الرواية حولها كمدينة منتقاة للسرد.

وحذر الأشعري من المساس بالثروة الغابوية التي كانت تمتد على مدى 140 ألف هكتارا من الفلين سابقا قبل أن تتقلص لتصل إلى 80 ألف هكتار، مما يعني ضياع الثروات الثقافية والجمالية التي كانت لدى القبائل القوية والمتماسكة، والتي أضحت تتعرض للدمار بطريقة عشوائية مؤذية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى