“التقدم والاشتراكية”:”إخفاقات” الحكومة تتطلب تغيير توجهاتها وليس تغيير الأشخاص
عد مشروع قانون المالية 2025 مفتقدا للنفس السياسي
قال حزب التقدم والاشتراكية إن إخفاقات الحكومة، خلال السنوات الثلاث الماضية، على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والديموقراطية، كانت، بالأحرى، تتطلبُ منها تغيير توجهاتها ومقارباتها، عوض الاكتفاء بتغيير الوجوه والأسماء بدون فائدةٍ تُذكَر، اللهم الأمل في أن يساهم ذلك في طي بعض الملفات العالقة والحرجة مثل أزمة كليات الطب.
وأعرب حزبُ التقدم والاشتراكية، في بيان أعقب اجتماع مكتبه السياسي، عن قلقه المتزايد إزاء مصير المرفق العمومي، خلال ما تبقى من عمر هذه الحكومة، في المجالات الحيوية، كالصحة والتعليم، لا سيما المدرسة العمومية والمستشفى العمومي.
كما جدد الحزبُ نداءه إلى الحكومة من أجل أن تهتم بالأبعاد الديموقراطية والحقوقية، لأجل استعادة الثقة وتحرير طاقات المجتمع ومصالحة المواطنين مع السياسة والشأن العام، داعيا أيضاً، إلى أن تلتزم على الأقل بوثيقة النموذج التنموي الجديد وما تتضمنه من إصلاحاتٍ وقطائع، بغاية دعم المقاولة المغربية وتحقيق الإقلاع الاقتصادي المنشود، وإقرار العدالة الاجتماعية والمجالية، والاهتمام الحقيقي بالإنسان المغربي واعتباره محور التنمية.
ونبه الحزبُ الحكومةَ إلى الارتفاع المقلق لنسب البطالة، لا سيما في أوساط الشباب، وإلى إيجاد الحلول الناجعة لأجل جذب الاستثمار، وأساساً من خلال تنقية مناخ الأعمال، منبها إياها إلى الاختلالات الكبيرة التي تشوبُ تفعيل ورش الحماية الاجتماعية، بجميع مكوناته، سواء من حيث إقصاءُ فئات مستضعفة واسعة، أو على مستوى الولوج الفعلي إلى الخدمات الصحية، أو على صعيد ضمان استدامة وشفافية التمويل، أو كذلك من حيثُ الفوارق الصارخة بين الأغلفة المالية الهائلة المعلنة وبين حقيقة الإنجاز المتواضع.
واعتبر المكتب السياسي للحزب أن مشروع قانون المالية 2025 يفتقد إلى النفَس السياسي وإلى إبداع الحلول، ولا يحمل ما يلزم من إجراءاتٍ تُجيبُ فعلاً على انتظارات المغاربة وعالَم الاقتصاد، ولا سيما فيما يخصُّ التشغيل؛ ومواجهة غلاء الأسعار وارتفاع كلفة المعيشة؛ وفيما يتعلق بتقوية النسيج المقاولاتي وتعزيز السيادة الاقتصادية؛ وما يرتبط بإجراء الإصلاحات الهيكلية التي تحتاجها بلادنا، وأساساً في ميادين العدالة الضريبية؛ وإصلاح المحفظة العمومية؛ وإدماج القطاع غير المهيكل في الاقتصاد الوطني الرسمي.
وبالنسبة لموضوع مشروع القانون التنظيمي للإضراب، أكد حزب التقدم والاشتراكية على ضرورة أن تتعاطى معه الحكومة انطلاقاً من مقاربةٍ حقوقية تتلاءم مع الدستور ومع التزامات المغرب الدولية في هذا الشأن، وارتكازاً على منطق الحوار والتفاوض والتوافق مع الفرقاء الاجتماعيين.
في غضون ذلك، جدد حزب التقدم والاشتراكية تأكيده على أهمية التأطير القانوني المتوازن لممارسة الحق في الإضراب، وعلى أهمية قانون النقابات ومراجعة مدونة الشغل، معتبرا توصياتِ المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بخصوص مشروع قانون الإضراب أرضيةً ملائمة وإيجابية يُمكن التأسيسُ عليها من أجل التوصل إلى صيغة متوافقٍ عليها لهذا النص التشريعي الهام حقوقيا واجتماعيا واقتصاديا.
وتداول المكتبُ السياسي في مضامين التقرير السنوي 2023 للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، متناولا التراجعات المقلقة لتصنيفات البلاد، أساساً في عهد هذه الحكومة، على مستوى مؤشرات إدراك الفساد، والفساد السياسي، وعلى صعيد مؤشرات النزاهة العمومية، وفي المؤشرات المتعلقة بحرية الصحافة ومناخ الأعمال، وغيرها من المؤشرات المتصلة بالرشوة والفساد.
وأكد البيان، في هذا السياق، على وجاهة وعُمقِ البدائل والتوصيات التي قدمتها هذه الهيئة الدستورية، وخاصة فيما يتعلق بالتربية على قيم النزاهة؛ وشفافية وجودة المرفق العمومي؛ وحكامة مناخ الأعمال؛ وتخليق الحقل السياسي؛ وحماية الفضاء الانتخابي من الممارسات الفاسدة؛ وضرورة إصدار تشريعات خاصة بالإثراء غير المشروع وبتضارب المصالح؛ مع تعزيز آليات ضمان عدم الإفلات من العقاب على جرائم الفساد، مسجلا أن محاربة الفساد تتطلب الجدية والإرادة السياسية، وداعيا الحكومة إلى التفاعل الإيجابي مع تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، عوض التعبير المتشنج عن الانزعاج من مضامينه وتوجهاته، كما حدث أيضاً بمناسبة إصدار مؤسسات رسمية أخرى لتقاريرها في أوقات سابقة.
من جهة ثانية، أعربَ المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية عن تقديره لتجديد الرئيس الفرنسي، أمام ممثلي الأمة المغربية، تأكيده على اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على صحرائه، وبأن مبادرة الحُكم الذاتي في إطار السيادة المغربية تشكل الحل الوحيد للنزاع الإقليمي المفتعل حول القضية الوطنية. مشددا على أن الموقف الفرنسي يمثل تحوُّلاً نوعيا كبيراً في مسار هذا النزاع المصطنع، من شأنه أن يُقرِّبَ المغرب أكثر من الطيِّ النهائي لهذا الملف، بالنظر إلى مكانة فرنسا في المنتظم الدولي، وإلى معرفتها الدقيقة بتفاصيل القضية وحقائقها، على غرار إسبانيا التي اعتمدت نفس هذا الموقف النيّر بشكلٍ قبْلي.
وفي هذا السياق، أعربُ الحزبُ عن تطلعه إلى أن تُشكل الشراكة الاستثنائية الوطيدة، التي بادر إليها المغرب وفرنسا، عاملاً مُعزِّزاً للقضايا الحيوية للبلاد، ونقطة ارتكازٍ جديدة ومتجددة، لأجل الارتقاء بالعلاقات الثنائية، في شتى المجالات، بما فيها مجالات رائدة وواعدة، على أساس القيم المشتركة، والتعاون المتكافئ، خدمةً للمصالح العليا للبلدين والشعبيْن، المغربي والفرنسي، بانفتاحٍ قوي على القارتيْن الأفريقية والأوروبية.