مجمع اللغة العربية بالشارقة يحتفي بإنجازات”المعجم التاريخي”
خطوة رائدة في حفظ الإرث الثقافي واللغوي للأمة العربية
أعلن مجمع اللغة العربية بالشارقة في الإمارات عن إنجاز ثقافي تاريخي غير مسبوق يتمثل في طباعة 127 مجلداً من “المعجم التاريخي للغة العربية” المعجم الأول من نوعه في العالم العربي، الذي يوثق تطور المفردات والمعاني اللغوية عبر العصور ويهدف إلى الحفاظ على الهوية اللغوية وتعزيز ارتباط الأجيال بلغة أجدادهم.
احتفال للأمتين العربية والإسلامية
وقال الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة، في كلمة مكتوبة وجهها للمشاركين في مؤتمر صحفي نظم ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2024،:”اكتمال المعجم التاريخي للغة العربية والانتهاء من طباعته هو احتفال للأمتين العربية والإسلامية، إذ تعد اللغة وعاءً حضارياً يحمل تاريخ وثقافة هذه الأمة”، مشيرا إلى أن هذا المعجم يمثل مرجعاً ثقافياً ومعرفياً يوثق تاريخ الألفاظ العربية وتطور دلالاتها،مما يعزز الهوية الثقافية العربية ويجعل لغتنا في متناول الأجيال المقبلة.
وزاد مبينا:”هذا الإنجاز لم يكن ليتحقق إلا بفضل التعاون المثمر بين الشارقة ومختلف المؤسسات اللغوية في الوطن العربي، خاصة أن مشروع المعجم هو خطوة أساسية نحو تعزيز اللغة العربية كوعاء حضاري شامل يوثق معارف الأمة وتاريخها”.
المعجم التاريخي للغة العربية
وقال القاسمي:”نحن هنا لخدمة اللغة العربية ودعم مجامعها في الوطن العربي، وهدفنا أن يكون المعجم شاهداً على غنى هذه اللغة وقدرتها على استيعاب مستجدات العصر، مع المحافظة على أصولها وقيمتها الحضارية.”
دعم إمارة الشارقة
وقدمت إمارة الشارقة، بقيادة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي دعماً لا محدوداً في تحويل فكرة “المعجم التاريخي للغة العربية” إلى واقع ملموس، من خلال توفير التمويل اللازم والدعم اللوجستي والمعنوي لكافة مراحل المشروع.
وبفضل هذه الرعاية المستمرة، بات المعجم مرجعاً لغوياً شاملاً يخدم الباحثين والمهتمين باللغة العربية حول العالم.
إنجاز استثنائي
ويعد المعجم التاريخي للغة العربية إنجازًا استثنائيًا من حيث الحجم والمحتوى، حيث يتضمن حوالي 73 الف مدخل لغوي، ويغطي أكثر من 21.5 مليون كلمة موزعة على 127 مجلداً. ويعتمد المعجم على نحو 351 الف شاهد تاريخي، مستندًا إلى 11 ألفًا و300 جذر لغوي.
ويصل إجمالي صفحات المعجم إلى حوالي 91 الف صفحة. وقد شاركت في إنجاز هذا المعجم أكثر من 20 مؤسسة لغوية وأكاديمية من مختلف الدول العربية، مما يجعله نتاج تعاون عربي مشترك يعكس ثراء وتنوع اللغة العربية عبر العصور.
خدمة المجتمعات العربية
يخدم المعجم التاريخي للغة العربية شريحة واسعة من الباحثين والمتخصصين والطلاب وحتى عامة الناس الذين يرغبون في معرفة جذور كلماتهم وتطور دلالاتها، من خلال تقديمه شواهد تاريخية دقيقة، يعزز المعجم الفهم العميق للتراث اللغوي العربي، مما يسهم في حماية الهوية الثقافية العربية من التأثيرات الأجنبية. فهذا المعجم ليس مجرد أداة بحث علمي، بل هو أيضاً بوابة ثقافية تسمح للأجيال القادمة بربط لغتهم بالتراث الحضاري للعالم العربي، مما يعزز الانتماء والاعتزاز بالهوية العربية.
وقال قال محمد حسن خلف، عضو مجلس أمناء مجمع اللغة العربية بالشارقة خلال كلمته الافتتاحية للمؤتمر:”يمثل مشروع المعجم التاريخي للغة العربية خطوةً رائدة في حفظ الإرث الثقافي واللغوي للأمة العربية”.
محمد حسن خلف، عضو مجلس أمناء مجمع اللغة العربية بالشارقة
وأضاف خلف:”هذا المشروع الطموح ليس مجرد مجلدات أو موسوعات تجمع الكلمات ومعانيها، بل هو جسر يربط بين ماضي الأمة وحاضرها، ويوفر للأجيال القادمة فهماً أعمق لتطور لغتهم عبر العصور. ونحن في مجمع اللغة العربية بالشارقة نرى أن المعجم التاريخي يُعد إنجازاً حضارياً لا يخدم دولة واحدة فقط، بل هو إرث لجميع الدول الناطقة بالعربية، وأداة توحيد ثقافي تثبت أن التعاون العربي قادر على إنتاج مشروعات هادفة تمتد آثارها لقرون قادمة.”
رؤية علمية عميقة
بدوره، أكد محمد صافي المستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة، والمدير التنفيذي للمعجم، على أهمية هذا الإنجاز الحضاري قائلاً: “إن المعجم التاريخي للغة العربية هو نتاج رؤية علمية وثقافية عميقة تتجاوز التوثيق اللغوي، حيث يعكس هذا المعجم طموح مجمع اللغة العربية بالشارقة إلى تقديم مرجع شامل يوثق مراحل تطور لغتنا العربية منذ بداياتها وحتى يومنا هذا”.
واعتبر مستغانمي أن هذا المعجم يقدم للعالم العربي دليلاً حياً على أن اللغة العربية هي أكثر من أداة للتواصل، بل هي وعاءٌ للمعرفة وحافظة للثقافة والتاريخ. وقال إنه بدعم من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، أصبحنا قادرين على تحويل هذا الحلم إلى حقيقة.
المستغانمي في المؤتمر الصحفي بالشارقة
نقلة نوعية في البحث اللغوي
من جهته، أبرز مقرر عام الفريق الأردني، والأستاذ الجامعي، محمد المسعودي، الدور الذي لعبته التقنيات الحديثة في هذا المعجم، مشيرا إلى أنه يمثل نقلة نوعية في مجال البحث اللغوي، حيث يوفر للباحثين والعلماء والعامة مصدراً موثوقاً يمكنهم من تتبع تطور الكلمات العربية ودلالاتها عبر العصور المختلفة، علما أنه تطلب جهدًا كبيرًا وتعاونًا بين المؤسسات اللغوية من مختلف الدول العربية ليتيح للمستخدمين تتبع تطور كل كلمة ضمن سياقاتها التاريخية المتعددة، مع تقديم شواهد دقيقة من الأدب العربي القديم والحديث، والنصوص الدينية، والفلسفية، والعلمية.
مقرر عام الفريق الأردني، والأستاذ الجامعي، محمد المسعودي
الحفاظ على التراث والهوية
يُجسّد المعجم التاريخي للغة العربية التزام إمارة الشارقة، بالحفاظ على التراث العربي والهوية الثقافية، خاصة أنه ليس مجرد سجل لتاريخ اللغة، بل أداة تعزز من قدرة اللغة العربية على مواكبة مستجدات العصر، مع الحفاظ على جوهرها الثقافي الذي يجعلها لغة علم وفكر وثقافة.
ولا يقتصر دور المعجم على التوثيق اللغوي، بل يتجاوز ذلك ليصبح جسرًا بين الأجيال الشابة وجذور لغتهم، من خلال تتبع تطور المفردات عبر العصور، يسهم المشروع في تعزيز الانتماء الثقافي، مما يجعل اللغة العربية أكثر قربًا وحيوية للأجيال الحالية والمستقبلية.
ومن خلال هذا الإنجاز، تقدم الشارقة للأمة العربية مشروعًا ثقافيًا غير مسبوق يضع اللغة العربية في مكانة علمية وتاريخية رفيعة. ليمثل المعجم التاريخي للغة العربية، إلى جانب الموسوعة العربية الشاملة، ركيزتين ثقافيتين تعززان الروابط الثقافية بين الشعوب العربية، وتوثقان تاريخ الأمة وتراثها المشترك.
يشار إلى أن المؤتمر الصحفي شهد حضوراً رفيع المستوى من أبرز الشخصيات الثقافية والأدبية في دولة الإمارات والدول العربية. وشارك في الفعالية عدد من رؤساء وأعضاء اتحادات الكتّاب والمثقفين، إلى جانب شخصيات إعلامية بارزة محلياً وعربياً، ومجموعة من الأكاديميين والباحثين المهتمين باللغة والتاريخ العربي.
وشهد المؤتمر أيضا حضور كبار الشخصيات المهتمة بالشأن الثقافي، مما يعكس أهمية المعجم التاريخي للغة العربية كمشروع حضاري يوحد الجهود العربية في الحفاظ على اللغة والهوية الثقافية.