أكاديميون فلسطينيون: الحضور المغربي في القدس امتداد لعلاقة تاريخية وروحية
ناصر الدين: كرسي الدراسات المغربية يحفظ الذاكرة ويعزز التضامن

استعرض باحثون وأكاديميون وكتاب مغاربة وفلسطينيون ملامح الحضور المغربي في القدس وفلسطين من أجل ترسيخ المعرفة بعناصر الثقافة المغربية في الشام والشرق الأوسط، وذلك خلال ندوة علمية، جرى تنظيمها مساء أمس الخميس من طرف وكالة بيت مال القدس الشريف، على هامش الدورة ال30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط.
تعاطف بالفعل
قال محمد سالم الشرقاوي، المدير المكلف بتسيير وكالة بيت مال القدس الشريف، إن الثقافة المغربية في فلسطين كانت لها ارتباطات وصلات من خلال الرحالة المغاربة وأيضا الحجاج، مشيرا إلى أن الندوة تهدف إلى نقل المغرب من خلال عيون الطلاب والأكاديميين وكيفية رؤيته من طرف أهل الشام، لتمثل أرضية لنقاش مثمر عن طريق من يشتغلون بكرسي المحاضرات في جامعة القدس.
وأضاف الشرقاوي:”كلها أمور جعلتني أعرف قيمة بلادي المغرب وأهنئ أنفسنا على الحظوة التي حققتها المملكة اليوم بشهادات زائريها، ممن لاحظوا كيفية تعامل المغاربة مع الفلسطينيين، في إطار تعاطف بالفعل وليس بالشعارات”.
علاقة متجذرة
من جانبها، أوضحت صفاء ناصر الدين، رئيسة كرسي الدراسات المغربية بجامعة القدس، أن الكرسي يمثل مشروعا حضاريا يجسد الرؤية المغربية في القدس والتي تعكس استراتيجية انبثقت من خلال تميز العلاقات بين المغرب وفلسطين، علما أن هذا الكرسي شيد على إرث هاته العلاقة المتجذرة والممتدة عبر قرون من خلال التأثيرات الثقافية المتبادلة.
وقالت ناصر الدين:”أقدم خالص الامتنان للملك محمد السادس الذي كان ومازال راعيا أمينا للقدس وأهلها، مع التقدير للرعاية المباشرة للكرسي عبر وكالة مال بيت القدس الشريف التي تتولى الإشراف عليه، هو تعبير صادق عن الرؤية الملكية الفذة في الدفاع عن القدس ليس فقط عبر العمران والوقف، ولكن أيضا عن طريق المعرفة والذاكرة، مما يشكل نافذة مشرقة على الدخول المغربي إلى القدس، كجزء من النسيج المقدسي الذي يأتي في وقت نبدو فيه في أمس الحاجة لأدوات معرفية لمواجهة محاولات الطمس والمحو من خلال العلوم والبحث الرصين”.
وأضافت ناصر الدين:”نطمح لإحياء هذه الروابط بين البلدين وإنتاج معرفة سليمة متجددة حول الثقافة المغربية وتأثيرها في المشرق وخاصة في بلاد الشام وبناء قاعدة بيانات تحمل الكثير من الأفكار للدارسين، هي دعوة لكل المؤسسات المغربية لبناء شبكات استراتيجية”.
وزادت مبينة:”نحن بحاجة لإيفاد أساتذة زائرين ودعم البحث وتبني مشاريع توثيق وإحياء التراث المغربي المقدسي وتنظيم أسابيع ثقافية مغربية في القدس، علما أن العلاقة بين البلدين لم تكن متسمة بالطابع السياسي فحسب، بل هي مسألة انتماء وجداني وثقافي، هو مشروع معرفي مستدام يساهم في حفظ الذاكرة وخاصة مشروع مشترك ببعد ثقافي حضاري”.
بدوره، اعتبر مشهور حبازي، عميد كلية الآداب بجامعة القدس سابقا، أن العلاقات بين المغرب وفلسطين ممتدة عبر 14 قرنا، مرت بتفاعلات وفترات مختلفة، في سياق إعادة وتجديد هاته العلاقات في الوقت الحالي في مجالات معرفية مختلفة، إذ بدأت برحلات من المغرب للمشرق، سواء للحج أو طلب العلم، أو للجهاد دفاعا عن المقدسات، فالمغاربة لهم باع في الجهاد في الشرق، كما أن المشارقة كانوا أيضا يأتون للمغرب طلبا للعلم.
وأشاد حبازي بالدور الذي تضطلع به وكالة بيت مال القدس الشريف على مستوى العلاقات المغربية- الفلسطينية، مضيفا:”نثمن هذا الدور الكبير الذي يضطلع به المغرب، ملكا وحكومة وشعبا، في دعم فلسطين، والقدس، ونأمل أن تكون الوكالة دوما داعما أساسيا للامتداد التاريخي والثقافي بين البلدين”.
من جهته، قال وليد شرفا، روائي وأستاذ التعليم العالي بجامعة القدس، إن عمق العلاقات المغربية- الفلسطينية التي تتجاوز 14 قرنا على الأقل ساهمت في خلق تمثلات شعبية تنتج الوعي والذاكرة.
وأشار شرفا إلى دعم الحركة الوطنية المغربية للكفاح الفلسطيني من خلال تدخلها بضمير جماعي، مستحضرا قول زعيمها علال الفاسي:”عهد إلينا أن نصون كياننا ونرد عار تلك النكبة”.