“معرض الكتاب”.. تأكيد على دور الرواية العربية في محاكاة المجتمع والدفاع عن الحريات

استعرضت ورشة الأدب أفقا للتفكير مساهمة الرواية العربية في مواجهة أفكار التخلف والتطرف والتسلط إلى جانب عملها على تعزيز قيم الديمقراطية والمواطنة في المجتمع المدني، مع الاهتمام بقيم الاختلاف وحرية التعبير وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والأقليات، وذلك في ندوة بعنوان:”الرواية العربية والمجتمع المدني” التي احتضنتها قاعة تواصل بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في الرباط في دورته ال30، مساء الخميس.
وقال الجامعي والكاتب هشام موساوي، إن كتابات غسان كنفاني مثلا سعت لفك الحصار على الهوية الفلسطينية والتعريف بكافة أنواع الظلم والتنكيل الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، فضلا عن روايات أخرى في نفس السياق سجلت أثرا ممتدا وأثارت الرأي العام العالمي، مشيرا إلى أهمية”أدب السجون” لكونه سعى لفضح ممارسات، في إحالة لرواية”كان وأخواتها” لعبد القادر الشاوي التي تدخل في نطاق قصص السجون السياسية في المغرب.
واعتبر موساوي أن الحرية الأدبية وتعرية الواقع يصطدم بالرقابة علما أن المجتمع له مؤسسات، متسائلا:”هل تساهم الرقابة والحذف في تعطيل النشر واستمرار هذا النوع من الأدب أم أنه يعطي زخما أكبر لتلك الأعمال؟”.
وأشار موساوي إلى جدل تحويل عدد من الروايات لأعمال سينمائية وفنية، وهو ما يسائل عدم قدرتها على التأثير مجتمعيا في ظل الاستناد لوسيط آخر.
بدورها، أوضحت هالة البدري، صحفية وكاتبة روائية، تأثير مجموعة من الروايات في عدد من الأحداث، حيث أصبحت بمثابة وثيقة تاريخية، في إشارة لروايات تشارلز ديكنز، وما نقله من صور للفقر وحياة الناس والفوارق الطبقية، مؤكدة على سعي الفن لبناء وجدان الإنسان وتعزيز القيم وحرية التعبير وحقوق الإنسان.
وقالت البدري إن الرواية قادرة على استيعاب الصراع الدائر بين مختلف الاتجاهات ومقاربة كل التناقضات وتعرية الاختلالات، منها مقاربة العدل الاجتماعي والتمرد على العدم الديمقراطي، وهو ما أشارت إليه كتابات غابرييل غارسيا ماركيز.
وتناولت البدري أيضا اهتمام الكتاب بالتاريخ، في إشارة لروايات عبد الرحمان منيف والطيب صالح وعبد القادر الشاوي وغيرهم، بوجود كتابات تناضل من أجل التحرير وتحمل رسائل قيمية مهمة، معتبرة أن كتاباتها تتجه في ذات الإطار، إذ تعبر عن القيم بشكل واعي يأتي من إيمانها بكون الفن رسالة وليس فقط مجرد تعبير جمالي.
وزادت مبينة:”أعمالي تدور حول الحرية ومحاولة فهم الإنسان بضعفه قبل قوته، فالصورة التي يقدمها الكاتب تدفع الإنسان للتفكير في أسلوب حياة أرقى، وهنا أشير إلى قيامي بنقل تجربة حية انطلاقا من عملي كممرضة طوارئ في حرب أكتوبر، فضلا عن رواية”منتهى” التي تقارب الكفاح المسلح في مصر ضد الإنجليز، بالإضافة إلى سعيي لإبراز نماذج إيجابية من رجال يحفزون أبناءهم في الحياة، وهو ما يؤثر على القارئ ويجعله يقتدي بنموذج حامل للقيم الإنسانية الرفيعة”.
وأبرزت البدري وجود كم كبير من الرقابة على الأعمال الأدبية والتلفزيونية أيضا في مصر خاصة بعد ثورة يناير، مما أدى لبروز أشكال رمزية تعبر عن الأشياء موضوع الرقابة للهروب من السيطرة المفروضة.