أخنوش: هناك أزمة حقيقية في المدرسة المغربية
سجل طي الحكومة لملف المتعاقدين بقيمة تناهز مليارين و400 مليون درهم

قال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، إن التقييمات الوطنية والدولية أظهرت وجود أزمة حقيقية في التعلمات الأساس في المدرسة المغربية.
وذكر أخنوش، اليوم الاثنين، في جلسة الأسئلة الشفوية الشهرية بمجلس النواب، أن المغرب يشهد تفاقم ظاهرة الهدر المدرسي، بتسجيل انقطاع 300 ألف تلميذ عن المدرسة سنويا داخل الأوساط الحضرية والقروية من سنة 2019، إذ كان من الضروري تدارك الخصاص المسجل بعد مشاورات واسعة، لتتم بلورة خارطة طريق لإصلاح التعليم 2022 -2026.
وأبرز أخنوش أنه خلال 25 سنة منذ تربع الملك محمد السادس على العرش، شكلت المدرسة المغربية أولوية وطنية لديه، مشيرا إلى أول خطاب للعرش سنة 1999، حيث شكلت التربية والتكوين ثاني أسبقية وطنية بعد الوحدة الترابية وفي خطاب آخر للعرش سنة 2015 سجل الملك محمد السادس أن إصلاح التعليم يجب أن يركز على المهارات وإتقان اللغات بما يسمح بالاندماج في المجتمع، مشددا على أن الرؤية الملكية شكلت خيارا استراتيجيا ضمن غايات القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الذي أرسى تعاقدا جديدا، يمكن من إرساء مدرسة عمومية تضمن المساواة لتحقيق الارتقاء بالفرد وتقدم المجتمع.
وقال رئيس الحكومة:”اختياراتنا الحكومية كانت واضحة عبرنا عنها في البرنامج الحكومي، و نسجل باعتزاز المؤشرات الإيجابية التي يشهدها قطاع التعليم الأولي والرياضة، علما أن الحكومة تولي أهمية للتعليم ورد الاعتبار لمهنة التدريس وإنجاح الحوار الاجتماعي القطاعي باعتماد رؤية تشاركية مع النقابات التعليمية وتعبئة الموارد المالية اللازمة بتعبئة 9 مليار و500 مليون درهم كل سنة، بما انعكس على أسرة التعليم في المغرب في تجاه بناء مدرسة عمومية تضمن الارتقاء الاجتماعي والاندماج في مغرب المستقبل”.
وزاد مبينا:”قناعة الحكومة تهم الإصلاح الشمولي للمنظومة التعليمية وهو ما يتطلب توفير الإمكانيات المادية، لذا عبأنا ميزانية تبلغ 85 مليار درهم مقابل 68 مليار درهم سنة 2019، والهاجس هو إعادة بناء الثقة في المدرسة والتدخلات الحكومية ترتكز على إحداث قطيعة مع الأساليب السابقة التي تحول دون تطويرها، منها ارتفاع نسب الهدر المدرسي في الإعدادي والثانوي”.
وحول مشروع مؤسسات الريادة، أوضح أخنوش أن الارتقاء بالمدرسة العمومية يعد أولوية استراتيجية لدى الملك محمد السادس، مؤكدا أن المغاربة يريدون لأبنائهم تعليما جيدا وذلك في خطاب له في افتتاح السنة التشريعية سنة 2017، علما أن الإصلاح يتوخى إحداث نقلة نوعية في مدرسة المستقبل، و مدارس الريادة تمثل تجربة رائدة لتحسين التعليمات بالاعتماد على أساليب جديدة في طرق التدريس”، لافتا إلى أن الموسم الدراسي الماضي شكل الانطلاقة الفعلية لمدارس الريادة، التي تمت مواكبتها ببرنامج طموح لمعالجة التعثرات وفق المستوى المناسب لكل تلميذ، والتي كان لها نتائج جد مشجعة بتحقيق تحولات مهمة في مستويات الإدراك لدى المتعلمين، وكان لها أثر إيجابي في المواد الأساسية، حيث ساهمت بيئة التعلم الملائمة في تحقيق النجاعة في تفاعلاتهم داخل الفصل الدراسي، خاصة أن هؤلاء التلاميذ حققوا نتائج أفضل مقارنة مع 82 في المائة من غير المستفيدين منهم.
وأكد أخنوش أن الحكومة كان لها الشجاعة الكافية لتقييم مشروع الريادة من طرف مؤسسات خارجية لمعرفة التحديات والصعوبات التي وجب العمل على تفاديها، مشيرا إلى أن الدخول المدرسي السابق كان محطة متميزة تزامن مع توسيع مشروع مؤسسات الريادة، مبينا:”ندرك أن تطوير المدرسة المغربية رهين بتحديث البنية التربوية وبالتالي ضرورة تطوير المنظومة الرقمية، وهنا عملت الوزارة على إحداث 189 مؤسسة ابتدائية منها 129 في الوسط القروي، لما لها من أدوار رئيسية في تقليص نسب الهدر المدرسي، كما عملنا على توفير بنية رقمية حديثة وجهزنا أزيد من 30 ألف قسم بالمعدات التربوية والبيداغوجية لإنجاح مؤسسات الريادة”، منوها بالانخراط المسؤول لمكونات الحقل التربوي في البلاد بمساهمة 44 ألف من الأساتذة ومشاركة طوعية ل 560 مفتشا تربويا.
وسجل أخنوش أن الحكومة تملك تصورا جديدا للتكوين في إطار المواكبة المستمرة للأطر التربوية في الفصول الدراسية وقياس مستوى التعلمات، بإطلاق دورات تكوينية، وقد أكدت النتائج نجاح الممارسة التربوية، مضيفا:”لا نسعى من خلال مشروع مؤسسة الريادة لخلق مدارس نخبوية أو فئوية بل جعلها انطلاقة لمدرسة المستقبل التي تضمن الإنصاف والعدالة لمختلف أبناء المغاربة على مختلف مستوياتهم، وإرساء نموذج للمدرسة الجديدة لترسيخ مدرسة تكافؤ الفرص والجودة للجميع”، داعيا البرلمان للعناية اللازمة بهذا المشروع وفتح النقاش حول مستقبل المدرسة المغربية.
وبالنسبة للتعليم العالي، قال رئيس الحكومة:”نهدف للارتقاء بالرأسمال البشري استنادا للتوجيهات الملكية ومواكبة الأوراش التنموية من حيث الابتكار والرفع من قابلية التشغيل لدى الخريجين بتكوينات ذات جودة عالية، بتسجيل إقبال متزايد على التكوينات الجامعية بمليون و300 ألف طالب، فخلال السنة الحالية، واصلنا تفعيل الإصلاح البيداغوجي الجديد باعتماد 4 آلاف مسلك جديد، كما عملنا على إحداث مراكز جديدة للتميز للمؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح والموجهة نحو مهن المستقبل”.
وزاد مبينا:”نهدف لبلوغ 100 ألف خريج سنة 2025 من المهندسين والأطر المتوسطة والرفع من كثافة مهنيي الصحة سنة 2030، مع تعزيز أعداد خريجي الجامعات في التخصصات الرقمية”.
وبشأن النهوض بالبحث العلمي والابتكار، شدد المسؤول الحكومي على التنزيل الفعلي لإصلاح سلك الدكتوراة، مع مواصلة تنزيل البرنامج الوطني لتكوين ألف طالب دكتور من الجيل الجديد تسند إليهم مهام التأطير البيداغوجي مقابل منحة شهرية في حدود 7 آلاف درهم، مشيرا إلى تحسين الوضعية المادية والاعتبارية لمهنيي التعليم.
وأضاف أخنوش:” وبجرأة سياسية منقطعة، تحملنا المسؤولية لطي ملف المتعاقدين بشكل نهائي يهم 115 ألف موظفا في القطاع واتخاذ الإجراءات اللازمة لتسوية وضعيتهم المالية والإدارية بقيمة مليارين و400 مليون درهم”.
وخلص قائلا:”إصلاح التعليم ورش عميق يتطلب نفسا مؤسساتيا وإرادة صلبة، و نلتزم بكل جدية على تحمل المسؤولية في هذا القطاع الحساس والقطع مع نهج التردد الذي طبع مجموعة من التجارب”.