“التقدم والاشتراكية”: إفشال ملتمس الرقابة تم لأسباب”هامشية”

أعربَ المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية عن أسفه إزاءَ الإِفشال الذي تعرَّضت له مبادرةُ تقديم ملتمسٍ للرقابة، لأسبابَ هامشية وثانوية لم يدخل فيها أبداً الحزبُ الذي ظلَّ مترفِّعاً عنها ومتمسِّكاً بحرصه فقط على نجاح المبادرة في أهدافها ومضامينها، حيث ساهم منذ البدء في تقريب وجهات نظر مختلف مكونات المعارضة، أولاً من أجل أن تكون هذه المبادرة، ثم من أجل إيجاد حلٍّ لتجاوز شكليات تقديمها.
في غضون ذلك، أكد حزبُ التقدم والاشتراكية، في بيان له، على أنَّ جعل الشكليات أولويةً، عوض التركيز على الجوهر السياسي للمبادرة، فَوَّتَ لحظةً تاريخية فارقةً، تُترجمُ وتعبِّرُ عن السخط الشعبي العارم على أداء هذه الحكومة، وتتيحُ مساحة مؤسساتية لمُحاكَمَتها ومُساءلتها سياسيا أمام الرأي العام الوطني، على فشلها المتعدد والذريع، وعلى عدم تجاوبها مع انتظارات المغاربة، وعلى عدم وفائها بالتزاماتها المعلنة.
وقال البيان إنه في وقتٍ كانت تسيرُ فيه الأمورُ نحو إيجاد صيغةٍ مناسِبة لشكلياتِ تقديم هذا الملتمس، تَحَمَّلَ مكوِّنٌ من مكونات المعارضة مسؤوليةَ الإقبار النهائي لهذه المبادرة، من خلال إعلانه المنفرد انسحابَهُ التام منها. وهو ما يُثير أسفَ حزبِ التقدم والاشتراكية وتساؤلاتِهِ، على غرار أوساط مختلفة في المجتمع، حول أسباب هذا القرار، مشددا على أنه سيظل حامِلاً مشعلَ المعارضة الوطنية، الديموقراطية والتقدمية، وفق الخيط السياسي الناظم الذي يؤطر هذا الموقع، منذ بداية الولاية الحالية، والذي سيستمرُّ إلى نهايتها، دون تذبذب أو تردُّدٍ أو مناورة، في تناغُمٍ بين مواقفه المعلنة وتصرفاته الواضحة وتصويتاته العملية، ومُبرزاً نقائص واختلالات الأداء الحكومي في شتى المجالات، الديموقراطية والاقتصادية والاجتماعية، وحريصاً على تقديم البديل الديموقراطي التقدمي.
من جهة ثانية، تناول المكتبُ السياسي مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بما تتسم به من غلاءٍ متواصل لكلفة المعيشة، وتدهور مستمر للقدرة الشرائية، وارتفاعٍ في معدلات البطالة، وإفلاسٍ كثيف للمقاولات، وكل ذلك في ظل غياب أيِّ إجراءاتٍ قوية وملموسة وذات أثر من قِبَلِ الحكومة.
وسجل الحزب إصرار الحكومة على تقديم الدعم الجبائي والجمركي لمستوردي المواشي، مع تَمَلُّصها المُستَهْجَن من الخضوع للمراقبة البرلمانية، من خلال مناورتها إزاء مبادرة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، بل وحتى إزاء تشكيل مجرد مهمة استطلاعية برلمانية وفق معايير حيادية وموضوعية.
وتوقف المكتبُ السياسي عند مستجدات مناقشة مشروع القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية في البرلمان، بما يكتسيه هذا النصُّ من أهمية بالغة، من حيث كونُهُ أداةَ قياسٍ أساسية لجودة التأطير التشريعي لممارسة الحقوق والحريات الفردية والجماعية، خاصة ما يتعلق باحترام حقوف الدفاع والتقاضي وضمانات المحاكمة العادلة، وقرينة البراءة، وحماية الأمن القانوني.
وسجل حزبُ التقدم والاشتراكية المجهودات الوزارية من أجل أنَّ يتضمَّنَ المشروع فعلاً العديدَ من المقتضيات الايجابية التي من شأنها أن تساهم في تحسين مسار الضوابط الإجرائية، مثمنا المجهود المبذول لأجل تجاوز بعض الاختلالات المتعلقة بالشكليات المسطرية التي تكون لها انعكاساتٌ مباشرة على ضمان حقوق الأشخاص المشتبه بهم أو المتهمين.
وأشار الحزب إلى أن فريقهُ النيابي حواليْ 170 تعديلاً لم تُقبَل منها سوى 12، صوَّتَ برفض المشروع، طالما أنه (الحزب) كان يطمح إلى أن يرقَى هذا المشروع أكثر إلى إحداث التقدُّم المنتظَر، وإلى المراجعةٍ الجذرية والعميقة للمسطرة الجنائية التي لا يزالُ يشوب عدداً من جوانبها ضُعفُ التوازن بين الحق العام، كتعبير عن مصلحة المجتمع، وبين حق الشخص المتهم في محاكمة عادلة، من خلال تمتيعه بما يكفي من ضمانات المحاكمة العادلة وقرينة البراءة، لافتا إلى أنّه كان يطمح إلى تفادي السلبيات المرتبطة بالتقييد التعميمي لحق كافة الجمعيات في التبليغ عن قضايا المال العام، وذلك من خلال بلورة اجتهادٍ تشريعي يُمَيِّزُ، بهذا الصدد، ما بين ممارسات الجمعيات الجادة والمسؤولة وما بين الممارسات السلبية في فضاءِ مجتمعنا المدني.