الصمدي بين أبواب الحكومة ونوافذها
لم يلبث خالد الصمدي طويلا بعد إعفائه من مهامه بصفته كاتبا للدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، إذ سرعان ماعاد إلى النسخة الثانية من حكومة سعد الدين العثماني متقلدا منصب مستشار لرئيس الحكومة، مكلفا بالتعليم.
والصمدي الذي كان أيضا مستشارا لرئيس الحكومة السابق عبد الإله بن كيران، قبل أن يصبح كاتبا للدولة في وزارة أمزازي، أزاحه التعديل الحكومي الأخير من هذا المنصب، حيث تم تقليص عدد وزراء الحكومة بإلغاء عدد من كتابات الدولة، وإلغاء وزارات بأكملها مثل وزارة الاتصال.
تخرج الصمدي من المدرسة العليا للأساتذة، حيث حصل على شهادة الأهلية التربوية بمراكش سنة 1988، ليعمل أستاذا لمادة التربية الاسلامية بالإعدادي ثم الثانوي خلال السنوات الواقعة ما بين 1985 و1992، قبل أن يحصل على شهادة الدكتوراه في الدراسات الاسلامية من جامعة سيدي محمد بن عبد الله -فاس سنة 2000.
بدأ الصمدي العمل أستاذا جامعيا في المدرسة العليا للأساتذة التابعة لجامعة عبد المالك السعدي-تطوان، في تخصص التربية والدراسات الإسلامية منذ 1992، وما يزال كذلك إلى اليوم. وفي الفترة ما بين 2013 و2016 اختاره رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران مكلفا بالتربية والتكوين والبحث العلمي.
ويثير إصرار العثماني على تكليف خالد الصمدي بمهام هذا القطاع سواء أكان في كتابة الدولة أو في منصب مستشار لرئيس الحكومة، فضلا عن تقلده مسؤولية شبيهة خلال فترة رئاسة بنكيران للحكومة، الكثير من علامات الاستفهام، خصوصا بالنظر لما يكتسيه هذا القطاع من حساسية وأهمية، وما يتطلبه من كفاءات في جودة الإدارة، وهو ما يقتضي بحسب بعض المتابعين توفر المكلفين به على الأقل ولو على خبرة إدارة مؤسسة جامعية أو أكاديمية للتربية والتكوين.
وإثر عودته إلى الحكومة من بوابة مستشار لرئيسها، قال الصمدي، في تدوينة نشرها على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك: “ابتداء من هذا الأسبوع، استأنفت بتوفيق الله وحسن عونه، مسار تنزيل إصلاح المنظومة التربوية من موقع جديد، بصفة مستشار لرئيس الحكومة مكلف بقطب التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي والثقافة”.
وأردف الصمدي موضحا أن “هذا القطب يضم فريقا من الخبراء المتميزين، المتخصصين في هذا المجال برئاسة الحكومة”، مشيرا إلى أن “البداية ستكون بوضع برنامج عمل، ومخطط تنفيذي، ومؤشرات الإنجاز إلى جانب آليات التتبع، والتقييم”.
هذا، ولم يسلم الصمدي من التعليقات التي انهالت عليه فور نشره تدوينته، فقد سارع أحدهم إلى القول: “يبدو أن مهمتك كانت محددة في تمرير القانون الإطار”، في إشارة منه إلى القانون الذي اعتمدته الوزراة الوصية على القطاع بُغية إعادة هيكلته، وما نجم عنه من مشاكل في مقدمتها مشاكل “الأساتذة المتدربين” فيما ذهب معلقون آخرون إلى أن الصمدي يهمه فقط التعويض الذي سيتلقاه، مؤكدين أنه لو كان يهدف إلى خدمة القطاع لفعل ذلك حينما كان وزيرا.
مهمة الصمدي هذه جاءت في إطار حكومة العثماني الثانية التي نعتت بـ”حكومة الكفاءات”، غير أن عودته أثارت العديد من الأسئلة، خصوصا مع المشاكل التي يعانيها قطاع التعليم في المغرب، وتخبط الحكومة والوزارة الوصية دون أن تتمكن من إيجاد مخارج للحوار مع الأطراف المكونة للقطاع من نقابات ومتمدرسين، ليعود الجدل حول ما الذي سيقدمه مسؤول حكومي معين اتجاه هذا لاقطاع فقط بتغيير موقعه من كاتب دولة إلى مستشار لرئيس الحكومة.