الشرقاوي لـ”صحراء ميديا المغرب”: هذه أبعاد ودلالات تقليص عدد الوزراء في حكومة العثماني الثانية

أعاد تقليص عدد الوزراء في النسخة الثانية من حكومة سعد الدين العثماني، نقاش ترشيد الانفاق الحكومي إلى الواجهة، خصوصا وأن قطاعا عريضا من الرأي الاعام المغربي ومستخدمي وسال التواصل الاجتماعي وجهوا انتقادات لاذعة خلال الفترة الماضية، مستنكرين عدد كتاب الدولة الذين بلغ عددهم في النسخة الأولى من حكومة العثماني 12 كاتبا، ومطالبين بإلغاء هذه الكتابات، خصوصا بعد إعفاء شرفات أفيلال المنتمية لحزب التقدم والاشتراكية من منصبها ككاتبة دولة لدى وزارة التجهيز والنقل والماء واللوجستيك المكلفة بالماء، وإلغاء منصبها.

ويلجأ الكثير من معارضي توسيع الاستوزار في الهندسات الحكومية، إلى المقارنة مع حكومات بعض الدول الأوروبية، متسائلين عن الجدوى من العدد الكبير للوزراء الذي وصل إلى 40 وزيرا في حكومة العثماني الأولى، قبل أن يتم تقليص العدد إلى  24 وزيرا فقط، شمل حذف معظم كتابات الدولة، وحذف وزارات بأكملها مثل وزارة الاتصال.

ويربط مراقبون وباحثون مهتمون بالشأن الحكومي المغربي، بين عدد الوزراء في الحكومات المغربية، وبين النجاعة والأثر في السياسات العمومية من جهة، وبينه وبين التداخل بين الصراع السياسي وضروروات الانسجام الحكومي على مستوى صنع البرامج ذات الأثر الإيجابي، خصوصا وأن تقليص معدلات الإنفاق على التسيير الحكومي لا تعني دائما أن المواطن يعيش انعكاسات إيجابية ملموسة.

وفي هذا الصدد قال عمر الشرقاوي، الباحث في علم السياسة، خلال تصريح خص به “صحراء ميديا المغرب” إن “خيار تقليص عدد الوزراء في الحكومة، هو من نقط الضوء القليلة الموجودة في هذا التعديل الحكومي”، موضحا أنه “ليس خيارا للطبقة السياسة، بقدر  ما هو توجه على مستوى أعلى منها، حيث أنه لما كان مسموحا لهذه الطبقة أن تشكل الحكومة بناء على توافقاتها سنة 2012 و2014 و2016، شكلت حكومات موسعة”، عازيا ذلك إلى “أن الترضيات الحزبية هي التي تتحكم في تلك الهندسات، ولا تتحكم فيها العناصر التقنية وخلفيات التدبير”.

وأضاف المتحدث ذاته أنه من بين موجبات هذا التقليص كانت هناك “معضلة كتاب الدولة الذين كان بعضهم بدون اختصاصات أو تفويض من الوزراء الأوصياء على القطاع، إضافة إلى الارتباك والخلافات السياسية الحادة بين الوزراء وكتاب الدولة، مثل خلافات الوزيرة شرفات أفيلال مع الوزير عبد القادر اعمارة، وخلافات الوزير سعيد أمزازي مع الوزير خالد الصمدي”، مؤكدا أن “هذا الوضع قد أدى إل تداخل بين الصراعات السياسية بين الأحزاب، وبين أجندات السياسات العمومية، ما أثر بشكل واضح على تدبير القطاعات الوزارية”، ومشيرا إلى “أن أي وزير يسعى إلى الدفاع عن مصالح وتوجهات حزبه في التدبير الحكومي، ومن الطبيعي أن يؤثر هذا على تدبير أي قطاع يوجد على رأسه وزير وكاتب للدولة”.

وأردف الشرقاوي أن “تقليص عدد الوزراء بالرغم من ذلك لا يمكن أن ننتظر منه الشيء الكثير، قياسا إلى الزمن المتبقي من عمر الحكومة، والذي لن يتجاوز سنة ونصف، وبعد ذلك ستتحول إلى حكومة لتصريف الأعمال خلال الزمن الانتخابي الوشيك”، مشيرا إلى أن “قانون المالية الذي أحيل على البرلمان هو عنوان للتدبير الحكومي خلال هذه الفترة المتبقية”، ومؤكدا “أنه لا يظهر أي تغييرات جوهرية، باستثناء الزيادات التي شهدتها ميزانية قطاع التعليم، باعتبار اقتراب موعد دخول القانون الإطار حيز التنفيذ”.

وختم الباحث ذاته حديثه بالتأكيد على أن المغرب “يعيش تحولا دستوريا مهما، ويحتاج الآن إلى انتخابات تفرز تكتلات حقيقية وحكومات بأحزاب لديها امتدادات واسعة في المجتمع، وهذا لا يمكن تحقيقه في ظل برلمان مبلقن ومشتت”، مشيرا إلى أن “هذه البلقنة تذيب البرامج الحزبية داخل البرامج الحكومية، والتي تتحول بدورها إلى مجرد إنشاءات”، وداعيا إلى “مراجعة الترسانة القانونية والانتخابية من أجل ضبط عدد الأحزاب المشكلة للحكومة، ومن ثم عدد الوزراء الذي سيقودون قطاعاتها الوزراية”.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى