فن الشارع.. ملاذ شباب مغاربة لعرض مواهبهم ومحاربة البطالة

يحولون شارع محمد الخامس لساحة عروض

مع نهاية كل أسبوع، يتحول شارع محمد الخامس وسط العاصمة المغربية الرباط، إلى ساحة تعج بالعروض الموسيقية والترفيهية المختلفة، يؤديها شباب فرادى ومجموعات في زوايا متفرقة من الشارع الذي تقصده غالبية الأسر للترويح عن النفس والتخلص من ضغط أسبوع عمل مثقل بالواجبات وإكراهات الحياة.
 
فضاء للترويح 

يحرص سعيد، ذو الثلاثين ربيعا رفقة أصدقائه نهاية كل أسبوع على زيارة وسط المدينة للاستمتاع بالعروض المقدمة من طرف الفنانين الشباب، إذ يجد فيها فرصة للترفيه والاستمتاع بالموسيقى الشبابية التي يحبها.

ويرى سعيد في حديث مع لـ”صحراء ميديا المغرب” أن فناني الشارع يضفون على وسط مسحة جمالية تفتقدها الكثير من المدن المغربية، ويؤكد أن المجتمع في حاجة إلى مثل هذه العروض للتخفيف من حدة الضغط والاحتقان الذي يكابده معظم المغاربة، خاصة الشباب منهم بسبب غياب فرص الشغل وغلاء المعيشة.

وأضاف الشاب الذي بدا سعيدا وهو يتابع مقطعا غربيا خفيف الإيقاع، “أقتنص هذه اللحظات مع أصدقائي للهروب من الواقع ونسيانه”، مبرزا أنه غادر عمله قبل أسابيع ومازال في طور البحث عن فرصة جديدة.

بدورها، تقول الحاجة فاطمة التي كانت تتابع عرضا لفريق يؤدي حركات استعراضية، إنها سعيدة برؤية هذه العروض التي تروح عن النفس وتخلق أجواء فرجة رائعة تروق الكبير والصغير.

وأكدت المرأة التي تجاوزت عقدها السادس، لـ”صحراء ميديا المغرب” وهي تتطلع للحركات المثيرة، أن ما تتابعه يمثل “حماس الشباب وقوته. وهذا شيء حسن يدخل البهجة على نفوس الصغار والكبار”.

حاجة مجتمعية

في الزاوية المقابلة لمحطة القطار، شاب في ربيعه الثامن والعشرين، محاط بعدد من المارة، يؤدي وصلات موسيقية بآلة القيثار التي تداعبها أنامله في انسجام تام مع الحركات والكلمات التي تطرب المارة وتستهوي بعضهم للوقوف للاستماع لأداءه الحماسي.

سياف الحسيني، هو واحد من فناني الشارع، الذين يقدمون عروضا شبه يومية في شارع محمد الخامس، الذي أضحى في الآونة الأخيرة فضاءا للمنافسة على كسب ود المارة في شبه مهرجان غنائي مفتوح تلتقي فيه مختلف الألوان الموسيقية.

يقول سياف لـ”صحراء ميديا المغرب” إن قصته مع الفن، بدأت منذ سن مبكرة واضطره شغفه بالقيثار إلى مغادرة الدراسة في وقت مبكر، لكنه يصر على أنه متعلم وذو مستوى ثقافي محترم جعله يسعى من خلال الفن إلى إيصال أحاسيسه ومشاعره إلى الجمهور والمجتمع.

وأضاف “درست بطريقة أخرى غير اتباع الأسلوب الأكاديمي، وتعلمت اللغات الموسيقى في مدينة مكناس، ولم تساعدني الظروف على عرض موهبتي في مدينتي واضطررت لمغادرتها بحثا عن ذاتي وتفجير موهبتي وتبليغ رسالتي”.

يثق الشاب سياف في قدراته، ويؤكد أنه يحاكي الواقع الذي تعيشه البلاد من خلال الموسيقى والكلمات التي يرددها، حيث قال: “الموسيقى التي أقدمها للجمهور فيها رسالة وهي تنتمي لصنف الموسيقى الاجتماعية، وأكتب الكلمات التي أغنيها بنفسي”، مشددا على أن الشعب في حاجة إلى إبداعاته وفن الشارع بصفة عامة.

مورد رزق

عكس سياف الذي يقول إنه يضحي من أجل إيصال رسالته الفنية للمجتمع، لا يجد علي، ابن مدينة سلا، أي حرج في التأكيد على أنه يتخذ من الشارع العام فضاء لعرض موهبته رفقة زملائه من أجل كسب الرزق.

يقول علي: “نحن 8 شباب نشكل فريقا يؤدي فنون السيرك والحركات الرياضية نحرص على التواجد في شارع محمد الخامس كل نهاية أسبوع”، وأضاف “بيننا طلاب يشتغلون من أجل تأمين مصاريف الدراسة وتغطية تكاليف النقل”.

وبين الشاب ذي الأربع وعشرين ربيعا في حديث مع لـ”صحراء ميديا المغرب” أنه يحصل على مقابل مادي من هذه الحرفة لا يقل عن 7 دولارات في اليوم كحد أدنى و25 دولارا كأعلى أجر يحصله، رفقة زملائه الذين يبدعون في تقديم عروض السيرك في الشارع العام التي تلاقي إقبالا كبيرا من طرف المارة.

“هذه هي الحياة ونحن نقاتل من أجل تأمين المصاريف” بهذه العبارات ختم علي تصريحه، الذي يضمر نوعا من عدم الرضا عن الوضع الذي يعانيه إلى جانب عدد من الشباب الذين لجأوا إلى فن الشارع لمحاربة البطالة وغياب فرص الشغل الكافية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى