الأشعري: نعيش سجناء الانتقال الديمقراطي في المغرب

قدم روايته الجديدة"العين القديمة"بالرباط

نادية عماري

قال محمد الأشعري، الكاتب والشاعر و وزير الثقافة المغربي الأسبق، إن المواطنين يعيشون في بحث دائم عن الانتقال الديمقراطي و كأنهم سيظلون سجناء لهذا الأمر للأبد، خاصة أنه منذ أكثر من ربع قرن والمجتمع يراوح نفس المكان، مما يتحول إلى إرهاق للذات.

وأشار الأشعري، الذي كان يتحدث مساء الجمعة في حفل تقديم روايته الجديدة”العين القديمة”، مساء الجمعة بالرباط، الى استحضاره للعديد من القضايا أثناء الكتابة، منها اهتمامه بالازدواجية الموجودة في الشخصية المغربية، والتي تعد الرياضة الوطنية الأولى في المغرب، بوجود تناقضات كثيرة يحملها نفس الشخص.

وأضاف قائلا:”يوجد في كل شخص جانب محافظ رجعي و آخر تقدمي و حداثي، شخص متدين و آخر متمرد، في كل الأوضاع التي نعيشها، تشتغل هذه الازدواجية الخطيرة أحيانا، وتلغم حياتنا ومصائرنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مما يخلق دهشة من إمكانية التعايش لشخصيات متنافرة داخل شخص واحد”.

وأوضح الأشعري أن النظام السياسي هو الأكثر تعبيرا عن هذه الازدواجية المتصادمة التي تتم بالسكون في نفس الوقت.

واعتبر الكاتب المغربي أن المشكل الآخر الذي يواجه المجتمع هو الوقوف في منتصف الطريق، علما أنه لا يهتم بإتمام الأمور، بل يكتفي فقط بخلق نوع من الحماس والضجة في بدايتها لكنه ينصرف عنها لاحقا لأشياء أخرى.

من جهته، أوضح رئيس اتحاد كتاب المغرب الأسبق، عبد الحميد عقار، أن”العين القديمة” رواية مركبة، مشحونة بوجهات نظر متصادمة، تسلط أضواء كاشفة وتضع نقاط استفهام حول معنى وقيمة مكانة المجتمع التاريخية والاجتماعية لحقبة من الستينيات حتى يوم نشرها.

وقال عقار:”تكشف ما في وجودنا من أعطاب و عجز و صمت مقابل الاكتفاء بالتفرج من بعيد كما لو أن ما يحدث لا يعنينا مطلقا، هي بمثابة بحث عن غدنا المحتمل من خلال تعدد إمكانات تأويلها و تحليلها للولوج إلى هذا العالم المركب دون تعقيد”.

وأشار عقار إلى أن الأمر يتعلق برواية سردية و رواية إبداع مسرحي درامي، بحيث أن كل شيء يصاغ أمام المتلقي، و هو ما يتمثل في إحدى الشخصيات الرئيسية”مسعود”، الذي يبتكر لنفسه شخصية أخرى، يعيش معها حالة من السجال والجدال المتواصلين.

وأفاد عقار أن الرواية الجديدة تعد نقلة أخرى لتجربة الكتابة بالعربية في المغرب والعالم العربي، لا تضيف فقط لإبداع الأديب، بل تبصم ميدان الإبداع الروائي.

وأوضح الناقد والأستاذ الجامعي، عبد الفتاح الحجمري، أن الرواية تشمل حكايات وعبر يتطابق فيه الشعور باللاشعور، فتتجاوز مصير الشخصيات، منذ أيقظت الرغبة في القتل بطلها مسعود ذات يوم، الذي ظل يهتم بالأشياء أكثر من الأشخاص إلى أن وجد نفسه موزعا بين وجودين.

وزاد قائلا:”هي قصة صعود رجل ستيني، تعرض للتحرش الجنسي من طرف قريب له، كبر في المغرب وهاجر لفرنسا صادف ثورة مايو 1968، فاختار أن يكون ثوريا صامتا ويساريا جامدا، سيرته بديل عن كل ما عاشه من خيبات وانكسارات، حياة صلبة مليئة بالأشياء السخيفة التي تقدم نفسها كمنجزات”.

واعتبر الباحث والناقد المغربي، شرف الدين ماجدولين أن الرواية تستند إلى حدث واقعي، هو جريمة قتل ملياردير عضو بمجلس النواب، بمكان سكنه في مدينة الدار البيضاء، حيث تم استثمارها في الرواية بشكل يعيد خلق معالمها.

وأفاد ماجدولين أنها تشمل أحداثا تؤثث للمغرب الراهن انطلاقا من الاستقلال إلى اليوم، تهم انتكاسات السياسة و ارتدادات الأصوات الجماعية إلى فردانية غارقة في سخريتها السوداء، حيث لا جديد إلا الانتظار والهروب إلى الأمام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى