أنجزتُ أول أطروحة دكتوراه بالإنجليزية حول سياسة الجزائر تجاه المغرب.. وهذه مؤاخذاتي على جامعاتنا

"صحراء ميديا المغرب" تحاور ياسمين الحسناوي.. مغربية لمعت في سماء الجامعات الأمريكية

ياسمين الحسناوي هي صاحبة أول أطروحة لنيل الدكتوراه باللغة الإنجليزية حول السياسة الخارجية الجزائرية اتجاه الوحدة الترابية للمغرب، وقبل هذا عملت لسنوات أستاذةً لثقافة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عدة جامعات بالولايات المتحدة الأمريكية مثل: أمهرست، جامعة اوستن، جامعة سميث، وحاليا تعمل مديرة للعلاقات العامة في الأكاديمية الأمريكية بالدار البيضاء، وتسعى إلى إثارة الانتباه داخل الجامعة المغربية حيال أهمية الانفتاح على اللغة الإنجليزية للتواصل مع العالم الأنغلوساكسوني، وذلك للتعريف أكثر بالمغرب وثقافته وجغرافيته.

في هذا الحوار تكشف الحسناوي لـ”صحراء ميديا المغرب” عن الدوافع التي جعلتها تهتم بهذا التوجه، وتحكي بعض الصعوبات التي واجهتها وتطلعاتها المستقبلية، فضلا عن النتائج التي حققتها إلى حد الساعة.

السيدة ياسمين الحسناوي، ما هي الدوافع التي جعلتك تختارين هذا الموضوع؟

هناك سياق عام وسياق خاص، السياق العام يأتي من كوني مواطنة مغربية، وأعتبر أن الدفاع عن القضية الوطنية هو واجب وطني على جميع المغاربة، انسجاما أيضا مع التوجهات الملكية، والسياق الخاص يتعلق بتجربتي كأستاذة لمادة ثقافة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في جامعة أمهرست في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان هدفي يتمحور من خلال دروسي حول دعوة الطلبة الخريجين إلى زيارة المغرب، وهو ما لم يكن يحدث، ما جعلني أكتشف ان الجامعة تحتضن عدة أنشطة لطلاب ينتمون إلى جبهة البوليساريو، ويروجون الكثير من المغالطات حول قضيتنا الوطنية، بما في ذلك تصوير المغرب وكأنه بلد لا وجود فيه لقيم حقوق الإنسان، وكان هذا هو سبب إحجام أولئك الخريجين عن زيارة المغرب.

وما الذي تمكنت من فعله حينئذ؟

ذهبتُ إلى مكتبة الجامعة فلم أجد فيها ولا كتاب واحد يعكس الموقف المغربي اتجاه قضيتنا الوطنية، وكل الكتب الموجودة فيها حول هذا الموضوع تطرح وجهة النظر المعادية للوحدة الترابية المغربية، فتوجهت مباشرة إلى القنصلية المغربية في نيويورك، وطلبت منهم مدِّي بكتب تتضمن الرؤية المغربية حول الموضوع، وهو ما حدث حينما كلفت القنصلية أحد موظفيها ليرسل عددا من الكتب إلى إلي ولأتمكن فعلا من تزويد مكتبة جامعة أمهرست العريقة بها.

هل توقف عملك عند هذا الحد فيما يخص الجامعة؟

طبعا لا، فقد رفت تحدي أن تصبح الثقافة الحسانية مكونا جديدا ضمن مادة ثقافة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في جامعة أمهرست، وهذا تطلب مني أن أقضي مدة طويلة لدى عودتي إلى المغرب في الصحراء، وزرت كل مناطقها ومدنها وقراها، وعايشت الناس هناك، لأتمكن من نقل الحقيقة إلى الطلاب، بما في ذلك مواكبة المناسبات الوطنية ذات الصلة بقضية وحدتنا الترابية، مثل مناسبة ذكرى المسيرة الخضراء.

هل انصب اهتمامك فقط على التعريف بالقضية الوطنية داخل جامعة أمهرست؟

لا، بل امتد إلى تعريف الأكاديميين الأمريكيين بالمغرب وثقافته ووضعية النساء فيه، خصوصا فيما بتعلق بالتقدم الذي أحرزه المغرب على صعيد تكريس الحقوق والحريات، وقمت بذلك في جامعات أخرى وليس في الجامعة التي كنت اعمل فيها فقط.

سيدة ياسمين، المعروف أن تناول موضوع الصحراء المغربية قد ارتبط غالبا في الجامعات المغربية بالقانون الدولي والعلاقات الدولية وعلم السياسة، أو بالتاريخ والأنثروبولوجيا والدراسات الأدبية، كيف تمكنت من الاشتغال عليه وأنت قادمة من تخصص اللغة الإنجليزية في كلية الآداب؟

يعود ذلك إلى الفترة التي أردت ان ادرس خلالها الدراسات الدولية والقانون الدولي والدراسات الدبلوماسية باللغة الإنجليزية، ولم أجد شعبة بهذه المواصفات في المغرب، وحتى الماستر الذي توفرت فيه هذه المواصفات في جامعة الأخوين، كان مايزال غير موجود حينئذ، فبدأت أسجل نفسي في عدد من التكوينات في هذا المجال في عدة معاهد في الولايات المتحدة الأمريكية كل صيف، موازاة مع دراستي العليا في تخصص الأدب الإنجليزي.

كان ذلك بشكل فردي من جانبك؟

نعم

وماذا بخصوص مصاريف التكوين؟

تحملتها بشكل شخصي، واستمر ذلك لعدة أعوام. وكان ذلك متوازيا أيضا مع عملي الميداني مع المجتمع المدني وزياراتي للصحراء المغربية، وحضوري لعدة أنشطة من تنظيم الأمم المتحدة.

كل هذا المسار سيسفر عن إنتاج بحث أكاديمي هو أطروحتك لنيل الدكتوراه، وكانت حول موضوع “السياسة الخارجية الجزائرية اتجاه الصحراء المغربية”، وكان هو أول بحث باللغة الإنجليزية في هذا المضمار، وتطلب منك الأمر الاعتماد عل إمكانياتك الذاتية ماليا وعمليا، لماذا اخترت هذا الاختيار؟

تحملت مصاريف البحث بمفردي لكي أضمن لنفسي الاستقلالية الأكاديمية، ولأن الدفاع عن المصالح العليا لبلدي تستحق جميع التضحيات، وقد تطب مني الأمر بالفعل السفر عدة مرات إلى الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا للقاء عدد كبير من الخبراء والباحثين، ومنهم دبلوماسيون اشتغلوا مع جيمس بيكر، وتمكنت من الحصول على عدة وثائق تنشر لأول مرة.

هل قبلت الجامعة موضوع بحثك؟

نعم، والفضل يعود لأستاذي الذي أطرني الدكتور لحسن حداد، ومجرد قبول هذا البحث دليل كافي على مستوى الحريات الأكاديمية في المغرب، فالعنوان حساس جدا، وأنا قابلت الكثيرين من وجهات نظر مختلفة، حتى أني أضررت لزيارة السفارة الجزائرية في الرباط وقابلت شخصيات مهمة فيها.

ما هي الفائدة التي ترين أن بحثك سيساهم في تحقيقها؟

بحثي موجه إلى القراء باللغة الإنجليزية، لأني كما قلت وجدت شحا في الكتب والدراسات التي تشرح وجهة النظر المغربية اتجاه مغربية الصحراء، ولهذا لدي مشروع لتحويل أطروحتي إلى كتاب.

على من تقع مسؤولية هذا الشح في نظرك؟

أعاتب التعليم العالي في المغرب لكونه لا يستثمر شغف الكثير من المغاربة باللغة الإنجليزية، ولا يوجد تدريس هذه اللغة إلا في المواضيع المتصلة بالأدب واللسانيات، في حين ان هناك غياب للدراسات الدبلوماسية والدولية بها، والحقيقة أننا في حاجة ماسة لهذه الأشياء، لأن قضيتنا الوطنية تحتاج منا أن نقوم بالتعريف بها في المحافل الأكاديمية العالية باللغة الإنجليزية، خصوصا من المداخل المتصلة بالدراسات الدبلوماسية والدولية والقانون الدولي.

كيف تشجعين على هذا الخيار التعليمي؟

يوجد في جامعة محمد الخامس مركز للدراسات الصحراوية، يديره الأستاذ رحال بوبريك، لماذا لا يتم تأسيس مختبر مثيل له باللغة الإنجليزية؟. أنا متأكدة أن الكثير من خريجيه سيجدون مكانهم داخل أروقة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، هذان الأخيران  دائما هي في حاجة إلى موظفين متخصصين في هذه المواضيع، فلماذا لا يتواجد الباحثون المغاربة في مثل هذه المؤسسات للدفاع عن الرؤية المغربية، أنا هنا لا أقلل من دور الدبلوماسية المغربية، بالعكس فهي في السنوات الأخيرة تقوم بدور قوي وفعال وجد متقدم، لكننا محتاجون إلى دبلوماسية الاكاديميين أيضا، لقد قلت هذا يوم مناقشة أطروحتي.

سيدة ياسمين، إذا أردنا أن نعرف أهم خلاصات أطروحتك بإيجاز شديد، ما الذي يمكنك قوله؟

نعم تناولت موضوع السياسة الخارجية الجزائرية اتجاه المغرب، ولم أجد أطروحات جامعية في المغرب حول هذا الموضوع، وبعد دراستي من خلال المسار الذي تحدثت عنه، توصلت بالأدلة والوثائق إلى أن  الجزائر تقوم بدور عرقلة مسار تسوية قضيتنا الوطنية، طيلة العقود الماضية، وهو ما جعل سياسة الجزائر اتجاه قضية وحدتنا الترابية  تعرف تحولات كثيرة في ظل استمرارية الموقف الجامد اتجاه هذه القضية.

ما هو نوع الوثائق التي حصلت عليها، والتي ساعدتك في الدفاع عن أطروحتك؟

هناك وثائق سبق أن نُشرت، وهناك وثائق أخرى حصلت عليها واعتمدتها في بناء وكتابة أطروحتي.

ما هي الآثار التي تنتظرين من بحثك أن يحققها في المستقبل؟

أتوق فعلا على أن يحصل التعاون بين الدبلوماسية المغربية وبين الأكاديميين، وأن ننفتح على العالم الأنجلوساسكوني، وأن يكثر سفراؤنا ودبلوماسيونا من الظهور في وسائل الإعلام الناطقة باللغة الإنجليزية الأكثر تأثيرا، لأن حضورنا في هذا العالم ضعيف ومحتشم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى