المسيرة الخضراء..استحضار إرادة ملك وشعب

حلت اليوم الجمعة الذكرى الخامسة والأربعون للمسيرة الخضراء في سياق مختلف، يتسم بتفشي وباء كورونا إلى جانب تطورات قضية الصحراء المغربية، في ظل الاستفزازات المتتالية التي تقوم بها جبهة البوليساريو.

ففي يوم 5 نوفمبر 1975 أعطى الملك الراحل الحسن الثاني انطلاقة المسيرة الخضراء السلمية، إذ قال:”غدا إن شاء الله ستخترق الحدود، غدا إن شاء الله ستنطلق المسيرة، غدا إن شاء الله ستطؤون أرضا من أراضيكم وستلمسون رملا من رمالكم وستُقَبّلون أرضا من وطنكم العزيز”، مشكلا بذلك حدثا تاريخيا غير مسبوق في القارة الإفريقية.

تطوع في المسيرة زهاء 350 ألف مواطن ومواطنة من جميع أنحاء البلاد، شبابا وشيوخا، رجالا ونساء، متسلحين بالقرآن والعلم الوطني المغربي، للمشاركة في تحرير الصحراء من الاستعمار الإسباني الذي استمر بالمنطقة رغم مرور 20 سنة على إنهاء معاهدة الحماية التي سمحت لفرنسا وإسبانيا بتقسيم المغرب بينهما.

عبرت المسيرة الخضراء حدود الصحراء، تحت ردود فعل عالمية، أما إسبانيا فقد عارضتها، وطلبت عقد اجتماع لمجلس الأمن لمواجهتها، كما أعلنت من خلال مندوبها في مجلس الأمن، أن المسيرة الخضراء هي زحف عسكري مسلح، مما دفعها لتحريك أسطولها البحري إلى المياه الإقليمية المغربية، كما أعلنت أنها قامت بزرع الألغام على مناطق واسعة من الصحراء.

حققت المسيرة الخضراء هدفها بتحرير الصحراء و قبول إسبانيا إجراء المفاوضات والوصول إلى اتفاقية مدريد الموقعة بتاريخ 14 نوفمبر 1975، وهي الاتفاقية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي بموجبها دخل المغرب إلى العيون سلمياً، وانسحاب الإدارة الإسبانية من المنطقة يوم 26 فبراير 1976.

ويحتفي الشعب المغربي هذه السنة بذكرى المسيرة الخضراء بعد أيام من إصدار مجلس الأمن للقرار رقم 2548 حول قضية الصحراء المغربية، والذي يؤكد من خلاله دور الجزائر في هذا النزاع الإقليمي، حيث ورد ذكرها ما لا يقل عن 5 مرات، بينما لم يتم ذكر هذا البلد على الإطلاق في القرارات السابقة لعام 2017.

في غضون ذلك، دعا مجلس الأمن الجزائر إلى الاضطلاع بدور يرقى إلى مستوى انخراطها السياسي والدبلوماسي والعسكري والإنساني في هذا النزاع الإقليمي، مبرزا “عدم وجود عملية سياسية ممكنة في معزل عن الانخراط الفعلي والبناء لهذا البلد”.

وتحل ذكرى المسيرة الخضراء كذلك تزامنا مع إصرار”بوليساريو” على ممارسة البلطجة والاستفزاز، عن طريق عرقلة حركة السير المدنية والتجارية المنتظمة بمنطقة الكركارات العازلة، وهو ما جعل انطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، يطلب من جبهة البوليساريو مغادرتها.

وعبأت بعثة “مينورسو” المزيد من عناصرها أخيرا في المنطقة للمساعدة في نزع فتيل أي توتر، وفتح الطريق أمام حركة السير المدنية والتجارية، من خلال عملها على مراقبة الوضع عن كثب.

يذكر أن الصحراء المغربية عرفت على مدى 45 سنة من عودتها إلى الوطن الأم تطورات تنموية واقتصادية واجتماعية متسارعة تفرض استحضار معاني المسيرة الخضراء بالتعبئة الجماعية من أجل حماية الوطن واستكمال مسار التنمية والتقدم، والتأكيد على إرادة ملك وشعب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى