عبد النباوي: الإبتزاز الجنسي من الظواهر الإجرامية الخطيرة التي برزت مع التطور التكنولوجي
قال محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة بالمغرب، إن التطور التكنولوجي أدى إلى تحول كبير في مفهوم الحق في الخصوصية الذي كان محصورا في مجالات محددة محمية دستوريا وقانونيا وعلى رأسها حرمة المنزل وسرية المراسلات.
وأضاف رئيس النيابة في كلمة ألقاها نيابة عنه عبد الرحمان اللمتوني، رئيس شعبة تتبع القضايا الجنائية الخاصة برئاسة النيابة العامة، اليوم الخميس، أن الإنسان أصبح “مهدد في خصوصيته أينما حل وارتحل، حتى وإن كان داخل منزله نتيجة ما أصبحت تتيحه التكنولوجيا من سهولة الإتصال بالناس وإقتحام خصوصيتهم والإطلاع على أسرارهم وأمورهم الحميمية”.
وأفاد عبد النباوي بمناسبة اليوم الدراسي حول محاربة الإبتزاز الجنسي، الذي احتضنه المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، بأن الإبتزاز الجنسي عبر الأنترنت، من الظواهر التي تمثل الجانب السلبي للتكنولوجيا، مؤكدا أنه يبقي إحدى “الظواهر الإجرامية الخطيرة التي انتشرت بشكل ملفت في الآونة الأخيرة بالنظر إلى تصاعد نسبة هذه الجرائم وما تخلفه من أضرار بليغة تلحق الضحايا وأسرهم”.
وسجل المتحدث ذاته بأن حالات هذه الجريمة أبانت أن الضحية “يتعرض لأضرار نفسية بليغة. فضلا عن الأضرار ذات الطابع الاجتماعي التي قد تؤدي في كثير من الأحيان إلى تدمير العلاقات الزوجية والعلاقات الأسرية عموما”، لافتا إلى أن آثار هذه الظاهرة تجاوزت الحدود الوطنية وأصبح لها ضحايا خارج أرض الوطن.
وزاد مبينا “لم تعد نشاطا إجراميا فرديا معزولا وإنما أضحت ترتكب في بعض الحالات من قبل مجموعة من الأشخاص في إطار منظم يتم فيه تقاسم الأدوار بين الجناة، بحيث يتولى بعضهم إستدراج الضحية ويتولى البعض الآخر عملية الإبتزاز، في حين يتكلف آخرون بتلقي المبالغ المالية المتحصل عليها من نشاط الإبتزاز”.
وأوضح عبد النباوي بأن من مخاطر هذه الجريمة، أنها ترتبط ب”عوامل إجتماعية وثقافية، تجعل الضحية تخضع بسهولة للإبتزاز وتتردد في تبليغ السلطات، خوفا من الفضيحة أو من الإنتقام خاصة عندما يكون الضحايا قصر، وليست لهم خبرة كافية في الحياة لمواجهة إغراءات وضغوط وتهديدات المجرمين في هذا النوع من الإجرام”.
وأضاف عبد النباوي أن الإطار القانوني المؤطر لهذا النوع من الأفعال “متوفر، حيث تقبل الأفعال أكثر من وصف قانوني، إذ تكيف بجرائم الحصول على مبالغ مالية بواسطة التهديد بإفشاء أو نسبة أمور شائنة، النصب، الدخول إلى نظام المعالجة الآلية للمعطيات عن طريق الإحتيال، إلتقاط وبث وتركيب صور شخص دون موافقته، المس بالحياة الخاصة للأفراد، واستغلال أطفال في مواد إباحية”.
كما سجل بأنه على الرغم من تشديد العقوبات “الظاهرة مستمرة بل ويتم تسجيل مجموعة من حالات العود”، وأكد ضبط مجموعة من “حالات الإبتزاز الجنسي عبر الأنترنت بتنسيق مع الضحايا بعد التبليغ بواسطة الخط المباشر الذي وضعته رئاسة النيابة العامة رهن إشارة المواطنين”.
ورغم كل هذه الجهود المبذولة على مستوى السياسة الجنائية وأجهزة البحث والتحقيق والسلطات القضائية لمكافحة هذا النوع من الجرائم، يرى عبد النباوي أنها “لا تكفي وحدها للقضاء على جذورها”، ودعا ألى مواكبتها ب”جهود أخرى على مستوى باقي السياسات العمومية وذلك بوضع سياسات إجتماعية وإقتصادية وتربوية مكملة خاصة بالمناطق التي تعرف انتشارا كبيرا لهذه الظاهرة”.