العلمي يدعو إفريقيا إلى إدراك إمكاناتها الهائلة من أجل تحقيق إقلاع حقيقي

في افتتاح الاجتماع الدولي السادس لجامعة الداخلة المفتوحة

قال مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي المغربي، إن “على إفريقيا أن تدرك إمكاناتها الهائلة، من أجل تحقيق إقلاع حقيقي في كافة المجالات”، مؤكدا على أهمية انتقال دول القارة من دول مستهلكة إلى دول منتجة.

وأضاف العلمي ، في كلمة ألقاها بمناسبة افتتاح أشغال الاجتماع الدولي السادس لجامعة الداخلة المفتوحة، الخميس، أن القارة السمراء تواجه “عدة تحديات، خصوصا النمو الديمغرافي، حيث يوجد في إفريقيا 500 مليون من سكان المدن، وهو رقم ينمو سنويا بحوالي 30 مليون نسمة”.

وأكد العلمي أن النمو الديموغرافي الذي تشهده القارة يتطلب “توفير بنيات تحتية أساسية، وتعزيز الخدمات العمومية، وخلق مزيد من مناصب الشغل، خاصة وأن نصف سكان إفريقيا تقل أعمارهم عن 20 عاما”.

وأفاد المسؤول الحكومي بأن البلدان الإفريقية تعرف كذلك “بروز الطبقة الوسطى، الأمر الذي نجم عنه تزايد معدل الاستهلاك”، مشيرا إلى أن وتيرة الإنتاج أقل من وتيرة الإستهلاك، موضحا أن معدل الاستهلاك يفوق بنسبة 20 في المائة الناتج الداخلي الخام.

ودعا العلمي إلى “الانتقال من دولة مستهلكة إلى دولة منتجة”،وتشجيع التجارة بين بلدان القارة التي تقل عن 20 في المائة لمواجهة تحديات تزايد معدل الاستهلاك في الدول الافريقية، لافتا إلى أن “إفريقيا، التي كانت قارة مستهلكة، قادرة على أن تصبح منتجا حقيقيا ومساهما في الإنتاج العالمي”.

وسجل المتحدث ذاته أهمية اطلاق “مشاريع هيكلية كبرى على مستوى القارة، لا سيما مشروع خط أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب،ومنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية”.

من جهته، أكد محمد مثقال، السفير والمدير العام للوكالة المغربية للتعاون الدولي، أن “تحقيق مستقبل مستدام للقارة الإفريقية رهين بتنمية الشباب الإفريقي”، مشددا على ضرورة “التركيز على محورية التربية والتكوين وجعلها ركيزة أساسية من أجل تحول ناجح لهذه الفئة الديموغرافية”.

ودعا مثقال إلى “تبني رؤية مستقبلية بعيدة المدى، وتحقيق انسجام وتكامل في السياسات العمومية، مع تطوير تحالفات ناجعة بين الفاعلين على أرض الواقع”، وأشاد ب “الالتزام الشخصي للملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش، من خلال جميع الأنشطة التي قادها في سبيل الدفاع عن تعاون فعلي لتحقيق تنمية بشرية مستدامة بإفريقيا، وجعلها من أولويات العمل الدبلوماسي للمملكة”.

وذكر مثقال بالزيارات التي قام بها العهل المغربي للدول الإفريقية، والتي فاقت 50 زيارة، شملت ثلاثين بلدا، بالإضافة إلى اتفاقيات الشراكة التي تم إبرامها والتي بلغ عددها 1000 اتفاقية منذ سنة 1999.

كما سجل مثقال انخراط المغرب بجميع مؤسساته، سواء منها العمومية أو الخاصة، وكذا المجتمع المدني وكل القوى الفاعلة، من أجل “المساهمة في إقلاع إفريقيا جديدة وقوية، قائمة بذاتها وقادرة على رسم مستقبلها”.

من جانبه، قال إدريس الكراوي، رئيس جمعية الدراسات والأبحاث من أجل التنمية ورئيس الجامعة المفتوحة للداخلة، إن اختيار موضوع هذا الملتقى يندرج في إطار الجهود التي تبذلها الجامعة من أجل مقاربة الأوضاع الراهنة في إفريقيا، واستشراف ما ينتظر شعوبها من مخاطر وتحديات مستقبلية يتعين مواجهتها.

وأضاف الكراوي أنه في ظل نظام عالمي جديد يعرف بزوغ وتطور مخاطر جديدة وجيلا جديدا من الحروب والأزمات، أضحت القارة الإفريقية في مواجهة تحديات جسام على جميع المستويات (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية…)، يقودها فاعلون جدد وحركات منظمة.

وأكد الكراوي أن كل هذه الأوضاع بدأت تطرح على إفريقيا رهانات من نوع جديد على صعيد قضايا التنمية والاستقرار والسلم والاندماج الجهوي، أو على صعيد علاقات القارة بالعالم.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن مناقشة كل هذه القضايا تتم في مدينة الداخلة التي تبرز كفضاء للعلم والفكر والمعرفة، وصلة وصل بين أكاديميين وخبراء وفاعلين تنمويين من سائر أنحاء العالم، أسسوا من خلال “الجامعة المفتوحة للداخلة” شبكة للحوار وتبادل الخبرات وتقاسم التجارب، خدمة للإنسانية ووفق تصور للعالم الذي نريده لشعوبنا وللأجيال المقبلة.

وعرفت الجلسة الافتتاحية لهذا الملتقى، حضور خبراء وباحثين من مختلف دول العالم، وعدد من المنتخبين ورؤساء المصالح الخارجية وفاعلين اقتصاديين وجمعويين، بالإضافة إلى شخصيات سياسية أجنبية ورؤساء عدد من الجامعات الدولية.

وتميزت الجلسة الافتتاحية للمنتدى بالتوقيع على عدد من اتفاقيات الشراكة التي تهم تعزيز التفكير حول القضايا التي من شأنها النهوض بالقطاعات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على المستويين الجهوي والإقليمي.

ويندرج هذا اللقاء، المنظم برعاية من الملك محمد السادس، في إطار المبادرات الرامية إلى مناقشة مختلف القضايا المرتبطة بالتنمية في إفريقيا ورهاناتها، من خلال مقاربة أكاديمية وسياسية وعلمية.

ويأتي هذا الملتقى في سياق نهج أطلقته الجامعة المفتوحة للداخلة منذ تأسيسها في 2010 لبحث القضايا الراهنة في إفريقيا والعالم وتبادل وجهات النظر بين نحو 50 أكاديميا وخبيرا من مختلف أرجاء العالم.

وعرف هذا الملتقى، الذي يشكل منصة للمناقشات حول مجمل القضايا والتحديات التي تواجه القارة الإفريقية، مشاركة ثلة من المؤسسات الجهوية والدولية والأساتذة والباحثين المختصين في قضايا التنمية بالقارة.

وشمل برنامج الملتقى تنظيم جلسات وورشات موازية لمناقشة مواضيع تهم “قراءات في وضعية الدراسات والأبحاث حول إفريقيا”، و”تمثلات غير إفريقية حول الإشكاليات الكبرى بإفريقيا”، و”تمثلات غير إفريقية حول الإشكاليات المستعصية بإفريقيا”، و”إفريقيا والعالم”، و”الاندماج الاقتصادي بإفريقيا: حصيلة وآفاق”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى