بنيوب: أحداث الحسيمة جرت في مناخ إقليمي ملتهب

نادية عماري

قال شوقي بنيوب، المندوب الوزاري المكلف حقوق الإنسان بالمغرب، إن الاحتجاجات التي شهدتها منطقة الريف جرت في مناخ إقليمي ملتهب يشهد عودة الهويات الخاصة بطريقة مدمرة في العديد من الحالات.

وأوضح بنيوب في تقرير أصدره حول أحداث مدينة الحسيمة، تلقى”صحراء ميديا المغرب” نسخة منه، أنها لا تدخل في إطار “الحراك”، لما يحمله من حمولة إيديولوجية بعيدة عن مفهوم الحركية الاجتماعية، خاصة أن إعدادها جرى كتعبير تم ترويجه بين شبكات التواصل الاجتماعي وليس في مختبرات علوم إنسانية واجتماعية، لتبقى الكلمة الفصل لأهل الاختصاص.

وعدَّ بنيوب ابتعاد المتظاهرين عن وصم الانفصال من المظاهر الإيجابية المغربية ومكتسبات التظاهر العمومي، رغم محاولات استغلالها بتعبئة أجنبية خارجية.

وقال المندوب الوزاري: “خلال خمسة أشهر تم تنظيم ما لا يقل عن 500 مظاهرة وتجمهر تميزت في مجملها بالسلمية، باستثناء البعض منها الذي اتسم بالعنف ضد رجال الأمن، مما خلف جروحا متفاوتة الخطورة في صفوفهم، في حين لم يسجل استعمال القوة من طرف السلطات التي تعاملت بنوع من الحكمة وضبط النفس.

وأشار بنيوب إلى وجود حاجة ملحة لتقييم فعلية النموذج التنموي للحسيمة، بهدف معالجة التحديات القائمة من ولوج للخدمات العمومية وجودة التعليم وتأهيل المنظومة الصحية، في إطار مشاريع ترفع القيود التي تعيق عملية المصالحة مع الذاكرة.

واقترح، في السياق ذاته، الإسراع بوضع برنامج مستعجل في إطار الشراكة والتعاون يتولى تنفيذ كافة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة فضلا عن تولي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إجراء تقييم بشأن فعلية حقوق الإنسان الأساسية على صعيد الحسيمة والمنطقة.

ودعا بنيوب إلى النظر في إمكانية إجراء مسح شامل للنزاعات القائمة والمفترضة بين المواطن والإدارة على مستوى المعيقات الهيكلية والتنظيمية والقانونية، المعيقة لإعمال أحكام الدستور والمفهوم الجديد للسلطة ومتطلبات العدالة المجالية.

من جهته، اعتبر الأستاذ الباحث بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد الفتاح الزين، أن لائحة المطالب التي رفعها المحتجون، وإن كانت معقولة فإن بعضها تعوزه الواقعية بالنظر للهيكلة الترابية للمغرب عموما وللتعارضات الحاصلة بين منطق التنمية والمنطق الاجتماعي السائد بالمنطقة على الخصوص.

وأوضح الزين في قراءة لتقرير المندوب الوزاري أن أحداث الحسيمة ومدن أخرى كجرادة وزاكورة باعتبارها رموزا للمغرب غير النافع لا تهم سكان هذه المناطق فحسب بل كل السكان المغاربة، وهو ما يظهر في أشكال الدعم والاهتمام التي قدمتها مختلف مكونات المجتمع.

وقال إن ما وقع ليس فقط “أحداثا” بل هي سيرورة نحو مغرب ديمقراطي حداثي، ما زال إنضاج ظروف هذا الانتقال يتطلب مزيدا من العمل بإلحاح دون استقواء بغضب جماهيري.

واعتبر الزين أن دروس الربيع العربي أبانت عن”خريفيته” في غياب تأطير سياسي قلل من فعالية ودينامية مكونات المجتمع وشكل عائقا وعامل إحباط بالنسبة للنزعة الشبابية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى