العثماني: النتائج التي حققها المغرب في محاربة الفساد تظل غير كافية

انطلاق أشغال مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحته

نادية عماري

أجمع مسؤولون مغاربة وعرب على مكافحة الفساد ضمن مقاربة تشاركية موحدة تشمل تضافر جهود كل من القطاعات الحكومية والمؤسسات القضائية وهيئات التقنين والحكامة، لتحقيق أثر إيجابي على مختلف الأبعاد الإصلاحية والتنموية للدول العربية.

وقال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربي، في كلمة ألقاها في افتتاح الدورة الثالثة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، الثلاثاء، بالرباط، إن آفة الفساد تشكل أحد العقبات الرئيسية التي تعيق تنمية واستقرار المجتمعات عموما، بعملها على إضعاف المخططات التنموية والسياسات العمومية.

واعتبر العثماني أن النتائج المحققة في مجال مكافحة الفساد في المغرب تظل غير كافية رغم إيجابيتها، بوجود طموح مستمر لمضاعفة الجهود وتحقيق تطور ملموس على حياة المواطنين ومحاربة الفساد كالتزام رسمي لا رجعة فيه.

وأفاد العثماني بانخراط وطني واسع لبلاده في مكافحة الفساد، وهو ما تترجمه جهوده الإجرائية والمتواصلة، من خلال مصادقته سنة 2017 على الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد ثم الاتفاقية العربية سنة 2019.

وزاد قائلا: “يتضمن دستور المملكة بابا للحكامة الجيدة وهو ما مكن من إحداث عدد من المؤسسات الدستورية، بهدف مراقبة الرشوة، والعمل على إقرار الفصل بين السلط التنفيذية والتشريعية والقضائية، فضلا عن اعتماد المغرب منذ سنة 2015 للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بطريقة تشاركية بين مختلف المتدخلين، والتي تهدف إلى تغيير الوضع القائم في أفق سنة 2025”.

وقال العثماني إن الإجراءات المعتمدة أظهرت انعكاسات إيجابية، تمثلت في تحسين رتبة المغرب عالميا على مستوى إدراك الفساد بـ17 رتبة، محتلا بذلك المرتبة 73 بعدما كان في المرتبة 90 سنة 2017، إضافة إلى تحسن مرتبته في مجال مؤشر الأعمال، ليحتل الرتبة 53 من أصل 190 بلدا شمله التقرير، ليصبح المغرب بذلك على مشارف الولوج للاقتصادات الـ50 في مجال مكافحة الفساد.

وأوضح العثماني أن مجموع الرشاوى لوحدها تكلف الاقتصاد العالمي حوالي 2 بالمائة من الناتج الداخل الخام، وفق تقرير لصندوق النقد الدولي أصدره سنة 2016، في حين تبلغ التكلفة أضعاف هذه النسبة في عدد من البلدان، تتراوح ما بين 5 إلى 25 بالمائة إذا ما تم احتساب التكلفة المباشرة وغير المباشرة بهذه الآفة.

من جهته، اعتبر رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، محمد بشير الراشدي، أن مكافحة الفساد ضرورة حتمية نتيجة تطور الآليات والشبكات المالية العالمية، مما يساهم في المس بقواعد الديمقراطية والولوج للموارد والتوزيع العادل للثروات، إضافة إلى تدني مستوى ثقة المواطنين في المؤسسسات.

وقال الراشدي: “وفق تقرير للبنك الدولي، فهناك تكلفة باهظة يتم تسجيلها بالنسبة لقضايا الفساد، والتي تقدر بـ1000 مليار دولار في السنة بالنسبة لدول العالم، في حين تفقد القارة الأفريقية أكثر من 146 مليار دولار سنويا أي ما يعادل 6 بالمائة من ناتجهاالداخل الخام، أما كلفته بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي فتسجل ضمن نطاق 900 مليار أورو، حسب تقرير للبرلمان الأوروبي.

وأشاد الراشدي بالمجهودات التي قامت بها بلاده باعتمادها على سياسات استباقية لتسريع وتيرة التنمية الاقتصادية على مدى 20 سنة، وتطوير العلاقات مع الإدارة والمواطن وتعزيز الفصل بين السلط.

وأفاد مدير إدارة الشؤون القانونية بجامعة الدول العربية، ياسر عبد العظيم، بكون إشكالية الفساد تندرج ضمن أولويات الجامعة، رغم مصادقة 14 دولة عربية فقط على الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، إلا أن العمل مستمر باتجاه إتمام باقي الدول لمصادقتها عليها في أقرب الآجال.

وأوضح رئيس النيابة العامة بالمغرب، محمد عبد النباوي، أن الخط المباشر الذي أطلق من أجل التبليغ عن الرشوة والفساد حقق نتائج إيجابية شملت جهات عديدة من المملكة، حيث تم ضبط 113 شخصا في حالة تلبس منذ إطلاقه، صدرت بحق عدد منهم أحكام قضائية، فيما لا يزال آخرون في طور الإدانة، إضافة إلى ضبط مسؤولين كبار خلال السنة الماضية.

وأعلن عبد النباوي عن إطلاق حوار مع قطاعات حكومية من أجل وضع يافطات تحمل رقم الخط المباشر في إدارات المملكة، من أجل تحقيق نتائج أكبر في مجال الوقاية ومكافحة الظاهرة.

وحول المقاربة التي اعتمدها المغرب لحل الإشكاليات المرتبطة بعملية التبليغ، قال عبد النباوي: “القانون المغربي وضع بابا خاصا لحماية المبلغين في سائر أطوار القضية، عن طريق إخفاء الهوية وطلب الحماية الجسدية ومراقبة الهاتف الخاص بالمبلغ في حال مواجهة تهديدات تعرض حياته وحياة أسرته للخطر وكذا الحماية الجنائية واتخاذ تدابير حمائية أخرى حتى بعد صدور الحكم”.

وطالبت رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة بوعياش، بتكثيف التعاون بهدف تحديد تمظهرات الفساد المعقدة والعابرة للحدود، لكونها تمثل خرقا لحقوق الإنسان ونقيضا لدولة الحق والقانون.

من جانبه، دعا رئيس مجلس المنافسة، إدريس الكراوي، إلى استثمار الخبرات الوطنية في إعداد سياسات عمومية لمحاربة الفساد عن طريق التكوين والإنصات والانخراط في الاتفاقيات الدولية.

وقال الكراوي: “نحن أمام تحدي يشمل مصداقية ما نقوم به في مقابل تنفيذ هذه السياسات إضافة إلى عامل الزمن، فكل شيء يتطور بوتيرة مذهلة والعالم لن ينتظر الأقطار العربية لتلتحق بالركب، وبالتالي فلا بد من تظافر الجهود العربية من أجل مشروع عربي مشترك وموحد في هذا الإطار”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى