الخلافات داخل “العدالة والتنمية” المغربي لم تنتهِ!
رئيس مجلسه الوطني لم يلق كلمته المعتادة في افتتاح أشغاله
كشفت دورة المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية المغربي ، التي التأمت السبت، بمدينة سلا، أن البيت الداخلي للحزب القائد للحكومة لم ينجح بعد في الطي النهائي لصفحة الخلافات التي عاش على إيقاعها منذ إعفاء أمينه العام السابق عبد الإله ابن كيران، من تشكيل الحكومة في أبريل 2017 بعد مرحلة “البلوكاج” الفارقة في تاريخ الحزب والحياة السياسية بالبلاد.
ولم ينجح سعد الدين العثماني، أمين عام حزب العدالة والتنمية، في التغطية على “الخلاف” وأماراته الواضحة، رغم تركيزه الواضح في عرضه السياسي عن استعادة الحزب ل”عافيته التنظيمية وتعزيز وحدته”، ودحض كل التكهنات الحالمة بانقسامه وتكذيب نبوءات المنجمين وفشلها”.
وسجلت الدورة غياب عبد الإله ابن كيران، الذي كان متوقعا بسبب امتعاضه من قرارات قيادة الحزب وخلفه العثماني في عدد من القضايا والملفات، والتي عبر عنها في كلمته الأخيرة أمام أعضاء حزبه حلوا ببيته في زيارة ود ومجاملة له، كما عاين “صحراء ميديا المغرب” غياب مصطفى الرميد عن الدورة بالإضافة إلى عدد من الوجوه الأخرى التي لم يتسن معرفة الأسباب الحقيقية وراء غيابهم أو مقاطعتهم لأشغال برلمان الحزب.
ومن الإشارات الدالة على أن حزب العدالة والتنمية ليس على قلب رجل واحد، هو عدم إلقاء إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس المجلس الوطني للحزب، لكلمته المعتادة في افتتاح أشغال الدورة، وهو الأمر الذي يمثل سابقة في تاريخ المجلس، وذلك وسط دهشة أعضاء مكتب المجلس الوطني الذين بدت علامات التساؤل واضحة على وجوههم بعدما منح الأزمي الكلمة مباشرة إلى العثماني من أجل تقديم التقرير السياسي أمام أعضاء المجلس.
وحاول “صحراء ميديا المغرب” البحث عن الدوافع التي جعلت الأزمي المحسوب على التيار المؤيد لابن كيران “يمتنع” أو “يتنازل” عن إلقاء كلمته في افتتاح دورة المجلس الوطني كالعادة، من دون أن يتلقى أجوبة شافية حول الموضوع الذي تحاشى جل من سألهم “صحراء ميديا المغرب” الخوض فيه.
غير أن أحد أعضاء مكتب المجلس الوطني للحزب، نفى العلم المسبق لأعضاء مكتب المجلس الوطني، بأن رئيسه لن يقدم كلمته في افتتاح الدورة، واعتبر أن المسألة كانت مفاجئة لعدد منهم.
وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، بأن الخطوة التي أقدم عليها الأزمي تمثل “سابقة في تاريخ برلمان الحزب”، مستبعدا في الآن ذاته، أن يكون رئيس المجلس الوطني قد عقد صفقة سياسية مع الأمين العام لتفادي إحراجه سياسيا من خلال التعبير عن مواقف سياسية جريئة في كلمته.
وفي مقابل هذا الرأي، سجل مصدر آخر، بأن عدم إلقاء الأزمي لكلمة في افتتاح أشغال الدورة العادية، يمثل في حد ذاته “موقفا ورسالة”، في إشارة واضحة إلى أن الأمور ليست على ما يرام داخل الحزب وأن تباين المواقف واختلاف وجهات النظر بين أعضائه عادت لتلقي بظلالها مرة أخرى على الحزب.
وفسر أعضاء آخرون من المجلس الوطني لحزب رئيس الحكومة ل”صحراء ميديا المغرب” موقف رئيس المجلس الوطني الغير معتاد بعدم إلقاء كلمة في افتتاح دورة المجلس الوطني لحزبه، بأنه “احتجاج من الأزمي على الأصوات التي انتقدت كلمته القوية في الدورة السابقة للمجلس”، وأكدوا أن بعض المحسوبين على تيار “العثماني” اعتبروا في مرحلة النقاش أن كلام الأزمي يبين أن الحزب يسير برأسين بسبب التباين الواضح في كلامه مقارنة مع الأمين العام سعد الدين العثماني.
وأيا كانت الدوافع والأسباب التي جعلت الأزمي يحجم عن إلقاء كلمته في الجلسة الافتتاحية لبرلمان الحزب ويكتفي بدور المسير، أمام اندهاش أعضاء المكتب الجالسين بجانبه في المنصة، فإن حال حزب العدالة والتنمية يؤكد أنه ما زال يعاني من ضربة “البلوكاج” و”إعفاء” ابن كيران، الذي قال بعظمة لسانه قبل أيام قليلة: “انظروا كم حادثة سير وقعت فيها البلاد منذ حادثة “البلوكاج”، ومع ذلك ما زلنا نبحث عن حل ولم نجده”، وهي عبارة تلخص حقيقة الوضع وتؤكد استمرار الخلاف داخل الحزب وإن بدرجة أخف حدة.