عبد النباوي: محاربة الفساد مهمة مستمرة زمنيا لإرساء دولة الحق والقانون
عد التكوين المتخصص قادرا على إيجاد الأجوبة للمخالفات المالية
نادية عماري
قال محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة في المغرب، إن محاربة الفساد مهمة مستمرة في الزمن حتى يتم التغلب عليه، وتعم مظاهر دولة الحق والقانون والمؤسسات التي رسمها العاهل المغربي الملك محمد السادس ووجه أعضاء النيابة العامة للعمل في إطارها إلى جانب باقي سلطات الدولة.
وأضاف عبد النباوي، في افتتاح أشغال دورات تكوينية لقضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية في مكافحة الجرائم المالية، اليوم الإثنين، بالمعهد العالي للقضاء، بالرباط، إن محاربة الفساد ليست ضرورة اجتماعية وقانونية فقط، ولكنه تنفيذ لمقتضى دستوري، ولحق من حقوق الإنسان التي تجمع عليها الإنسانية، كما تبنته الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، لما له من تأثير على تمتع المواطن والإنسان بالحقوق الأخرى المخولة له شرعاً وقانوناً.
وأوضح عبد النباوي أن تكوين القضاة وضباط الشرطة القضائية على مهارات البحث والتحري في الجرائم المالية، والرفع من قدراتهم لاستيعاب سلوكات المخالفين وحل ألغازها، لا بدّ أن يتقيد باحترام قرينة البراءة، والمساطر القانونية المشروعة، خاصة أن البحث في الجرائم وإثباتها لا يمكن أن يتم عن طريق خرق قواعد المحاكمة العادلة، وعدم مراعاة الضمانات القانونية للمتهمين والضحايا والشهود على حد سواء.
وأشار رئيس النيابة العامة أن التصدي لجرائم الفساد وحماية المال العام أو الخاص، لا يجب أن يتأثر بالنقاشات المجتمعية التي تتم في الفضاءات العامة، ومن بينها وسائل التواصل الاجتماعي، إلاّ عن طريق التحري القانوني، والبحث عن الحجج والإثباتات المشروعة.
وزاد مبينا: “أن قرينة البراءة تفترض أن كل مشتبه فيه أو متهم يعتبر بريئا إلى أن تسقط براءته عن طريق إثبات التهمة بالوسائل المشروعة، في محاكمة عادلة منصفة ومحايدة، لا تؤثر فيها العواطف ولا الرغبات، ولا النوازع الشخصية. إنّها مهمة صعبة، ولكنها جوهر العدالة التي نحن جميعاً مؤتمنون عليها خلال قيامنا بمهامنا”.
وقال عبد النباوي إن التكوين المتخصص قادر لوحده على إيجاد الأجوبة المناسبة للمخالفات المالية، خاصة أن أغلب المتورطين فيها ينتمون لأوساط اجتماعية راقية، بعضهم يكونون من القادة والمسيرين، مما يفترض أنهم موهوبون وأذكياء قد تنحرف نظرتهم إلى الصالح العام، فيستغلون ذكاءهم ومواهبهم للاستيلاء على الأموال العامة أو الخاصة، وللاغتناء غير المشروع، حيث يجتهدون في إخفاء معالم جرائمهم، مما يُصَعِّب مهام الباحثين الجنائيين والقضاة لاكتشافها وإثباتها.
وأشار عبد النباوي إلى دور الاجتهاد القضائي في تحديد أركان جريمتي الاختلاس وتبديد المال، لاسيما حينما يتعلق الأمر بالمال العام، من أجل التمييز بين التصرفات التي تعتبر اختلاساً وتبديداً، يطبق عليها النص الجنائي، وبين التصرفات الأخرى المشابهة التي تعتبر مجرد مخالفات لقواعد التدبير المالي والمحاسباتي تختص بها المحاكم المالية، والتي لا تصل إلى درجة خرق قواعد القانون الجنائي.
ويأتي تنظيم الدورات التكوينية التي تنظمها رئاسة النيابة العامة في سياق تجديد الترسانة القانونية مع ازدياد اهتمام الرأي العام الوطني والدولي بضرورة مكافحة جرائم الفساد، فضلا عن إتاحة الفرصة لأعضاء النيابة العامة وقضاة أقسام الجرائم المالية الذين تسلموا مهامهم حديثا لتجديد معارفهم القانونية، والتعرف بدقة على المستجدات التي صاحبت تطور الإجرام المالي.
ويمتد برنامج التكوين الذي أعطى رئيس النيابة العامة انطلاقته على أربع دورات خلال الأشهر المقبلة، يساهم فيها قضاة النيابة العامة وبعض الخبراء الآخرين وفعاليات متخصصة من المجلس الأعلى للحسابات، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ووحدة معالجة المعلومات المالية، والخزينة العامة للمملكة والمفتشية العامة لوزارة المالية والمفتشية العامة للإدارة الترابية، والمختبر الوطني للتجارب والدراسات، إضافة إلى كفاءات أخرى من قطاعات ذات الصلة بحماية المال العام، وتقنيات البحث والتحري أو بتدبير أنظمة الصفقات العمومية.