فنانون ونقاد مغاربة يهاجمون الفيلم الكوميدي”30 مليون”

حذروا من الرداة والابتذال

نادية عماري

بالموازة مع انطلاق عرضه في القاعات السينمائية المغربية، أثار الفيلم الكوميدي”30 مليون” موجة سخط وتذمر عارمة في أوساط فنانين ونقاد سينمائيين، رغم الإقبال الجماهيري الذي حققه.

وانتقد المخرج المغربي، عبد السلام الكلاعي، واقع المحتوى “الترفيهي” في البلاد، على مستوى التلفزيون والسينما ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تقدم مضامين تسقط في التفاهة وقلة الذوق وانعدام الوعي، تذرعا بمقولة «الجمهور يريد هذا» التي يحتمي بها كثير من المنتجين والتي أوصلتهم لمستوى هابط وسطحي ومشين في المضمون والشكل، وأوصلت البلاد كأمة ذات حضارة وتاريخ وثقافة لوضع مخجل جداً.

وقال الكلاعي مهاجما الفيلم في تدوينة نشرها عبر حسابه بـ”فيسبوك”: “في كل مرة يحاول الرديئون وصنّاع الأزبال أن يتقدموا خطوة للأمام، ليصلوا لمرحلة أصبحوا يريدون فيها أن يصنعوا أزبالهم ويراكمونها على شاشاتنا الصغيرة والكبيرة وعلينا نحن، من نحاول أن نصنع فناً راقياً وثقافةً محترمة لهذا البلد، أن نلوذ بالصمت ولا نقول شيئاً عَمَّا يقترفون. إنهم يظنون أن الوقت حان ليمروا لمرحلة “دكتاتورية الأزبال”.

وأشار الناقد مصطفى العلواني إلى ما وصفه بالأعمال الهجينة التي تتنكر في زي فيلم سينمائي متوسلة بما اتفق من ألوان البهرجة، ثارة بالجنس الرخيص وأخرى بالكوميديا المبتذلة، في ظل ضمور الوعي النقدي وتواطؤ المستغلين المتهافتين على الربح السهل ليزداد الوضع استفحالا في المجتمعات التي تغيب فيها مدرسة حقيقية ومؤسسات ثقافية قوية مؤمنة بالتقدم والحداثة الخلاقة، مما ينظر بأيام حالكة تنتظر المبدعين، بكلفة باهظة إذا لم تتم مواجهتها عوض المهادنة والتقاعس.

من جانبه، طالب الناقد السينمائي، عبد الكريم واكريم، الجمهور المغربي بعدم مشاهدة الفيلم الذي لا ينتمي أساسا للسينما وتشجيع الرداءة التي يمثلها، في غياب فرجة حقيقية.

واعتبر الناقد وعضو المكتب المسير مكلف الإنتاج في الفيدرالية المغربية لسينما الهواة، سعيد مزواري، إلى عدم الاهتمام بالكتابة والدراماتوجيا والتشخيص والديكور، في إشارة لما أسماه بالأفلام السمجة التي تتّخذ طريق الإسفاف والاستسهال، والحال أن أصحابها يؤمنون بها رغم كل نواقصها قائلين أنها تحمل رسائل وقمة في الإبداع.

وأوضح المخرج والمؤلف والشاعر المغربي، المقيم في بلجيكا، الهواري غباري، أن الفيلم يقوم باستجداء الضحك من طرف المتلقي، علما أن أصحابه لا يهتمون بطريقة كتابة السيناريو والرؤيا الإخراجية والإضاءة وحركة الكاميرا ولا أي شيء يهم اللغة السينمائية والسينما باعتبارها فنا.

واعتبر غباري أن مهادنة هذا النوع من الأفلام سيؤدي إلى التطبيع مع الابتذال وتكريس السوقية عوض خدمة الفن كما يعبر أصحاب الفيلم أنفسهم في الحوارات، بكونه كوميديا لا يحمل عبارات مبتذلة، وغيرها من الجمل السطحية التي تبشر بسينمامبتذلة أو لا سينما.

وأشار غباري إلى تنميط ذوق الجمهور من خلال التربية الدرامية التي تلقاها في التلفزيون المغربي من خلال “السيتكومات” والسلسلات التي جعلته لا يرى متعة درامية خارج الضحك وليس الكوميديا الاحترافية، بل الضحك بتكرار كلمة أو التهكم من كل القيم، كشكل من أشكال الابتذال الذي صار يشكل مطلب أغلب الجمهور.

يشارك في الفيلم مجموعة من الممثلين المغاربة، منهم رفيق بوبكروربيع القاطي ونبيل عاطف وفاطمة بوشان، إلى جانب كوميديين ومغنيين من خريجي برامج اكتشاف المواهب.

وتدور أحداثه حول ثلاثة أصدقاء، هم “سامي” و”زهير” و”هشام”، يقعون في مواجهات مع الشرطة تجرُّ سامي إلى السجن، مما يدفع بالصديقين الآخرين لمساعدته، لكنهما يواجهان مشاكل لتوفير كفالة مالية قيمتها 30 مليونا مقابل الإفراج عنه، فيقرران البحث عن مصادر لتوفير المبلغ المطلوب بأي وسيلة، لتبدأ رحلة الـ”30 مليون” بسلسلة من المغامرات المليئة بالمواقف الكوميدية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى