مالك أخميس: الفن في المغرب أصبح كـ”المرحاض العمومي”
عد نفسه محظوظا بالعمل في مجال يعشقه
نادية عماري
يتميز الممثل المغربي مالك أخميس بمهنية كبيرة وحرفية عالية في الأداء، في تحد دائم لخوض غمار الأدوار المركبة، التي تحفزه على البحث والتنقيب لإثراء الشخصيات التي يقدمها للجمهور، ضمن إنتاجات مختلفة بصمت مسيرته الفنية المليئة بالنجاحات.
يقول أخميس في لقاء مع “صحراء ميديا المغرب”، إن استحضار المتلقي أمر ضروري بالنسبة للممثل أثناء اختيار الأدوار التي يقوم بتجسيدها، بوجود جمهور يفهم خبايا المجال ويمتلك ثقافة الصورة بشكل واضح، مما يفرض تقديم أعمال ذات جودة ومصداقية.
يعتبر أخميس نفسه أنانيا بعض الشيء، لكونه يحرص على إرضاء نفسه أولا، كقناعة منه أن هذا الأمر كفيل بتبني اختيارات صائبة وجادة، تصل حتما للجمهور الذي يبدي رضاه عن الشخصية والعمل الفني بشكل عام، وهو ما يشكل مصدر تحفيز مستمر بالنسبة له من أجل العمل بجدية وشغف وصدق في مجال يكن له كل الحب والتقدير.
يرى أخميس أن الميدان الفني في المغرب أصبح كالمرحاض العمومي، يفسح المجال لدخول كل من هب ودب من المتطفلين عليه، الذين لا يملك معظمهم الموهبة الفنية، حيث ينبني اختيارهم على أساس إثارتهم “البوز”، لكنهم يتناسون أن الجمهور المغربي مخلص للممثلين الأكفاء، ممن يملكون تجارب جيدة ورصيدا فنيا حافلا بالعطاءات.
يقول الفنان المغربي: “المسؤولية يتحملها المنتجون المنفذون الذين يتواصلون مع هؤلاء الناس من أجل جلب الجمهور واستقطابه، عموما، تبقى الأرزاق بيد الله، شخصيا أقوم بشيء ممتع، ولا أنتظر المقابل، مرات عديدة، لا تتم دعوتي للعمل في إنتاجات تلفزيونية، وهذا الأمر لا يمثل مشكلا بالنسبة لي”.
يعتبر أخميس أنه من الطبيعي تجاوز أي شخصية ترافق الممثل في إحدى أعماله استعدادا لتجسيد أخرى مستقبلا، بنفس وأسلوب مختلف، فهو يحاول قدر الإمكان التخلص منها، لتفعيل الفرق بين الواقع والخيال وتغذية الشخصيات الخاصة بكل عمل على حدة.
ينفي الفنان المغربي وجود شهرة ونجومية في بلاده لأن المسألة تحتاج لصناعة النجوم أو ما يصطلح عليه بـ starsystem، مما يستوجب على الفنانين التمتع بالعفوية في تصرفهم مع المعجبين.
يضيف مبينا:” بالنسبة لي، أنا شخص تلقائي بشكل كبير، أرفض التصنع و أحرص على القيام بعملي بصدق، كما أنني لا أحكم على الآخرين، فلكل ظروفه، هناك من يخجل مثلا من الوقوف والتقاط صور مع الناس، وهو أمر أتفهمه، لكنني في المقابل، لا أنزعج من التفاعل معهم، لأن تواصلهم معنا كفنانين نابع من حبهم وتقديرهم لنا، وهو ما يسعدني كثيرا، أما إذا كان الفنان غير محب للآخرين، في هذه الحالة، يصبح لزاما عليه تغيير هذه المهنة، وتعويضها بأخرى، لأن حب الجمهور مسألة بالغة الأهمية”.
يعتبر أخميس نفسه محظوظا لكونه يقوم بمهنة يعشقها ويحبها حد الهيام، مما يتيح له الفرصة لاكتشاف عوالم جديدة وسبر أغوار أدوار بعيدة عن شخصيته.
وحول الجدل الذي تطرحه موجة الأفلام الكوميدية التي تعرض أخيرا في القاعات السينمائية الوطنية، يشير أخميس إلى ضرورة عمل الأفلام على اختلاف أنواعها على بسط مكانتها في السينما المغربية، وفق قواعد مضبوطة ورؤية سينمائية مدروسة، تشمل جميع الجوانب بما فيها فكرة العمل و التمثيل والإخراج وفق سيناريو محبك، وإلا ستبقى رهن محيطها وغير قادرة على الوجود وتمثيل بلادها في الملتقيات والمهرجانات خارج حدود البلاد، مع ضرورة تحقيق مصالحة مع الجمهور، بتشجيعه على الذهاب للقاعات وصالات العرض، في ظل إقباله على الفكاهة كوسيلة لتغيير روتينه اليومي، عن طريق الضحك والابتعاد عن التفكير في انشغالات الماضي.
يفيد أخميس بمساهمة قناة إم بي سي 5 في إحداث انتعاشة للدراما والفن بالمغرب، بتقديم إنتاجات فنية شهدت مشاركة العديد من الفنانين، في إطار المنافسة التي تظل مطلبا رئيسيا لتجويد الأعمال المعروضة على المتلقي، مما يمثل ظاهرة صحية بالنسبة للتلفزيون بالمغرب.
وبشأن رؤيته لهجرة ممثلين مغاربة وإمكانية قيامه بخطوة مماثلة، يقول أخميس: “أحترم قناعات واختيارات الجميع التي غالبا ما تنبني على قناعة وتفكير مسبق. شخصيا، لا تراودني فكرة الهجرة في الوقت الحالي، أتلمس طريقي بتأن وأحرص على اختيار أدواري عن قناعة، بناء على عشقي للمجال”.
يقر أخميس بتطور السينما المغربية، مما يبشر دائما بالأمل في غد أفضل، ينقصها فقط السيناريو المحبك والدقيق، بوجود كتاب سيناريو جيدين معدودين على رؤوس الأصابع، فضلا عن عدم إعطاء الأهمية للتفاصيل والأمور الدقيقة، التي تحول دون وجودصناعة سينمائية قادرة على المنافسة.