تقرير رسمي: تأخر الحكومة أثر “سلبا” على منحى احتجاجات الحسيمة
اتهم الزفزافي ب"التحريض على العنف والكراهية"
قال المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب، إن تعامل الحكومة مع احتجاجات الحسيمة شمال البلاد، اتسم بالتأخر والالتباس، معتبرا أن هذا الأمر أثر بشكل سلبي في منحى الاحتجاجات التي دامت قرابة سنة.
وسجل المجلس في ملخص تركيبي لتقريره حول “احتجاجات الحسيمة”، نشره الليلة الماضية، بأن مطالب المحتجين تميزت ب”الزيادة المضطردة في عناصرها وبتطور وتيرتها”، وأن تأخر الحوار مع أعضاء الحكومة وشبه انعدامه مع منتخبي المنطقة لمدة ستة أشهر “أثر سلبيا على منحى الاحتجاجات”.
وأضاف المجلس الذي تترأسه أمينة بوعياش، أن المحاولات الأولى للحوار “لم تعتمد على مقاربة تشاركية”، واوضح أن التجاوب الفعلي للحكومة جاء في فترة كانت الاحتجاجات قد أخدت “منحى تصاعدي”.
وزاد التقرير مبينا أن طريقة تدبير الحكومة للملف اتسمت ب”الاتباس وعدم الانسجام أو الاتفاق، تتراوح بين التنديد والمطالب بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة”، وذلك في إشارة إلى التخبط الواضح الذي ظهر بين مكوناتها إبان الأزمة والمواقف المتضاربة التي أعلنت عنها أحزاب الغالبية.
وأشار المجلس إلى أن احتجاجات الحسيمة عرفت استعمال العديد من التعابير التي تحرض على “العنف والكراهية”، وذكر التقرير مقتطفات من الكلمات التي ألقاها ناصر الزفزافي متزعم الحراك مثل قوله: “یریدون أن یدخلوا الریف في مستنقع من الدماء”، و”الدو لة المخزنیة ترفض الریف والنظام یكره منطقة الریف”، وهي الأقوال التي اعتبرها التقرير “تحريضا على العنف والكراهية”.
وقال المجلس إن مثل هذه المنطوقات “لا تضيف شيئا إيجابيا لتحليل المطالب والترافع حولها، بقدر ما تشكل تحريضا على العنف والكراهية التي تعتبر ممارسات تهدد الديمقراطية والتمتع بحقوق الإنسان”، حسب التقرير.
وأبرز التقرير أن الاحتجاجات التي تفجرت منذ أواخر أكتوبر 2016 حتى يوليو 2017 بمنطقة اريف، شهدت تنظيم 814 تظاهرة احتجاجية “لم يقم المحتجون بتقديم أي طلب للحصول على أي تصريح أو إشعار، رغم أن تنظيم هذه المظاهرات كان مخططا له ولم يكن عفويا في غالبيته”.
وأضاف التقرير أن المرحلة الأولى من الاحتجاجات عرفت التظاهر السلمي لمدة طويلة، وسجلت “احتجاجات في الليل والنهار، وأشكال جديدة وغير مألوفة من الاحتجاج مثل الطنطنة واللباس الأسود”، لافتا إلى أن حضور القوات العمومية في هذه المرحلة كان إما “رمزيا أو غائبا”.
وزاد التقرير مبينا أن المرحلة الثانية من حراك الريف، تميزت ب”الرشق بالحجارة”، حيث كان المتظاهرون يوجهون “حجارتهم للمحتجين خلال محاولات الأمن فض تجمهرهم، وهي الفترة التي سجلت حالة وفاة عماد العتابي وشخص آخر، دون تسجيل إصابات أخرى في صفوف المدنيين”، وأكد أنها تميزت ب”العنف الحاد”.
وقال المجلس الوطني لحقوق الإنسان إن المتظاهرين “أضرموا النار في إقامة القوات العمومية، وسجلت أعنف محطاتها يوم 26 مارس/آذار 2017 و20 يوليو/تموز من العام ذاته، حيث عرفت مدينة الحسيمة أربعة احتجاجات متزامنة في أحياء متفرقة منها”.
كما عبر المجلس عن ارتياحه لعدم” استخدام أي أسلحة أو وسائل نارية خلال اثني عشر شهرا من الاحتجاجات، واستعمال المياه والقنابل المسيلة للدموع لمرات قليلة لتفريق المتظاهرين”، مبرزا أن المشاريع التي أطلقت في الحسيمة بعد الحراك تمثل “مصالحة اقتصادية وتتطلب تطويرها وتقييمها، والرأي العام كان ضحية 80 في المائة من الأخبار غير الصحيحة حول الاحتجاجات”.
وأشار التقرير إلى وجود 302 ألف منشور مرتبط بأحداث الحسيمة، على شبكات التواصل الاجتماعي، اعتبر 10 آلاف منها تنشر الكراهية والعنف، وأكد المجلس أن فريقا تابعا له تعمق في البحث في هذه المنشورات واستنتج أنها “صادرة عن مواقع خارج المغرب، كما أن المنشورات التي لا تعكس حقيقة الحراك 19 في المائة فقط من المغرب، وتوزعت مصادر الجزء الأكبر منها بين دول بلجيكا وهولندا وألمانيا”، في تأكيد منه للاتهامات التي وجهتها الحكومة المغربية لأطراف خارجية بالاستثمار في احتجاجات الريف.
كما اعتبر التقرير أن الترويج لمعطيات خاطئة كان “سببا رئيسيا في نشر صورة مغلوطة على ما تعرفه الحسيمة من احتجاجات، وكون لدى القراء صورة غير صحيحة”، مشددا على أن التقرير جاء لكشف “الحقيقة للمغاربة ومن دون ترضيات”.
وزاد موضحا أن “أعمال الشغب والاحتجاج ذو الطابع العنيف فوت الفرصة للحوار حول مطالب ترصيد مشاريع التنمية في مواجهة ضعف التمدرس وارتفاع البطالة والنهوض بالحسيمة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا”.