خبراء وأكاديميون يبرزون دور المجتمع المدني في الدفاع عن مغربية الصحراء

الحسيني يطالب بإنشاء مجلس وطني للدبلوماسية

أجمع خبراء وأكاديميون على دور المجتمع المدني في الترافع عن قضية الصحراء المغربية والدفاع عن السيادة الترابية للمملكة، إلى جانب النجاحات المتواترة التي تحققها الدبلوماسية الوطنية الرسمية على عدد من الأصعدة.

وقال عمر المراكشي، رئيس جمعية فاس سايس، اليوم الثلاثاء، بمقر أكاديمية المملكة المغربية، في ندوة لرابطة الجمعيات الجهوية حول القضية الوطنية، بعنوان:”دور المجتمع المدني للتكامل مع أدوار الدولة في خدمة الوحدة الترابية”، إن المجتمع المدني لعب دورا أساسيا في المسألة، انطلاقا من المسيرة الخضراء إلى تأمين معبر الكركرات الحدودي، مشيدا بما قدمته الدولة من نجاحات انسجاما مع ما يوليه الملك محمد السادس من عناية بقضية الوحدة الترابية في كافة المناسبات.

وأوضح المراكشي أن أزمة المغرب مع الجزائر كشفت جليا ما يخفيه التاريخ، مسجلا أن الملتقى يعد بداية لمبادرات متعددة، تمت بعد تقديم اقتراحات والاشتغال لسنتين ليرى النور اليوم، تتلوه ملتقيات مماثلة.

من جهته، أفاد تامر البشير، مساعد أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، بانخراط فعاليات المجتمع المدني في تخليق الحياة العامة وتعزيز قيم الديمقراطية.

وذكر البشير في كلمة ألقاها بالنيابة عن عبد الجليل الحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، أن الإنسان محكوم بالعيش المشترك، وهو ما يفسر عدم التفريق بين المجتمع المدني والدولة.

ولفت البشير إلى أن الملك محمد السادس شدد في مختلف المناسبات على أهمية تفعيل المجتمع المدني تعزيزا لدولة الحق والقانون، فضلا عن كون الدستور نص في الفصل 12 على دوره الأساسي في نفس الاتجاه.

بدوره، أكد عبد الكريم بناني، رئيس رابطة الجمعيات الجهوية، على دور الجمعيات في تأطير أبناء الوطن ثقافيا وفكريا وسياسيا واجتماعيا بأن المغرب وأبناؤه جسم واحد وقوة واحدة لا تقبل بالمساس بالوحدة الترابية والسيادة الوطنية.

وقال بناني:”الشعب المغربي برهن على تشبثه بأرضه وحريته وكرامته بالحكمة والقوة السياسية وحسن التدبير، والتاريخ يشهد له، بملاحم راسخة، نتوارثها أبا عن جد ونلقنها للأجيال المقبلة”.

وأوضح بناني أن الملك محمد السادس عمل منذ اعتلائه العرش على استنهاض دور المجتمع المدني في جميع مناحي الحياة في تكامل وانسجام تام مع السياسات العمومية من أجل بناء قوي لأسس الدولة وما تقوم به”.

واعتبر تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية، أن وسائل التواصل الاجتماعي شيء مهم وخطير وجب أخده بعين الاعتبار، علما أن أكثر من 90 بالمائة من المواطنين يتوفرون على هاتف ذكي، وبالتالي وجب على الجمعيات أن تعيد النظر في مقاربتها للقضية الوطنية تماشيا مع المتغيرات الحديثة التي تفرضها التكنولوجيا.

وقال الحسيني:”الملك محمد السادس اعتبر، في رسالة سنة 2000 بمناسبة يوم الدبلوماسية، أن الدبلوماسية التقليدية التي تمارسها الوزارة والجهات الرسمية لم تعد قادرة على تحديات المرحلة، وبلغت محدوديتها وبالتالي وجب استيعاب الفاعلين لتوظيف دبلوماسية موازية للدفاع عن حقوق الوطن”.

وأضاف الحسيني أن المنظمات غير الحكومية نسيج يؤثر على الفضاء السياسي والرأي العام الداخلي لإعطاء الجبهة الداخلية الحصانة للظهور بالقوة اللازمة، من خلال عقد ندوات ولقاءات للتأثير في المنصات الإلكترونية.

وأكد الحسيني أن الجزائر تضر نفسها عن طريق ممارساتها العدائية تجاه المغرب، المتمثلة في قطع العلاقات ومنع الطيران المدني وإيقاف أنبوب الغاز، بحيث وصلت للهلوسة في التعامل مع الشأن الداخلي، مما يفرض توفر الحكمة من الجانب الجمعوي المغربي وربط الاتصال مع فعاليات جزائرية للنقاش وتوضيح الرؤى والتواصل وإنشاء قوة للتغيير.

على صعيد ذي صلة، دعا الحسيني إلى ربط علاقات وطيدة مع المنظمات الدولية كهيومن رايتس ووتش وأمنستي وغيرها والعمل مع المنظمات الموازية لتجاوز التحديات المطروحة، مشيرا إلى دور مغاربة العالم ممن يحتلون مناصب كبرى في دول الإقامة، إلى جانب التفكير في دعم العائدين من مخيمات تندوف لإعطاء بعد آخر للعمل الجمعوي، وأيضا التحرك الفردي، عن طريق تقديم عرائض واقتراحات لدى السلطات المعنية.

وطالب الحسيني المنصات المغربية بالالتزام الصمت والحكمة وعدم الرد على السب والقذف من طرف النظام الجزائري وأتباعه إسوة بتبصر الدولة المغربية، باعتبار أن الأمر يهم شعبا شقيقا يعيش في أزمة.

وناشد الحسيني وزارة الخارجية بإنشاء خلية بالإضافة إلى مجلس وطني للدبلوماسية، بالتنسيق مع فعاليات المجتمع المدني.

من جانبه، قال أنس السرغيني، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن الدفاع عن القضية الوطنية واجب وطني وتاريخي وإنساني، يقتضي من المجتمع تطوير الحجج والأدلة أثناء السجالات مع الأطراف المعادية، علما أن أطروحة الاستقلال غير مطروحة كما أن تقرير المصير لا يعني الاستقلال بل القبول بالحكم الذاتي وفق شروط السيادة المغربية، وهو أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب.

وسجل الموساوي العجلاوي، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة محمد الخامس بالرباط وخبير في الشؤون الإفريقية، أن الدبلوماسية المغربية مرتبطة ببناء الدولة المغربية، بوجود وثائق في الملكية البابوية بروما حول تبادل الرسائل بين السلاطين المرابطين والبابا حول كنائس موجودة في مراكش.

وأشار العجلاوي إلى تنوع الدبلوماسية بين الجانب الاقتصادي والعسكري والديني، حيث أن 200 مليون مالكي في إفريقيا الغربية يعترفون بإمارة المؤمنين، فضلا عن الدبلوماسية الشعبية الموازية.

وأفاد حسن أوريد، كاتب وأستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس ومستشار علمي لمجلة زمان المغربية، أن قطع الجزائر للعلاقات مع المغرب يقطع مع بعض الغموض، علما أنها تدعي كونها ليست طرفا في ملف الصحراء.

وذكر أوريد أن الغضب الجزائري مرده نجاحات الدبلوماسية المغربية، مسجلا أن الدفاع عن مغربية الصحراء هو دفاع عن مستقبل المغرب.

ودعا أوريد إلى تبني رؤية جديدة حول القضية الوطنية بالإضافة إلى التركيز على البعد الاقتصادي بما يخدمها، مع إعادة النظر في البرامج المدرسية ودور الإعلام ودعم الشباب للاستقرار في المناطق الجنوبية.

من جانبه، شدد عبد الفتاح بلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن المغرب حقق تراكمات استراتيجية ثابتة وتحولات متفاعلة اقتصاديا في البعد الإفريقي.

واعتبر بلعمشي أن تلويح”البوليساريو” بالعودة للسلاح يمثل هروبا للأمام كلما اقترب موعد زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، وتعبير عن انهيار أطروحة الانفصال التي يقابلها دعم كبير لعدد من الدول للحكم الذاتي في الصحراء المغربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى