مبارك ربيع: لم أتناول أي موضوع في رواياتي إلا وكان له نصيب في الذاكرة

قال الكاتب والروائي المغربي مبارك ربيع إنه لم يتناول أي موضوع في رواياته إلا وكان له نصيب في الذاكرة أو أحد المراجع، خاصة “أني كتبت عن المقاومة وحرب أكتوبر ولم أكتب عن الحدث بل ألفت رواية”.

وشدد ربيع الذي كان يتحدث في حلقة مساء السبت من البرنامج الثقافي “مدارات” الذي يقدمه الإعلامي عبد الإله تهاني، على أمواج الإذاعة الوطنية، على القول إن “الرواية ليست هي الحدث، بل هي فن، لكون الحدث يمكن أن يقرأ كخبر أو كحدث تاريخي”، مضيفا أنه يحاول إعطاء “شعور” بأنه استطاع بالفعل أن يتناول موضوعات عدة، و”لا يعني ذلك أن هناك أجندة ولائحة يجب استنفاذها، وإنما شعور بالنقصان وأن هناك شيئا يجب أن نكتب عنه”.

وأكد ربيع أن المرجعية الأساسية في كتابته الروائية هي انفعاله وتفاعله مع الموضوع، مقدما مثالا بالمقاومة ضد الاستعمار التي عاش بعض فصول أحداثها مع وجود رفاق له سقطوا شهداء في تلك المرحلة، مضيفا أن تأليفه رواية “رفقة السلاح والقمر” جاء نتيجة تفاعله مع أحداث الحرب في الجولان.

وخلص في هذا المجال إلى أن “الفن الروائي والتصنيفات أمور متجاوزة قد يحتاجها الأكاديميون وغيرهم”.

وسلط ربيع خلال هذه الحلقة الضوء على جوانب من مساره الأدبي والفكري والجامعي، في سياق حوار في الثقافة والمجتمع تطرق لقضايا أدبية وتربوية آنية.

واعتبر ربيع، في جواب عن سؤال حول تنوع إنتاجه الروائي بين أنماط الكتابة الحماسية والتاريخية والتسجيلية، أنه لا يستسيغ هذه التصنيفات لكون “الكاتب يكتب الرواية التي ليست هي الموضوع، بل الفن الذي تقوم عليه الرواية”.

وأوضح ربيع أن عالمه الروائي، الذي تفاعل معه، لم يتأتى فقط من المعايشة المباشرة، وإنما يمتد من الفكر اليوناني إلى السرد الأوروبي والروسي والأميركي، لأن “الرواية الفن ليست نظريات علمية، فكل إنتاج له فنياته الخاصة، وهي تتآلف في عالمي الروائي الذي عشته”.

وعن تطور تجربته من الروائية القصيرة إلى الطويلة، اعتبر ربيع أنها مسألة “عادية” وشكلية، تتعلق بعوامل عديدة ضمنها تطور النشر والطباعة.

وأكد من جانب آخر أن القصة القصيرة “ببنائها وطبيعتها تساوي رواية بمعمارها الفني”، معبرا عن رفضه لفكرة المقارنة بين الرواية والمجموعة القصصية لأن لكل واحدة منهما هدف مختلف، “فالقصة القصيرة متفردة وهي نتيجة لحظة انقداح معين للتوهج”، في حين أن “الرواية تأملية لسنوات من الاشتغال”.

وفيما يتعلق بتجربته في مجال البحث العلمي في علم النفس الاجتماعي والعلاقة مع الكتابة الأدبية، شدد ربيع على أن هناك “روائيون لا علاقة لهم بالأدب ونجحوا في كتاباتهم”، مبرزا أنه استفاد من علم النفس “بطريقة عفوية وليس من خلال منهج علمي”.

وذكر أن العلم بطبائع البشر لا يتطلب دراسة علم النفس الأكاديمي للقيام بتأليف رواية، “بل التماهي مع هذه الشخصيات”، مقدما مثالا بالممثل الجيد الذي يعرف كيف يتقمص الشخصيات التي يجسدها.

وفيما يخص قضايا التعليم والتربية، أبرز ربيع أن المسألة التعليمية بالمغرب لا تحتاج إلى التوافقات، بقدر ما تحتاج إلى منهجية وتجربة تصاغ على شكل استراتيجية سياسية للبلاد بناء على خبرة علمية وعملية، مع توفر التجربة والكفاءة في من يكلفون بإعداد هذه الاستراتيجية.

واعتبر أن حدث محاربة فيروس كورونا يشكل فرصة للمغرب لإطلاق تجربة تربوية جديدة، ولإعادة النظر في نمط التعليم الحالي، خاصة أن تاريخ التربية “يعلمنا أن النظريات والطرق التربوية الفعالة اكتشفت في الظروف الاجتماعية السيئة الناتجة عن مخلفات الحروب والحالات الاستثنائية من الناحية الانسانية”.

من جانب آخر، قال ربيع إن الكتابة للأطفال “صعبة جدا”، ويجب على من يكتب لهم أن يكون “أديبا ومربيا وصانعا (حرفيا) ملما بالموضوع الذي يتحدث عنه”.

يذكر أن مبارك ربيع عرفته الساحة الأدبية المغربية والعربية كواحد من الوجوه الثقافية الأكثر إسهاما في الكتابة والبحث والإشراف على أجيال من الباحثين سواء في المجال الجامعي والإبداع الأدبي.

وتتضمن الخزانة المغربية والعربية العديد من المؤلفات التي أنتجهاربيع طيلة أربعين سنة من العطاء الحافل بالروايات والمجموعات القصصية والمؤلفات في الدراسات التربوية والنفسية، والعديد من السرديات الخاصة بالأطفال والفتيان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى