الأحياء الشعبية تعيق الالتزام بحالة الطوارئ الصحية في المغرب
نادية عماري
تشهد عدد من الأحياء الشعبية في مدن المغرب التزاما”محدودا” و”ضئيلا” بحالة الطوارئ الصحية، التي أقرتها البلاد، أخيرا، تحسبا لانتشار فيروس كورونا المستجد، في تجاهل تام للوضعية الدقيقة والاستثنائية التي تفرضها هذه المرحلة في الوقت الحالي.
وتعج مختلف الأسواق الشعبية والمحلات التجارية بمواطنين يصطفون لاقتناء حاجياتهم اليومية من مواد غذائية ومطهرة، منذ ساعات الصباح الأولى وإلى حدود منتصف اليوم، حيث تقفل المتاجر أبوابها على الساعة السادسة مساء.
وعاينت “صحراء ميديا المغرب” اكتظاظا كبيرا على مستوى المدينة العتيقة لسلا، حيث يحرص المواطنون على الخروج بكثافة يوميا للتبضع على مختلف فئاتهم العمرية، في حين يختار رجال ونساء من الأوساط الشعبية تجاذب أطراف الحديث حول الحالات المسجلة في البلاد والوضعية الوبائية في المغرب وباقي دول العالم.
وتعرف محلات ودكاكين بيع الدجاج واللحوم الحمراء والبيض والخضر والفواكه وغيرها من المواد الغذائية إقبالا كبيرا على الرغم من توفرها بشكل وافر وفق معطيات رسمية.
وتتواصل الأنشطة المهنية غير المهيكلة التي يمارسها أصحاب الدخل المحدود في العديد من المناطق، حيث عمد الكثير منهم لتغييرها من بيع الأكلات السريعة والبسيطة إلى عرض الخضر والفواكه، في حين قام شباب آخرون بالتسول، عن طريق دعوة المارة بشكل كاذب لمساندتهم في مشوارهم الرياضي، أو ما يصطلح عليه بظاهرة “عاون الفريق”.
تتغير هذه العادات اليومية نسبيا بمجرد حلول الساعة الخامسة مساء، حيث تدأب معظم الأسر على الالتزام بقواعد عدم التجول التي فرضتها السلطات، إلا أن الأمر لا يخل من وجود أعداد كبيرة من الشباب والمراهقين وأحيانا الأطفال، ممن يقومون بالجلوس في الطرقات ومداخل الأحياء الشعبية للمدينة، لتجاذب أطراف الحديث وتغيير روتينهم اليومي.
في مشهد مثير، يصطف عدد من المواطنين، مساء، من دون احترام المسافة التي تفرضها ظروف الوقاية من المرض، أمام أحد الدكاكين بالمدينة، لشراء ما ينقصهم من مواد، حيث يعمد البائع لغلق الباب بإحكام والتعامل معهم انطلاقا من نافذة صغيرة، تحسبا لأي قدوم مفاجئ لعناصر الأمن قد يعرضه لعقوبة حبسية لمخالفته للإجراءات المتخذة وتعليمات السلطات.
في سياق متصل، تنظم فعاليات جمعوية بسلا وغيرها من المدن المغربية حملات تحسيسية بين الفينة والأخرى لتوعية المواطنين بضرورة المكوث في المنزل وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، مع تقديم نصائح للوقاية من الوباء.
ويحرص أعوان السلطة على القيام بجولات يومية في إطار التدابير الاحترازية لمواجهة المرض ومراقبة مدى تطبيق المواطنين لها، مما ينجم عنه في الغالب اعتقال من لا يستجيب لحالة الطوارئ، آخرها توقيف 113 راشدا و9 قاصرين، في مدينة سلا، في ساعات متأخرة من الليل من دون مبرر أو التوفر على رخص تنقل استثنائية.
في غضون ذلك، خلفت صور تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي لمواطنين يتوافدون على الملحقات الإدارية لأخذ وثيقة التنقل الاستثنائي غضبا كبيرا في مناطق عديدة، أبرزها واقعة تدخل الأمن لحماية مقدم “عون سلطة” في مدينة طنجة، بعدما طلب النجدة، إثر تجمهر العشرات منهم عليه، من أجل تسلمها.
يذكر أن مجلس الحكومة صادق، أخيرا، على مشروع مرسوم بقانون رقم 2.20.293، يتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية في سائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس “كورونا” المستجد “كوفيد-19″، بدءا من 20 مارس الماضي إلى 20 أبريل الحالي، على الساعة السادسة مساء، وهو ما يخول السلطات العمومية المعنية لاتخاذ التدابير اللازمة، من أجل عدم مغادرة الأشخاص لمحل سكناهم، ومنع أي تنقل لكل شخص خارج محل سكناه إلا في حالات الضرورة القصوى، ومنع أي تجمع أو تجمهر أو اجتماع لمجموعة من الأشخاص، وإغلاق المحلات التجارية وغيرها من المؤسسات التي تستقبل العموم خلال فترة الطوارئ الصحية المعلنة.