وهبي: سنتحول من الحجر الصحي للحجر السياسي
قال إن الزمن الذي كان فيه حزبنا حطب النار ل"العدالة والتنمية" انتهى
نادية عماري
قال عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي المعارض، إن البلاد ستتحول من فترة الحجر الصحي للحجر السياسي إذا استمر تغييب زعماء الأحزاب السياسي قسرا من الظهور في قنوات الإعلام العمومي، في ظل الأزمة الحالية التي خلفها فيروس كورونا.
وقال وهبي، في حوار عن بعد، مع ثلة من الإعلاميين، نظمته مؤسسة الفقيه التطواني، بعنوان “الأحزاب السياسية وقضايا الساعة”، مساء اليوم السبت، “لا يمكن أن يبقى الحجر التنظيمي والسياسي قائما في ظل تهميش دور الأمناء العامين المهم من خلال إدارة أي مشكل سياسي وفكري واستفزاز الرأي العام إيجابا والحديث بصراحة وشفافية”.
واعتبر وهبي أن حرمان القيادات السياسية من وسائل الإعلام وما تتعرض له من حيف وظلم منطق غير مفهوم في دولة تمتاز بالمشروعية الملكية، مما يجعل المواطن يحقد على هذه الهيئات السياسية، ظنا منه أنها تظهر فقط لقضاء مصالحها وتغيب في وقت الأزمات، وهو أمر غير صحيح.
وحول التغيرات التي أحدثها انتشار كورونا، أشار وهبي إلى ظهور “اقتصاد الوباء” بانعدام أي تجربة في الفكر الاقتصادي العالمي، مما خلق تحديا كبيرا وأزمة في مفهوم العولمة، حيث تم وقف جميع الاتصالات الدولية لتبحث كل دولة عن حلول لنفسها وحجز ما تملكه من مدخرات طبية وعلاجية، فيما ظلت الدول الفقيرة لوحدها في عز الأزمة الحالية، مما يفرض إعادة النظر في العلاقات الدولية.
وزاد مبينا: “العنصر الثاني يشمل العودة للدولة الراعية التي أصبحت هي المسؤولة عن توفير الدعم للمؤسسات العمومية والقطاع الخاص، إلى جانب إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية رغم كل الانتقادات الموجهة لها، فخريجوها من قطاعات التعليم والطب والأمن هم من يتحملون مسؤولية حماية الوطن”.
وأوضح الأمين العام لحزب الاصالة والمعاصرة أن الوباء خلق تفكيرا اقتصاديا واجتماعيا جديدا يستوجب إعادة النظر في النموذج التنموي الجديد، والاحتكام للاقتصاد الرقمي مستقبلا، خاصة مع تزايد أعداد العاطلين عن العمل جراء الوباء.
وقال وهبي إن اقتصاد المغرب استطاع لحد الآن أن يستوعب الصدمة ويتحمل تكاليفها بدعم من الدولة وتوافق وطني بين الأحزاب والنظام والشعب، لتشكل البلاد قوة منسجة اقتصاديا وسياسيا بإمكانها مواجهة الآخر.
وبشأن العلاقة الإيجابية التي تجمع بين “الأصالة والمعاصرة “وحزب العدالة والتنمية أخيرا، ذكر وهبي أن “عنف” الوضع الاقتصادي ما بعد الوباء يفرض الدخول في توافقات، في ظل الحوار الدائم واليومي الذي يجمع الحزبين ومختلف الأحزاب الأخرى حول كيفية تدبير الأوضاع في المغرب.
وقال وهبي: “ليس لي موقف سلبي من (العدالة والتنمية)، ما يجمعني به هو الاختلاف لكن باحترام متبادل، فالسياسة ليست الشتم وتبادل الكلمات القبيحة. ان الظرفية الحالية لا تسمح بممارسة المعارضة، يلزمنا توافق للخروج من الأزمة، فقد انتهى الزمن الذي كان فيه حزبنا هو حطب النار لحزب العدالة والتنمية وتقديم خدمات لأحزاب أخرى”.
وكشف وهبي عن تغيير الحزب لطريقة تدبيره مستقبلا بالفصل في الهيمنة من طرف أشخاص وتصرفات لا علاقة لها بالمؤسسات، فضلا عن إحداث تحولات كبيرة بشأن الوضوح المالي وطبيعة العلاقة مع الإدارة، وعدم التدخل في القضايا الداخلية للأحزاب أو التآمر ضد أي منها، ليتحول لحزب عادي مثل باقي الهيئات السياسية.
وحول إمكانية تأجيل انتخابات 2021، أفاد وهبي بوجود مسار ديمقراطي وجب الحفاظ عليه للنهاية، في إطار فتح نقاش مع الأحزاب، خاصة أن الأولوية تفرض الاهتمام بالوضع الاقتصادي للمغاربة، في ظل الوضعية المالية الصعبة التي لن تسمح للدولة والمرشحين بخوض الاستحقاقات، إلى جانب اقتراع نسبة مئوية ضئيلة من المواطنين.
واعتبر وهبي أن الحكومة الحالية لا يمكنها الاستمرار إذا كان هناك تأجيل للانتخابات، لتحل مكانها حكومة وحدة وطنية تقوم بإدارة الشأن العام للبلاد.
وطالب وهبي الحكومة المغربية بالتفكير في تقديم دعم مالي للمهاجرين المقيمين بالخارج، وإن كان هذا الامر صعبا أو على الأقل الإنصات والاستماع إليهم في هذه الظروف العصيبة.
من جهة أخرى، قال وهبي إن البنوك كان لها دور سلبي في الأزمة بتخليها عن دورها ورغبتها في الاستفادة من الدولة وصندوق كورونا، مما أثر بشكل سلبي على رؤية المواطن المغربي.
وجدد الأمين العام لحزب الاصالة والمعاصرة مطالبته بالإفراج عن معتقلي حراك الريف والصحفيين لخلق انفراج وطني وسياسي.
وعبر عن تفاؤله بوجود التفاتة ملكية في الوقت المناسب تسمح بإطلاق سراحهم في رمضان.
ودعا وهبي الحكومة للاستغناء عن استيراد المنتوجات الدولية لفائدة الوطنية، من خلال اعتماد سياسية حاسمة وجريئة للخروج بأقل الخسائر، خاصة أن قرار إغلاق الحدود مع أوروبا يجب أن يمتد لسنة، مما ينجم عنه تضرر القطاع السياحي، وبالتالي تشجيع السياحة الوطنية لإنقاذ المطاعم والمقاهي والمنتجعات التي تشغل عددا كبيرا من العاملين.
وطالب وهبي الجزائر بضرورة التعاون مع المغرب لتفادي أضرار الوباء وآثار الوضع الاقتصادي، خاصة أنها تستورد 98 في المائة من احتياجاتها الغذائية، مما يعني أنها لن تجد ما توفره لمواطنيها بعد فترة وجيزة جراء إغلاق الحدود بين الدول.