شنآن بين “العدالة والتنمية” المغربي ومحلل سياسي بسب آرائه
السحيمي ل"صحراء ميديا المغرب": هل أصبح هذا الحزب مقدسا؟
بعدما كانت تحليلات وقراءات مصطفى السحيمي، الأكاديمي والمحلل السياسي المغربي، لما يعتمل داخل المشهد السياسي من أحداث محط تقدير واحتفاء من طرف حزب العدالة والتنمية وأتباعه طيلة السنوات الأخيرة، يبدو أن السحيمي أصبح خصما جديدا للحزب، ذي المرجعية الاسلامية، بعدما نال قسطا من سهام نقده لتدبير المرحلة الدقيقة التي تعيشها البلاد في ظل جائحة “كورونا”.
وامتعضت قيادة الحزب، الذي يقود الحكومة من القراءة التي بسطها السحيمي في مقالات نشرها أخيرا بمجلة “ماروك إيبدو” الفرنكوفونية، والتي وجه فيها انتقادات للحزب، وحمله مسؤولية الفشل الذي يلازم القطاع الصحي، وعرت جائحة كورونا مساوئه.
ورأى السحيمي، وهو أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن ما كان ينبغي القيام به في قطاع الصحة “لم يتم، وأن السنوات الثماني التي قضاها حزب العدالة والتنمية في الحکومة، لم تشهد إنجاز الإصلاحات اللازمة”، معتبرا أن الحزب أبان عن محدوديته في تدبير الأزمات التي عاشتها البلاد في السنوات الأخيرة.
غير أن السحيمي لم يقف عن هذا الحد، بل ذهب إلى حد القول إن عجز حزب العدالة والتنمية في إدارة المحطات والأزمات الكبرى يرجع إلى افتقاده للأطر العليا ذات المسارات والخبرات الضرورية، وهو الأمر الذي دفع الملك محمد السادس إلى الإمساك بزمام الأمور وإيجاد الحلول للقضايا والملفات الأساسية.
واعتبر السحيمي أن الانجازات التي تحققت في عهد الحزب ، ذي المرجعية الإسلامية ، كلها ترجع بالأساس للملك محمد السادس الذي تدخل في أكثر من مناسبة لتصحيح وتقويم ما يسجل من نقص في أداء حكومة سعد الدين العثماني، لافتا إلى التغييرات التي شهدتها في مناسبات عدة تبين “عجزها”.
وفي اتصال لموقع “صحراء ميديا المغرب” بأحد قادة حزب العدالة والتنمية، الذي فضل عدم ذكر اسمه حول الموضوع، اعتبر أن السحيمي “أكاديمي محترم له الحق في التعبير عن آرائه، غير أنه كلامه ليس مقدسا وقابل للانتقاد والرد”.
وأضاف المصدر ذاته “نحن لا نريد أن ندخل معه في جدال. هو عبر عن رأيه، والحزب رد عليه من خلال مقال مبني على حجج وأدلة تفند الكثير من التجني على الحزب الذي تضمنته مقالاته، وأظن أن هذا الموضوع ينبغي أن يغلق”.
وزاد موضحا أن رد لجنة أطر وخبراء حزب العدالة والتنمية على السحيمي، تضمن مجموعة من الأمور التي تفند ما جاء في مقالاته، معتبرا أن رده “كان إيديولوجيا، وكان عليه أن يقبل النقاش ويتقبل الانتقادات، لأن الحزب واجهه بمؤشرات رقمية حول الحصيلة التي سيحكم عليها الشعب في الانتخابات”.
وأثار المقال الذي نشره الموقع الرسمي للحزب باللغة الفرنسية، ردا على السحيمي، موجة من التساؤلات، خصوصا بعدما تضمن انتقادات حادة للأكاديمي والمحلل السياسي، وهو الأمر الذي عده البعض “زلة” ما كان على الحزب أن يقع فيها ، ويتقبل انتقاداته بصدر رحب من دون إثارة أي ضجة.
واتصل “صحراء ميديا المغرب” بالأكاديمي مصطفى السحيمي، لاستقاء رأيه حول الرد العنيف الذي قابل به حزب العدالة والتنمية انتقاداته، حيث قال: “أرفض تخويني من طرف حزب العدالة والتنمية وأتمسك بما عبرت عنه من رأي وتحليل للمرحلة”، وأكد أن ما عبر عنه الحزب “يدفعنا إلى التساؤل حول ما إذا كان يؤمن بالديمقراطية وحرية التعبير؟”.
وأضاف السحيمي “المقال الذي نشره الحزب، جاء بعدما أحالته لجنة الأطر والخبراء على نائب الأمين العام سليمان العمراني، الذي نقله إلى سعد الدين العثماني، الذي وافق على نشره بعد اطلاعه عليه”، مشددا على أن لديه معطيات تثبت هذا الأمر من مصادر من داخل الحزب.
وزاد السحيمي مبينا “أرفض هذا الأسلوب، وكتبت ما كتبت وأتشبث به، وأتساءل معكم، هل أصبح حزب العدالة والتنمية مقدسا ولا يمكن انتقاده”. ومضى مشددا “أنا لا أنتمي لأي تيار ، وسبق لي أن انتقدت حزب الأصالة والمعاصرة في عهد إلياس العماري، وكذلك حزب التجمع الوطني للأحرار، وأرفض تخويني”.
وجدد السحيمي التمسك بقراءته التي أشعلت غضب حزب رئيس الحكومة، وسجل فيها افتقار “العدالة والتنمية” للأطر القادرة على تدبير القطاعات الحكومية التي تتطلب إصلاحات كبرى، مبرزا أنه سيفتقد لأي حصيلة إيجابية يمكنه الدفاع عنها، وأن كل ما أنجز كان بفضل إرادة الملك محمد السادس.
وأضاف السحيمي موضحا أن جائحة كورونا كشفت اختفاء الحزب وأمينه العام الذي يترأس الحكومة عن تدبير الأزمة التي تدخل فيها الملك، وأشرف على خطة تطويقها، مبرزا أن الوزراء الذين تصدروا المشهد ودخلوا في مواجهة مباشرة مع الفيروس “لا ينتمي أي منهم إلى حزب العدالة والتنمية، وأكدت أن وزارة الداخلية هي التي تدير الأزمة وفي اتصال مباشر مع المواطنين”.