قانون شبكات التواصل الاجتماعي يثير جدلا واسعا في المغرب
تضمن عقوبات قاسية في حق المطالبين بالمقاطعة الاقتصادية
تعيش وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب حالة من الغليان منذ الليلة الماضية، بسبب ما وصف بتسريب مسودة مشروع القانون رقم 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، الذي صادقت عليه الحكومة في اجتماع عقدته في 19 مارس الماضي.
وبدا لافتا أن مشروع القانون الذي أثار جدلا واسعا حول مقتضياته، لم تنشره الحكومة كما العادة في الموقع الرسمي للأمانة العامة للحكومة، الأمر الذي عده البعض مصدر ريبة وشك حول نوايا الحكومة في تمرير القانون الذي أغضب المغاربة ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.
وينص مشروع القانون الذي سرب بعض مضامينه الناشط مصطفى سوينغا، عبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، على عقوبات قاسية في حق المطالبين بالمقاطعة الاقتصادية في وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن تصل إلى 3 سنوات.
وجاء في مشروع القانون يعاقب دعاة المقاطعة الاقتصادية عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو بالتحريض العلني على ذلك بالحبس من ستة أشهر إلى 3 سنوات وغرامة من 5 آلاف إلى 50 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، وهي نفس العقوبة التي خصصها لمن يحرض العموم على سحب أموالهم من مؤسسات الائتمان.
كما نص المشروع على معاقبة من نشر خبرا يشكك في جودة وسلامة بعض المنتوجات والبضائع وتقديمها على أنها تشكل تهديدا وخطرا على الصحة العامة والأمن البيئي بالحبس من ستة أشهر إلى 3 سنوات وغرامة من 2000 إلى 20000 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ودفعت الانتقادات التي وجهت للحكومة بسبب القانون الذي أعدته وزارة العدل التي يقودها محمد بنعبد القادر، المنتمي لحزب الاتحاد الاشتراكي، وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، مصطفى الرميد، للتوضيح في صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، حيث أكد أن ما يتم تداوله من مضامين سبق الاعتراض عليه من قبل بعض أعضاء الحكومة.
وقال الرميد “لقد تضمن البلاغ الصادر عن المجلس الحكومي، عقب الاجتماع الذي تمت فيه مناقشة مشروع القانون 20.22، يتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، بتاريخ 19 مارس 2020، ما يفيد أن المجلس صادق على المشروع، على أن تتم مراجعته على ضوء ملاحظات السادة الوزراء من قبل لجنة تقنية وبعدها لجنة وزارية”.
وأضاف وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان مبينا “هذا يعني أن الصيغة النهائية للمشروع هي التي ستتم إحالتها على البرلمان، وهي التي يمكن مناقشتها وقبولها أو رفضها”، معتبرا أن “ما يتم تداوله حاليا من مضامين، سبق الاعتراض عليه من قبل بعض أعضاء الحكومة، لذلك فإنها تبقى غير نهائية، ويبقى أي نقاش حول مواد بعينها سابق لأوانه”، وذلك في محاولة لتهدئة الرأي وطمأنته بشأن المقتضايات التي أثارت الرعب في صفوف المواطنين ونشطاء شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي تفاعله مع الموضوع، علق الأكاديمي والباحث خالد يايموت، على القانون في صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) قائلا: “السلطوية فيروس وسلب حرية المغاربة وباء”، وأضاف “تقول الخبرة التاريخية، لا نجاح لدولة سلطوية مبنية عن تهميش الدستور والمؤسسات الديمقراطية”.
وزاد يايموت منتقدا مشروع القانون ومضامينه “لا نجاح لدولة منتشية بتهميش الأحزاب والمجتمع المدني، واختلاق معارك للتشويش والنيل من مكانة العلماء والمثقفين، ورجال الصحافة… القانون الخاص بوسائل التواصل الإجتماعي، الذي اقترحته وزارة العدل؛ هو نموذج لوباء تصاب به السلطة، ويهاجم الحرية تماما كما يهاجم الفيروس الأعضاء الحيوية لجسم الإنسان”.
ومضى الباحث ذاته موضحا “يبدو “أنهم” يستغلون الوضع- تركيز المغاربة على مواجهة كوفيد 19- لنشر فيروس السلطوية، باسم قانون وسائل التواصل الإجتماعي… أذا نجحت السلطوية في توسيع رقعة الإستبداد، ووضع الكمامة على أفواه المغاربة”.
وختم الباحث ذاته تدوينته ساخرا “قد تدعونا، جميعا -في المستقبل القريب- باسم الحكومة والبرلمان، والوطنية، للإنخراط في الحزب الشيوعي الصيني؟؟”، وذلك في انتقاد واضح منه للأطراف التي تدعم هذا القانون بصيغته الحالية.