“التقدم والاشتراكية”: مواجهة “كورونا” تفرض تعاقدا سياسيا جديدا في المغرب
اتهم الحكومة بتهديد لحظة الإجماع الوطني
نادية عماري
دعا حزب التقدم والاشتراكية المغربي المعارض إلى تبني تعاقد سياسي جديد يقوم على ميثاق اجتماعي وعلى تعميق الديموقراطية والحريات والمساواة الكاملة بين الجنسين، بهدف مواجهة التداعيات السلبية لجائحة “كورونا”.
وطالب الحزب في بيان له، تلقى “صحراء ميديا المغرب”، نسخة منه، بنهج مقاربة ترابية ناجعة قوامها اللامركزية والجهوية الحقيقية، واعتماد مخطط اقتصادي واجتماعي وإيكولوجي طموح، في إطار نموذج تنموي بديل.
واعتبر الحزب في البيان الذي صدر عقب اجتماع لجنته المركزية في دورة استثنائية عن بعد، السبت، أن هذا التوجه يستدعي إعادة ترتيب الأولويات الوطنية، والارتكاز على مقارباتٍ مالية وجبائية متجددة، وإعطاء مكانة الصدارة للاستثمار العمومي ولدور القطاع العمومي في إنعاش الاقتصاد الوطني وتحريك الطلب العمومي، في تكاملٍ مع الدعم الضروري للقطاع الخصوصي ولِعالَم المقاولة، مع الحفاظ على الثروات الطبيعية للبلاد.
وأفاد الحزب أن أسس هذا التعاقد السياسي الجديد ستمكن من إحداث جو من التعبئة الوطنية تقوم على الثقة والمصالحة مع الشأن العام، بُغية إشراكٍ فعال لمختلف فئات الشعب، نساءً ورجالا، وعلى رأسها الفئات الشابة في المجهود التنموي الوطني، مع ضرورة مُباشرة المراجعات الإصلاحية الأساسية، من خلال الاعتماد على الإنتاج الوطني، وتفضيل المنتوجات الوطنية، والسعي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجاليْ التصنيع والفلاحة، ومراجعة اتفاقيات التبادل الحر بما يخدم المصلحة الوطنية، فضلا عن دعم القطاعات الاقتصادية الأساسية المنتجة لمداخيل مالية وازنة والمُحدِثة لأعداد مهمة من مناصب الشغل.
وسجل حزب التقدم والاشتراكية ما أسماه ب”الهفوات التدبيرية” للحكومة في تدبيرها لجائحة “كورونا”، من أهمها النقائص التي تعتري استفادة الأسر من الدعم المالي المقرر لا سيما في ضواحي المدن والقرى والمناطق النائية، وهو ما يستدعي التوسيع الاستدراكي لدائرة المستفيدين من هذا الدعم.
وأعرب الحزب عن قلقه إزاء ضعف دور الحكومة السياسي، وارتباك أدائها، وعدم انسجام مكوناتها الذي كاد أن ينسف لحظة الإجماع الوطني من خلال الضجة التي أثارها مشروع القانون22.20 “المنبوذ” و”المشؤوم” الخاص بتقنين وسائل التواصل الاجتماعي.
وسجل الحزب أسفه لعدم إشراك الحكومة للمؤسسات والفعاليات الوطنيةوالاجتماعية المختلفة والأحزاب السياسية، كما ينبغي، في مناقشة وبلورة الحلول وفتح الآفاق، بما يتماشى مع ضرورة تمتين الوحدة الوطنية، باعتبار أن حالة الطوارئ الصحية لا تعني أبدا الانزياح نحو حالة طوارئ مُسيئة للديموقراطية.
ودعا الحزب إلى تدارك تقصير بعض مكونات القطاع الخاص في المجهود التضامني الوطني، لاسيما المجال البنكي، واستحضار دقة المرحلة التي تقتضي مساهمة الجميع في تحمل أعباء الأزمة وانعكاساتها الحالية والمستقبلية.
وطالب الحزب المعارض الحكومة بإيجاد حل عاجل لمسألة المغاربة العالقين بالخارج، رغم إدراكها للصعوبات المرتبطة بالموضوع، بالنظر إلى ما يعيشونه من أوضاع صعبة من جراء هذه الجائحة.
واعتبر حزب التقدم والاشتراكية أن الأزمة الراهنة أكدت فشل الرأسمالية في تقديم الأجوبة الملائمة على إشكالات الحياة والطبيعة والإنسان.
وقال الحزب إن جائحة كورونا لم تعمل فقط على تعميق أزمة الرأسمالية وما أنتجته من عولمة تُؤدي ثمنَهَا الشعوب، بل إنها فضحت أيضا ضعف وزيف التوجهات القائمة على الشعبوية والشوفينية، وعلى التطرف اليميني والتعصب الديني، وهو ما يسائل اليسار العالمي والوطني من حيث ضرورة إعمال مزيد من الاجتهاد، نظريا وعمليا، لاستعادة مكانته المطلوبة في قيادة مسلسل التغيير والاستجابة لانتظارات الشعوب.
وأشاد الحزب بالتدابير الصحية الاحترازية والاستباقية الجريئة التي اتخذتها البلاد، بقيادة الملك محمد السادس، في مواجهة الوباء وتداعياته، ومن ضمنها القرار الملكي المتعلق بإحداث صندوق خاص بذلك، مكن الدولة من اتخاذ جملة من القرارات الاقتصادية والاجتماعية الداعمة لفاقدي الشغل وللفئات الاجتماعية الهشة والفقيرة والمقاولة الوطنية.
وثمن حزب التقدم والاشتراكية الجهود المبذولة من طرف عناصر الصحة والأمن والتعليم وجميع الخدمات الضرورية، بما يساهم في ارتفاع منسوب الثقة بين المواطن والدولة ورد الاعتبار للمرفق العمومي.