وهبي يهاجم حكومة العثماني ويتهمها بتهديد السلم الاجتماعي للبلاد
قال إنها ارتكبت جريمة في حق المغاربة العالقين بالخارج
شن عبد اللطيف وهبي النائب وأمين عام حزب الأصالة والمعاصرة المغربي المعارض، هجوما حادا على رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بسبب طريقة تدبيره لأزمة كورونا، محذرا من أن سوء تدبير الأزمة أصبح يهدد السلم الاجتماعي للبلاد.
وقال وهبي في كلمة باسم فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، في الجلسة العامة لمناقشة عرض رئيس الحكومة الذي تمحور حول تقديم بيانات تتعلق “بتطورات تدبير الحجر الصحي ما بعد 20 ماي”، إن خطاب العثماني جاء “مخيفا ومحبطا للآمال، ومخالفا لروح الفصل 68 من الدستور”.
وأضاف وهبي مخاطبا رئيس الحكومة “نحن اليوم في حاجة لتقديم بيانات حول أزمة كورونا وبيانات حول الوضع الاقتصادي، بدل تقديم بيانات شخصية، والاكتفاء بالإعلان عن شروعكم في إعداد قانون مالي تعديلي، كنا نتمنى أن تقدموا لنا تصورا استشرافيا للمستقبل، بإيجابياته وإكراهاته وتحدياته، لمواجهة أثار “كورونا” بالطريقة المناسبة، وبالتصور الشمولي والجرأة الاقتصادية المطلوبةّ، وليس فقط لتدبير الأزمة محاسباتيا ومرحليا”.
وزاد مهاجما “كنا ننتظر منكم أن تقدموا نظرة استشرافية واضحة للمستقبل، وأن تعلنوا للبرلمان ومن خلاله للرأي العام الوطني، عن الطرق والبرامج والوسائل الممكنة للخروج من الحجر الصحي وحالة الطوارئ، في أقرب الأجال وعن تقييم للكلفة نفسيا واجتماعيا واقتصاديا، مما سيمنح الأمل الإنساني والاقتصادي في حالة تقديم تصورات واضحة حول الإقلاع الاقتصادي لما بعد أزمة كورونا، ومن ثم معالجة إشكالية البطالة التي ارتفعت إلى نسب كبيرة، إضافة إلى دعم القطاع غير المهيكل، وغيرها من التدابير”.
وتساءل وهبي حول مدى انسجام الحكومة وتناغم مكوناتها، حيث قال “السيد رئيس الحكومة يقر بتمديد الحجر في وجه جميع المواطنات والمواطنين وفي وجه العاملين في القطاع غير المهيكل لثلاثة أسابيع إضافية، بينما وزير الاقتصاد والمالية يعلن عن رفع الحجر على القطاعات الاقتصادية المهيكلة مباشرة بعد يوم عيد الفطر، مما يكشف التعامل الغير المتكافئ للحكومة مع المواطنات والمواطنين”.
وأعرب وهبي عن أسفه على كون خطاب رئيس الحكومة “لا يشتمل على الإجراءات والتدابير الدقيقة لمعالجة إشكالية معاناة الكثير من الطبقات الهشة، بسبب عدم استفادتها من عملية الدعم”، وخاطب العثماني قائلا: “عوض أن تذهبوا رأسا وبصورة مستعجلة لمعالجة الاختلالات وتعميم الاستفادة من الدفعة الأولى على جميع المعنيين، شرعتم في تطبيق المرحلة الثانية، مما أجج الاحتقانات وبروز مظاهر السخط والاحتجاج في عدد من المناطق والقرى على سوء تدبير هذا الملف، مما بات يهدد السلم الاجتماعي، وبالتالي الوضع الصحي بشكل عام”.
ولم تقف انتقادات وهبي للعثماني عند هذا الحد، بل ذهب إلى حد اتهامه بالتنازل عن صلاحياته والتفريط في القيمة السياسية لمؤسسة رئاسة الحكومة، وقال “كنا على شبه يقين أن حكومتكم غير قادرة على إدارة هذه الأزمة، من خلال عدم منحها القيمة السياسية والمؤسساتية والدستورية لمؤسسة رئيس الحكومة، واختزال تدبير هذه الجائحة بين وزير الصحة في المجال الصحي، ووزير المالية في إطار لجنة اليقظة، التي أصبحت لها سلطات متعددة وغريبة في بعض الأحيان”.
وأضاف وهبي “كان من المفروض أن تترأسونها (لجنة اليقظة) أنتم كمؤسسة رئيس الحكومة تستمدون شرعيتكم من الدستور، لا أن تلقوا عليها عبء إدارة الاقتصاد الوطني وتدبير الملفات الاجتماعية، كل ذلك بدون سند دستوري، علما أنكم أنتم من تفوضون السلطات للوزراء”.
ولم يفوت وهبي الفرصة من دون انتقاد تدبير الحكومة لملف المغاربة العالقين بالخارج، حيث اتهمها بالتخلي عنهم، وقال إن “من غير المقبول أن تتخلى الحكومة على مواطنيها العالقين بالخارج، حيث اختارت الحكومة أن يكون نصيبهم من الحجر خارجيا، وتركتهم تحت رحمة حكومات أخرى”.
كما اعتبر أن ملف المغاربة العالقين بالخارج سيظل “وصمة عار في جبين الحكومة، لعدم تحملها المسؤولية في إرجاع مواطنينا لبلادهم، رغم النداءات المتكررة من هنا وهناك”، وأضاف أن الغريب في الأمر أن هذا الموضوع أصبح “قضية اتهامات بين وزراء داخل الحكومة، وأنتم كرئيس للحكومة بدون موقف واضح، تاركين مواطنينا يواجهون مصيرهم المجهول، لذلك نؤكد مرة أخرى أن وضعية العالقين بالخارج ليست خطأ سياسيا كبيرا فحسب، بل هي جريمة عدم تقديم مساعدة لمواطنين في حالة خطر”.
وسجل وهبي بأن الحكومة تعيش “تناقضات، بين توجه وزير للصحة الذي يعالج الأزمة من منطق تقنوقراطي صرف يعد القرارات من منطق تحويل الدولة إلى مجرد مصحة تحصي عدد المصابين وتدار بوصفة طبية، أو وزير للمالية أصبح مجرد محاسبا لصندوق، أو وزير للتجارة اختزل المغرب في حجم الكمامات”، وذلك في انتقاد واضح للوزيرين.
وأفاد وهبي بأن الجميع كان ينتظر من الحكومة “فتح حوار عميق وجريء، وبأجندة زمنية دقيقة حول كذلك مستقبل مسارنا الديمقراطي وطبيعة تعاملنا مع استحقاقاتنا الوطنية، باعتبارها التزام دستوري وتعاقد اجتماعي وثابت من ثوابت الأمة، التي علينا أن لا نترك مصيرها إلى آخر لحظة زمنية، فالديمقراطية ليست قرارا ظرفيا، ولكنها اختيار واضح لا يتغير مهما تغيرت الظروف الصحية”.
كما نالت البنوك قسطا وافرا من انتقادات وهبي، والتي قال إنها منذ “60 سنة وهي تراكم الأرباح، وكنا نعتقد أن مرحلة الوباء هي فرصة لتؤكد من خلالها هاته الأخيرة أنها ثروة وطنية حقيقية لفائدة الوطن والمواطن، وليست مجرد صناديق حساباتية تراكم الأرباح في الرخاء مقابل تراجعها عن تقديم خدمات لفائدة الاقتصاد الوطني وللمواطنين في فترة الأزمات”.
وأضاف وهبي “لا يمكن أن تكون هذه البنوك مؤسسات وطنية إلا إذا أقدمت على خطوات تعبر من خلالها عن الانخراط القوي في توفير الدعم والسيولة للشركات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك لفائدة الأفراد”، وزاد مبينا “رغم أن البعض يحيطها باستقلالية مبالغ فيها، فإن ذلك لا يعفيها من واجبها الوطني، وأن تكون إلى جانب الحكومة والتوجهات الكبرى للدولة، للمساهمة في الخروج من الأزمة وضمان الإقلاع الاقتصادي وليس البحث عن الربح السريع من خلال التمسك بنسبة الفوائد التي تضاعف مع الرقم الاستدلالي لحجم اللفوائد المحدد من بنك المغرب”.