بركة: المغرب مقبل على أكبر انكماش اقتصادي في تاريخه
حذر من طريقة عمل الحكومة بشكل "عمودي"

نادية عماري
قال نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي المعارض، إن بلاده مقبلة على أكبر انكماش اقتصادي في تاريخها بسبب التداعيات التي خلفتها جائحة كورونا، بحيث يمكن أن يصل إلى ناقص 5 أو 6 أو 7 في المائة حسب المدة الزمنية التي يفرضها الحجر الصحي وكذا قدرة الأنشطة الاقتصادية على استرجاع قواها.
وحذر بركة من ارتفاع مستوى البطالة الذي يمكن أن يصل إلى مليون ونصف مليون عاطل بزيادة 50 في المائة إن لم يكن أكثر بحكم وجود 950 ألف مواطن في عطالة تقنية، مما يفرض اتخاذ تدابير لتطوير الحركة الاقتصادية مستقبلا.
وأوضح بركة، في لقاء حواري عن بعد، نظمته حكومة الشباب الموازية ومنظمة الشباب والمستقبل، مساء الجمعة، حول موضوع: “أزمة كوفيد-19: أي دور للأحزاب السياسية الوطنية”، أن المغرب استطاع أن يتحكم في السيطرة على الجائحة وإنقاذ حياة العديد من المواطنين وتجنب آلاف الضحايا بفضل المقاربة الملكية الاستباقية لمواجهة الأزمة صحيا وأمنيا واجتماعياواقتصاديا وإنسانيا، من خلال إحداث صندوق الدعم الذي وفر 34 مليار درهم (3,4 مليار دولار ) في ظرف وجيز لدعم الصحة والمواطنين، مما مكن 3 ملايين أسرة من العيش خلال الأسابيع الماضية.
وأشار بركة إلى صعوبة تقييم عدد من الأمور مرتبطة بتدبير الوباء خاصة أن الحكومة لم تعلن بعد عن كيفية تدبيرها للخروج من الحجر الصحي والجهود المبذولة لإنعاش الاقتصاد.
وقال بركة: “قدمنا تصورا واضحا في هذا المجال من أجل العمل على إنعاش اقتصادي يساهم في تقوية التماسك الاجتماعي والتقليص من الفوارق الاجتماعية والمجالية وتقوية الاقتصاد الأخضر والابتعاد من الليبرالية المفرطة التي أدت لتمركز الثروة بين فئة قليلة من المواطنين وهشاشة العديد من الأسر”.
وأشاد الأمين العام لحزب الاستقلال بارتفاع منسوب الثقة في قدرة الدولة على مواجهة الجائحة، مما جعل عددا من الدول تعتبر المغرب نموذجا في هذا الإطار، بفضل التدابير المتخذة والتضامن الكبير لمواطنيه وقدرته على الابتكار والتفاعل.
وأشار بركة لوجود فرصة كبيرة لإعطاء نفس جديد للبلاد عن طريق الاستفادة من رصيد الثقة المسجل لتعميق البعد المرتبط بالرقمنة والاستفادة من الفرص المتاحة دوليا لجلب الاستثمارات وخلق فرص شغل للشباب.
وأفاد بركة بتقديم الحزب لمذكرة لرئيس الحكومة في هذا السياق ترتكز على محاور تقوية الإنعاش الاقتصادي الوطني للخروج من الأزمة فضلا عن تناول أبعاد اجتماعية وترابية كتتمة لما تم تقديمه في مذكرة سابقة بالنسبة للنموذج التنموي الجديد.
وقال بركة: “الأزمة ستكون عميقة جدا في ظل تراجع فرص الشغل ستتراجع وإعلان شركات للإفلاس وتوقف قطاعات أخرى كالسياحة والنقل السياحي والجوي والصناعة التقليدية والطيران والثقافة، مع تسجيل ارتفاع في المديونية، وهو ما يفرض العمل لمواجهته، إلى جانب الانخراط في منطق القطيعة مع اقتصاد الريع ومجتمع الامتيازات لضمان تكافؤ الفرص لجميع المواطنين”.
وهو ما ظهر أخيرا ، يضيف بركة، من خلال الفوارق الحاصلة في التعليم، بتسجيل 700 ألف طفل استفادوا من التعليم عن بعد من ضمن 8 مليون تلميذ، مما يعزز إشكالية الفوارق الشاسعة الموجودة، إضافة إلى الولوج للخدمات الصحية، وبالتالي أصبح من الضرورة الوقوف أمام هذه القطائع بوجود دولة راعية تقوم بواجبها”.
وانتقد بركة طريقة عمل الحكومة بشكل”عمودي”، باشتغال كل وزارة على حدة، في غياب أي اندماج وانسجام، مما يمنع تحقيق مردودية أكبر للإنفاق العمومي وكذا التفاعل مع انتظارات المواطنين وتحقيق نزاهة على مستوى السياسات العمومية، وهو ما ينبغي العمل عليه مستقبلا بنهج تحالفات مبنية على البرامج تكون بشكل قبلي لتوضيح الرؤية لدى المواطنين ومحاربة ضبابية المشهد السياسي.
وخلص بركة الى القول :”علينا تغيير ثلاثة أمور أساسية، تشمل تجانس السياسات العمومية في إطار التنسيق بين القطاعات والعمل وفق مبدإ الشفافية ومؤشرات تقييم السياسات العمومية الذي تقوم به مؤسسات مستقلة عن الحكومة، مع تحديد الأولويات وربط المسؤولية بالمحاسبة ووضع آلياتها على أرض الواقع”.