حفل تأبين يستحضر مناقب ‎”قائد حكومة التناوب” في المغرب

لشكر: اليوسفي رجل دولة تمكن من التعاطي مع الفترات الحرجة

نادية عماري
 
أجمعت فعاليات سياسية وحقوقية مغربية على تفرد وتميز مسار عبد الرحمن اليوسفي، رئيس الوزراء الأسبق وأحد رموز حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي تميز بتعدد أبعاد شخصيته ما بين الرجل المقاوم والسياسي والحقوقي والإعلامي.

وقال المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، إن اليوسفي بصم المشهد السياسي الوطني، حيث كان من الوطنيين الأوائل منذ التحاقه سنة 1943 بالرباط للدراسة بثانوية مولاي يوسف حيث تعرف فيها على الشهيد المهدي بنبركة وتمرس فيها على نشر الوعي الوطني وتنوير أبناء جيله، ليرسم بداية لمشواره الطويل من أجل النضال واستقلال البلاد وكرامته.

وزاد الكثيري مبينا: “مشوار جعله طريدا وأحيانا شريدا متابعا وملاحقا، هو مسار نضالي غاية في التفرد والتميز تضحية ووفاء من ثانوية مولاي يوسف إلى الدار البيضاء ومراكش والجديدة ومدن أخرى، خاض تجربة نقابية ونضالية وتوعوية بين الطلبة والعمال يشيع في أوساطهم الفكر الوطني والمبادئ”.

وأفاد الكثيري في حفل تأبين، عن بعد، نظمته المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مساء الخميس، بانخراط اليوسفي في فرنسا في تأطير الطلبة والعمال في مشوار تميز بحضوره الدائم في كل المحطات التي حددت مصير المغرب الذي يعيشه المواطنون اليوم إما مشاركا أو منظرا أو مساندا، فضلا عن دعمه للمقاومة المغاربية ووضع لبنات جيش التحرير المغاربي في مدريد بالتنسيق مع ثلة من قادة المقاومة المغربية والمغاربية.

وقال الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، إن الأجيال المتلاحقة ترى اليوسفي انطلاقا من جوانب متعددة، منهم من يرى فيه امتدادا للرعيل الأول للحركة الوطنية، ومنهم من يلامس فيه ذكرى ثورة الملك والشعب وآخرون يذكرون الصحفي المبكر في زمن القيود والمضايقات على حرية الرأي.

وأشار لشكر إلى تعدد أوجه شخصية اليوسفي في بعده الوطني والشعبي ليشكل نموذجا للشباب المتعطش للعلم ومبادئ الديمقراطية.

وأشاد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي بحرص اليوسفي على احترام القوانين المعمول بها في الأنظمة الحديثة انطلاقا من إقرار المساواة بين النساء والرجال واحترام الرأي والتعددية السياسية والثقافية والفكرية، كونه رجل دولة وليس رجل الدولة من خلال تعاطيه مع الفترات الحرجة، حينما حشد العزائم وشكل حكومة التناوب التوافقي.

وقال لشكر: “اليوسفي، في بعده العربي، كان متشبعا بالبعد القومي في السلفية التقدمية بوصفها حركة تجديدية، إضافة إلى تأثره بالفكر التحديثي الذي وجد صداه في شمال المغرب عبر المطالبة بالاستقلال وتشييد الدولة الديمقراطية”.

وذكر الكاتب الأول الأسبق للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عبد الواحد الراضي، بمساهمة اليوسفي في تقدم البلاد بلعب دور كبير في المصالحة الوطنية. وقال: “كانت لديه القدرة لتدبير الاتحاد ليقبل المصالحة التي تمت بالتصويت بنعم على دستور 1969 ثم قبول التناوب والدخول للحكومة وتسييرها من بعد 40 سنة من المواجهة، ليشكل بذلك رجل المصالحة الوطنية بامتياز”.

وأشادت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة بوعياش، بعمل اليوسفي على النهوض بمشاركة المرأة في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، من خلال عمله في الخطة الوطنية لإدماج النساء رغم أن هذه القضية عرفت نقاشا في المجتمع إلا أنه جعل من قضية المرأة مسألة مجتمعية تفرض القطع مع المسارات التقليدية.

وأشارت المناضلة الحقوقية والسياسية، لطيفة جبابدي، إلى دوره في  نشوء الحركة الحقوقية في العالم العربي والنضال لحقوق الإنسان في المغرب.

وزادت مبينة: “عندما عين وزيرا أول كنا نخوض حملة لحقوق النساء ونهيء مسيرة ضخمة في 8 مارس 1998، أول ما قام به حينها أنه استدعانا للحوار، كان متبنيا لكل مطالبنا ووجهة نظرنا والتزم أن يجعلها من أولويات حكومته، لأول مرة في تاريخ المغرب وضعت حقوق النساء والمساواة بين الجنسين من ضمن أولويات البرنامج الحكومي هي سابقة له نشهد بها جميعا”.
 
وتناول رئيس المجلس الوطني للصحافة، يونس مجاهد، شخصية اليوسفي المتعددة الأبعاد والتي تجمع بين المقاوم والسياسي والحقوقي الذي كان من مؤسسي الاتحاد العام للصحفيين العرب والنقابة الوطنية للصحافة المغربية، وتعرض لمتابعات واعتقالات ومحاكمات لكن ذلك لم يمنعه من مواصلة مشواره مؤمنا بدور الإعلام في الدفاع عن المواقف السياسية والقضايا الحقوقية.

‎وقال رئيس مؤسسة فرحات حشاد للدراسات والأبحاث التاريخية، نور الدين حشاد، إن اليوسفي ترك عند عمال تونس ذكريات خالدة حينما قبل دعوته للمشاركة في الذكرى الخمسين لاستشهاد فرحات حشاد.
‎وأثنى حشاد بالتزام اليوسفي من أجل مغرب متأقلم مع سياسة وخيارات ملك شاب له بعد نظر، رغم كونهما ينتميان لجيلين مختلفين إلا أنهما شكلا تفاعلا رائعا وإضافة ملفتة غيرت وجه المغرب بسلاسة يُخَلِّدها التاريخ.

‎وأشار المعارض السياسي اليساري السابق ورفيق درب اليوسفي في المنفى، مبارك بودرقة، إلى قرار فرنسا طرد اليوسفي، وتدخّل زعماء فرنسيين مِن أصدقاء الحركة الوطنية وحركات التحرير، لتقوم الحكومة الفرنسية بطرده من مدينة باريس، كعقاب له على نشاطه في صفوف العمال والمهاجرين، ودفاعه عن القضية الوطنية وتحرير المغرب من الاستعمار في الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة التي انعقدت بباريس في سنة 1951.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى