وهبي: هناك أحزاب دفعتنا للصراع المفتعل وكأننا خلقنا للحرب بالوكالة
بعث مذكرة لمناضلي "الاصالة والمعاصرة" بمناسبة الذكرى ال12 لتأسيسه
نادية عماري
انتقد عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، طريقة تعامل أحزاب وقوى سياسية مع حزبه في وقت سابق، مما أثر بشكل كبير على صورته وسط الرأي العام الوطني.
وأفاد وهبي في مذكرة وجهها لمناضلي الحزب، بمناسبة الذكرى ال12 لتأسيسه، تلقى”صحراء ميديا المغرب” نسخة منها، بوجود أحزاب وقوى سياسية دفعت حزب الأصالة والمعاصرة للصراع المفتعل الدائم مع قوى أخرى، وكأنه خلق للحرب بالوكالة، وغيرها من علاقات اللاتوازن مع باقي الأطراف الحزبية.
وأشار وهبي إلى التوتر والتشنج الذي طبع علاقات الحزب في السابق مع باقي الأحزاب الوطنية، مما دفعه إلى تشخيص طبيعة تلك العلاقات، وإعادة قراءة وقائعها، واستقراء التجربة بسلبياتها وإيجابياتها، وأخذ الخلاصات منها.
وقال وهبي: “نملك كامل الشجاعة للاعتراف بأخطائنا إن كانت هناك أخطاء، وهذا خلق اجتماعي وسياسي من شيم الأقوياء، وسلوك حضاري وفضيلة لا يلتقط فلسفتها إلا الكبار، أما الأقزام ذوو النفوس الصغيرة، فسيظل الحقد والضغينة من سماتها”.
وزاد مبينا: “في هذا السياق خاض الحزب حربا كلامية طاحنة مع بعض الأطراف السياسية، التي استغلت حراك 20 فبراير بشكل مفضوح لترمي حزبنا بمختلف التهم، وتجعل من تسخير الشعارات والحملات المسعورة على نسائه ورجالاته مطية وبديلا عن مطالب العدالة الاجتماعية والديمقراطية التي رفعها شباب الحراك بصدقية وعفوية”.
واتهم الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة أحزابا أخرى لم يسمها بكونها بنت علاقاتها مع مناضلي الحزب بنوع من الضبابية والاستغلال، تحتمي بقوة الحزب ليلا، وتدعي خوفها منه نهارا، فكانت النتيجة التموقع المريح داخل مختلف الأغلبيات الحكومية.
وقال وهبي: “لذا شرعنا اليوم في تدقيق بعض المفاهيم وتصحيح بعض المغالطات في علاقاتنا مع جميع الأحزاب، وأعلنا للجميعأننا حزب وطني ديمقراطي مستقل يدافع عن القضايا العادلة ويناصر طموحات الشعب المغربي في العيش الكريم، حزب يسعى للاحترام المتبادل مع جميع الفرقاء السياسيين، والاختلاف الراقي معهم حول التصورات والبرامج بشكل واضح وعلني، لننسمح بعد اليوم بإقحام الحزب برمته في الاختلافات الشخصية أو الصراعات الذاتية، فلسنا فوق الأحزاب ولسنا تحت باقي الأحزاب”.
واعتبر وهبي أن الأمر يهم حزبا سياسيا محترما يقوم بدوره الدستوري والقانوني في تأطير المواطنين، لكونه حزبا وطنيا له شرعيته القانونية والشعبية التي منحها له الدستور والمواطنون، والتي يسعى لتعزيزها خلال مختلف الاستحقاقات المقبلة، بكل الوسائل القانونية النزيهة والحرة والمشروعة، كحزب بمرجعية حداثية واضحة تحاور الجميع وتحترم الجميع، في إطار علاقات احترام وحوار مع جميع الأحزاب، بتنسيق واضح مع أحزاب المعارضة احتراما لمكانة الحزب وللشعب المغربي وللدستور.
وأوضح وهبي أن الحزب لا يمثل الدولة التي تحاكم الأحزاب، وتراقب مدى قانونيتها كما يتوهم البعض، ولا محاكم التفتيش في النوايا ومدى ارتباطها بالتنظيمات السرية والعلنية الداخلية والخارجية، فهو حزب لن يحل محل الدولة في توزيع الشرعيات القانونية على باقي الأحزاب.
ودعا الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة مناضليه لرص صفوفهم أكثر للخروج من الجهاد التنظيمي الحزبي الأصغر، إلى الجهاد الأكبر ، وهو المساهمة في إنعاش وإعادة التوازن للاقتصاد الوطني، وفي ترسيخ الخيار الديمقراطي للبلاد وتعزيز التماسك الاجتماعي وصيانة دولة الحقوق والحريات.
وطالب وهبي برفع وتيرة بناء الذات التنظيمية للحزب ودمقرطة القرار الحزبي وصناعته من القاعدة نحو القيادة، لبناء حزب يعتمد على ترسيخ المكانة المتقدمة للنساء والاجتهاد والعمل والكفاءة كمحددات أساسية في توزيع المسؤوليات لا الولاءات الشخصية لهذا القيادي أو ذاك، فضلا عن تعزيز روح الشباب الطموح وتجديد النخب والكفاءات، عن طريق التواصل والتعاون.
وأشار وهبي إلى تأثير جائحة كورونا على الوضع الداخلي للحزب، ليتم تدبير شؤونه بطرق استثنائية، استنادا على مضمون القانون الأساسي للحزب لاتخاذ قرارات تنظيمية قد تغضب البعض، لكن غايتها تمثلت في عدم الوقوع في خطيئة التدبير الفردي لشؤون الحزب، وإشراك أكبر عدد ممكن من الأعضاء في تدبير شؤونه.
وقال وهبي: “لذلك ضاعفنا الجهود وضحينا رفقة برلمانيي الحزب ومنتخبيه ومناضليه لتحريك ماكينة التنظيم بقوة أكثر، فالتجأنا إلى التعيين المؤقت للأمناء الجهويين والإقليميين، وتكليفهم أمانة ثقيلة، وهي الإنصات لمختلف المناضلين، وإشراك الجميع في بناء القرار الحزبي بشكل جماعي إقليميا وجهويا ثم وطنيا، مما مكننا من تحقيق نجاحات تنظيمية مهمة في عز الجائحة، وتجاوزنا الكثير من حالات الجمود التنظيمي؛ غير أن ذلك لا يمنع من التأكيد على أن المرحلة المقبلة لاتزال صعبة ودقيقة، تتطلب منا بكل صدق مضاعفة جهودنا أكثر، والتغاضي عن الأحقاد والضغينة فيما بيننا، وتعزيز وحدة الحزب أكثر”.
ودعا وهبي مناضلي الحزب إلى الانخراط بقوة في تعزيز جهود بلاده التنموية والديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية والعمل على تنزيل الرؤية الملكية من مختلف المواقع؛ في الجماعات والجهات، وداخل المؤسسة التشريعية وغيرها من المواقع، وهو ما لا يتعارض مع ممارسة دور الحزب كاملا كمعارضة مواطنة مسؤولة، تتحلى باليقظة في مراقبة ومحاسبة الحكومة على أي تقصير، وعلى استمرار ضياع المزيد من الفرص التنموية والإصلاحية.