الصحافي حاتم البطيوي ينعي المحجوبي أحرضان
وصفه ب"سيزيف السياسة المغربية"
صحراء ميديا المغرب
نعى الصحافي المغربي حاتم البطيوي السياسي المغربي المخضرم المحجوبي احرضان، الذي وافته المنية اليوم الأحد بالرباط، وذلك في مقال نشره على حائطه في”فيسبوك”، روى فيه كيف تعرف على احرضان في مدينة أصيلة أيام كان وزيرا للتعاون، خلال إقامة معرض لأعماله التشكيلية ضمن فعاليات أحد مواسم أصيلة الثقافية، إلى أن التقاه في أول مؤتمر صحافي نظمه في بيته بعد سنوات من”عبور الصحراء”، وقيامه بتغطية المؤتمر التأسيسي لحزب الحركة الوطنية الشعبية وصولا إلى توحيد الصف الحركي وتوحد”الوطنية مع الشعبية”.
ووصف الصحافي البطيوي احرضان بأنه”سيزيف السياسة المغربية”، وفي ما يلي نص المقال الكامل:
المحجوبي احرضان”الزايغ” في ذمة الله
توفي صباح اليوم في الرباط السياسي المغربي المخضرم والشاعر والفنان التشكيلي ، المحجوبي احرضان ، وسيوارى الثرى بمسقط رأسه في أولماس .
ربطتني بالراحل علاقة صداقة منذ ساعدته في إحدى مواسم اصيلة الثقافية في عقد الثمانينيات ، انا وصديقي. محمد اولاد محند ، الذي اصبح مخرجا ومنتجا سينمائيا معروفا ، في تعليق لوحاته الفنية في معرض اقيم تحت عنوان ” أحرضان مراجعة لاعماله”، كان احرضان وقتها وزيرا للتعاون .
حاتم البطيوي وصديقه محمد اولاد محند مع احرضان في معرض”أحرضان مراجعة لاعماله” بأصيلة عام 1983
في عام 1990 ،بعد عودتي من سنة تدريبية في عاصمة الضباب لندن ، في رحاب جريدة “الشرق الاوسط” بهاي هولبورن ، كان من حظي انني غطيت المؤتمر الصحافي الاول لاحرضان بعد سنوات من عبور الصحراء .كما غطيت لصحيفتي المؤتمر التأسيسي لحزب الحركة الوطنية الشعبية ،الذي اقيم في فندق “النفيس “بمراكش، ومن هناك توطدت علاقتنا اكثر ،واجريت معه ما يزيد عن 10 حوارات صحافية ، لدرجة انني حضرت احد اجتماعات قيادة الحركة الوطنية الشعبية في بيته لمناقشة مشاركة الحزب في احدى الحكومات، ومن هم وزراء الحزب في الحكومة المرتقبة . وبما ان المجالس بالامانات لم انشر سطرا عما دار في ذلك اللقاء .مر ت امام عيني اشياء ، وشاهدت شخصيات كيف كانت تتملقه املا في الحصول على منصب وزاري. لكن بمجرد ما تحصل على مبتغاها تتلون، وتستأسد ، ويصبح احرضان فوضويا ، وكما نقول بالدارجة المغربية ” يتسرح اللسان” .
الذكريات مع احرضان تتطلب كتابا.. اذكر يوم توفي الملك العظيم الحسن الثاني ، شاهدت احرضان في نشرة الاخبار الليلية، وهو ينعي الملك الفقيد وقد توقف الدمع في مآقيه، واصبح الكلام مستعصيا .وقتها كلمته هاتفيا من لندن ، وانا مكلوم مثل كل افراد شعب المغرب الابي من هذا الفقد ،وقلت له ” لقد ابكيتني يا السي احرضان”.
احرضان او ” الزايغ” ، كما يلقب، ملكي حتى النخاع، ومغربي حتى الثمالة ، عايش ثلاثة ملوك ( محمد الخامس والحسن الثاني ومحمد السادس) .انهى مساره السياسي بالاندماج في الحركة الشعبية بعد سنوات من الانشقاق والخلاف ، لكنه لم يرغب ابدا في ان يرحل من دون ان يترك الحركة الشعبية، التي اسسها في سنوات استقلال المغرب الصعبة ، مرصوصة البنيان ، مسلما المشعل لمحند العنصر ، الذي ازاحه عام1986في مؤتمر عقد بمسرح محمد الخامس، عن قيادة الحركة ، في اطار ماسمي انذاك ب” حركة الامناء الثمانية” .فاضحت خلافات الحركيين من الماضي ، وبدا ل” سيزيف السياسة المغربية ” أنه آن الاوان لكي يستريح وينهي كتابة مذكراته ويرسم لوحاته السوريالية .
في 3 مارس 2015 مات نصف احرضان برحيل زوجته السيدة مريم .. توجهت الى بيته رفقة معالي الاستاذ محمد بن عيسى لتقديم واجب العزاء لكن حارس بيته ابلغنا ان حالته تحول دون استقباله ضيوفا ، فعدنا ادراجنا من حيث اتينا.
قبل ذلك وبالضبط بعد انتخابات 2011 ، لبيت دعوةً مؤجلة لاحرضان لزيارة بيته في مسقط رأسه أولماس .
توجهنا اليها ذات صباح نوفمبري مشمس بنكهة ربيعية ، السي أحرضان ، وصديقي محمد بوطالب ،وزير الطاقة والمعادن السابق ، وأنا.
مع”الزايغ” في المؤتمر التأسيسي لحزب الحركة الوطنية الشعبية بمراكش عام 1991
كانت ولماس تختزل في ذاكرتي وذاكرة كثيرين في مشروب ” ولماس” الغازي ، فاذا هي عوالم وخرائط كثيرة.. وتاريخ رجل شهم من رجال المغرب البررة .
في بيت أحرضان بأولماس قضى الملك الراحل الحسن الثاني بضعة اسابيع ، رفقة عائلته الملكية ، قبل اعلانه حالة الاستثناء عام 1965 .
منزل أولماس الذي كان احرضان يفيء الى ظله كلما اشتد عليه خناق السياسة وهاجمته ذئبيتها ، للانغماس في عوالم الرسم ، وكتابة الشعر فوق قمة ربوة وارفة الظلال مجاور لبيته ، هو ايضا حقل مواجع .ففيه يوجد قبر ابنه الشاب سليم، الذي قضى في حادثة سير مفجعة . وقبر زوجته مريم ، وقبره ايضا الذي اختار مكانه بنفسه ، يقول الوزير بوطالب .
رحمك الله السي أحرضان .. ولترقد في سلام ..والعزاءلنجلك الصديق اوزين ، ويوسف ومايا وكنزة وسانو.