ابن كيران ينعي الوفا: اسمه ينطبق عليه ولم أصادف شخصا يقدرني مثله
وصف عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة الأسبق، الراحل محمد الوفا، بالرجل الوفي والملتزم.
وقال ابن كيران، في بث مباشر عبر”فيسبوك”:”لم أر شخصا اسمه يتطابق مع حقيقته كالوفا، كان رجلا وفيا،منذ من رئاسة الحكومة من طرف الملك، لم يسبق للوفا أن تخلف عن زيارتي في منزلي بشكل أسبوعي، إلا لدواعي مرض أو سفر أوغيرها، كان حريصا على زيارتي كل ثلاثاء، نمزح ونتكلم، ولا يخرج من البيت إلا بعد أداء صلاة العشاء”.
وزاد ابن كيران مبينا:”كان يكن لي مكانة كبيرة، مرات أتساءل هل يقدرني أكثر مما أقدر أنا نفسي؟ربما لم أصادف شخصا يقدرني مثله، إلا بعض الأشخاص المقربين جدا في الأسرة وبعض الأصدقاء”.
وقال ابن كيران وهو يذرف الدموع:”أفقد أخا عزيزا كان يؤانسني ويتقاسم معي الهموم، شخص محب لوطنه كان أبا شبه مثالي، أتذكر أنه سافر لفرنسا لزيارة ادريس البصري حينما كان مريضا، وهذا دليل على وفاء كبير منه في تلك الظروف، كان يأمل أن يعيش طويلا وكان”باغي يدردك” ولكن قدر الله شاء غير ذلك، ما وجدت فيه إلا رجلا طيبا وخيرا ومواطنا صالحا وأبا مثاليا ورجلا وفيا”.
وأشار رئيس الحكومة الأسبق إلى أن الحزن الذي خالجه هذا اليوم لم يكن متوقعا.
وذكر ابن كيران أنه لم يحضر لجنائز أفراد من أسرته في إطار التدابير الاحترازية لمكافحة فيروس كورونا، علما أن عددا منهم توفي جراء إصابته بالوباء، إلا أنه سيحضر لجنازة الوفا.
واعتبر ابن كيران أن الأمر يتعلق برجل ملتزم ومرح ومحبوب من طرف الجميع، يناصر الحكومة ورئيسها دون تحفظ، إلى جانب مواقفه الممتازة وإلمامه بكثير من مقالب الآخرين.
وقال ابن كيران:”حينما توفي السي عبد الله باها، طلب مني حينها إلقاء كلمة لنعيه لكني لم أستجب لسبب بسيط، خاصة أن الجميع كان على علم بالعلاقة التي تربطنا، فضلا عن حالتي النفسية الصعبة التي حالت دون ذلك، لكن مسار الخاص للوفا ألزم علي الكلام وفاء لهذا الرجل”.
وأشاد ابن كيران بشخصية الوفا الشجاعة التي كانت لافتة أثناء متابعته لدراسته في الجامعة رغم تهديده بأشياء كثيرة، خاصة أنه كان حريصا على إعلان انتمائه لحزب الاستقلال على الرغم من سيطرة الفصيل اليساري على الجامعة حينها، بوجود فصائل عنيفة.
وقال ابن كيران:”عين الوفا لاحقا سفيرا ونحن بقينا في مسارنا إلى أن عينني الملك رئيسا للحكومة، ليتم اقتراح اسمه وهو ما راقني لتقاربنا سياسيا مع حزب الاستقلال، فضلا عن كونه رجلا سياسيا بامتياز ، حيث اشتغلنا في الحكومة من سنة 2012 إلى أن غادرناها”.
ونوه رئيس الحكومة الأسبق بالفهم السريع للوفا وسرعة بديهته وإخلاصه لدينه ووطنه وملكه.
وأشار ابن كيران إلى عدم رغبة الوفا في مغادرة منصبه الوزاري بعدما أعلن حزب الاستقلال مغادرة الحكومة، وهو ما تحقق فعليا، حينما امتنع عن تقديم استقالته عكس الوزراء الاستقلاليين الآخرين، إلى جانب تمسك رئيس الحكومة حينها به ضمن لائحة الوزراء.
وحول بعض الطرائف التي جمعته بالراحل، قال ابن كيران:”تميز آخر لقاء للحكومة بإلقاء الوفا لكلمة، بدت لي غريبة، وحينما كنا نهم بالخروج، أخبرني بسفره لمدينة الجديدة، وحينما استفسرت عن السبب، أجابني أنه لم يعد مسؤولا في الحكومة، لأؤكد له العكس، وهو ما سره كثيرا، لقد كان وزيرا متميزا في وزارة التعليم والشؤون العامة، كان وزيرا في المستوى”.
وزاد ابن كيران مضيفا:”أتذكر يوم افتتاح البرلمان، كنا ننتظر قدوم الملك، حينها هم الوفا بالدخول للقاعة من الباب السفلي للجلوس مع الوزراء، مما جعل القاعة تعج بالتصفيقات تقديرا له”.
وذكر ابن كيران بتعرض الوفا لوعكة صحية حرجة في السابق جعلته يقلع عن التدخين لتتحسن صحته تدريجيا، إلا أن تأخره في إجراء التحليل الخاص لفيروس كورونا ساهم في تأزم وضعه الصحي.
وقال ابن كيران ممازحا:”كان يقول لي السيد الرئيس في الهاتف، كنت أقول له رئيس على من، فكان يرد علي أنا، لأجيبه يمكنني أن أكون رئيسا على أيا كان، إلا أنت، لأنه كان عنيدا جدا يتمسك بآرائه”.
وقدم ابن كيران تعازيه لزوجة الراحل، عواطف الفاسي، نجلة الزعيم الوطني، علال الفاسي، معتبرا أن الوفا نال شرف المصاهرة مع واحدة من أعرق الأسر الفاسية وأشرفها.
وأشار ابن كيران إلى اتصاله بزوجة الوفا، التي حرصت على تخفيف حزنه، جراء هذا المصاب، خاصة أنه لم يستطع الكلام تأثرا بفراق الوفا.