وهبي: الموقف الأميركي يؤكد أن المجتمع الدولي بدأ يعود إلى الحق
عد الأحداث الأخيرة التي تعرفها القضية الوطنية مرحلة جديدة ونوعية
قال عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، إن موقف الولايات المتحدة الأميركية بشأن قضية الصحراء المغربية لا يعد انتصارا دبلوماسيا جديدا وإضافيا لفائدة هذه القضية الوطنية فحسب، بل يؤكد، أيضا، أن المجتمع الدولي بدأ يعود إلى الحق والحقيقة.
واعتبر وهبي، في مداخلة خلال جلسة الأسئلة الشفوية الخاصة برئيس الحكومة، زوال الاثنين، في مجلس النواب، أن هذا الموقف لم يأت فقط لخلق وضع جديد، ولكنه جاء ليكشف عن حقيقة تاريخية لها امتداداتها الجغرافية عبر العصور، ولها مركزيتها القانونية عبر التاريخ الذي صنعته التراكمات الحضارية.
وذكر وهبي أن حقيقة مشروعية مغربية الصحراء لم تصنعها قرارات مجلس الأمن أو المحكمة الدولية، ولم تخلقها مواقف الدول الصديقة، بل كل هذه المصادر كشفت عنها كحقيقة طبيعية وتاريخية لا يمكن أن ينازع فيها أحد، على اعتبار أن التاريخ هو الحكم الفيصل.
وقال وهبي متسائلا:”لذلك جاء هذا الكشف عن الحقيقة الطبيعية ليدعمنا في زمن يحاول فيه البعض مغالطة الآخرين. فكيف لهؤلاء الذين لا يملكون تاريخ دولة،أن يتجاهلوا اثنا عشرة قرنا من تاريخ المملكة المغربية؛ ويتجاهلوا معه العلاقات التاريخية وعلاقات الدم والروابط والعلاقات الإنسانية والروحية المشتركة بين الشعبين المغربي والجزائري، غير أن ما صنعته تراكمات من عصور التاريخ،لا تلغيه القرارات الإدارية أو حتى العسكرية”.
وأوضح الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة أن الأحداث الأخيرة التي تعرفها قضية الوحدة الوطنية، تشكل مرحلة جديدة ونوعية، جسد فيها المغاربة جميعا بقيادة الملك محمد السادس، وطنيتهم الأصيلة والقوية، وعبروا عن تمسكهم بالدفاع عن وحدة وطنهم وسلامة أراضيه.
وأفاد وهبي أن اختلاق أحداث الكركرات هدفه إرباك المغرب، كمحاولة بئيسة لخلق حدث إعلامي ينعكس سلبا على العلاقات الاقتصادية مع موريتانيا، إلا أن الرد الحازم بقيادة الملك ووحدة جميع أطياف المجتمع المغربي، أفشل كل مخططات الخصوم وأحبط مناوراتهم.
وقال وهبي إن التطورات التي يجسدها القرار الأميركي الأخير تفرض 4 تحديات كبرى، تشمل العمل على تغيير الخطاب والمنطلقات والأهداف التي كانت تؤطر اجتماعات مجلس الأمن حول ملف الصحراء المغربية، وجعل اجتماع شهر أكتوبر المقبل، اجتماعا فاصلا وحاسما يستند على منطق جديد، ويعتمد التطورات الأخيرة، ويعيد النظر في مضمون صيغ مقررات مجلس الأمن،ويسحب الملف من اختصاص اللجنة الرابعة لكون القضية الوطنية ليست قضية تصفية استعمار.
وزاد وهبي مبينا:”ثانيا، يجب إعادة النظر في تعاملنا مع جدول أعمال المائدة المستديرة بجنيف، حيث تحتاج إلى منهجية جديدة تؤكد مغربية الصحراء، والتمسك بمشروع الحكم الذاتي كمقترح مغربي أخير ونهائي، وتشمل النقطة الثالثة، تعميق التعاون مع الدول الصديقة، قصد التأثير على موقف بعض الدول العظمى لتتخذ منحى الولايات المتحدة، ومنها على وجه الخصوص موقف المملكة المتحدة ما بعد “بريكسيت”، وكذلك بعض من دول الاتحاد الأوروبي، فيما تهم النقطة الرابعة، إعادة النظر في طبيعة تحركاتنا داخل القارة الإفريقية، وأن نجعل من مدينة الداخلة مركزا محوريا ومحركا نشيطا في عملية الحفاظ على الأمن والاستقرار بمنطقة الساحل، ومنصة اقتصادية عالمية قوية قادرة على تحريك العملية الاقتصادية في إفريقيا، وفي المحيط الأطلسي”.
واعتبر وهبي أن التقاء قضية الصحراء المغربية مع القضية الفلسطينية واعتقاد البعض بوجود مقايضة بهذا الخصوص، موقف غير مفاجئ، بل كان محط خطاب دام سنوات طوال، ولم ينتج سوى انهيار خطير للقضية الفلسطينية، بسبب هذا الخطاب التشتيتي، بدل دعم وحدتها وتقوية صفوفها للدفاع عن وجودها.
وسجل وهبي استغرابه من قيام مسؤولين بإعطاء دروس في النضال الفلسطيني، علما أنهم ساهموا “بشكل مباشر” في تشتيت جهود القوى الحية للشعب الفلسطيني، إما لحسابات سياسية وإيديولوجية، أو لخدمة مصالح دول في المنطقة.
وذكر الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة أن المستجدات الأخيرة التي عاشتها القضية الوطنية، واستئناف العلاقات مع دولة إسرائيل، تتطلب من المغرب التنسيق أكثر مع الفلسطينيين، لإعادة بناء دور أكبر للمملكة المغربية في القضية الفلسطينية وفي الشرق الأوسط عموما، وفق مقتضيات جديدة ومنطلقات مختلفة، خاصة أن من مصلحة الفلسطينيين تقتضي ضرورة مساعدة المغرب على لعب هذا الدور الجديد، و تحوله لوسيط فاعل في المنطقة.
واعتبر وهبي أن العلاقة بين اليهود المغاربة المقيمين في إسرائيل ستظل إحدى المكتسبات التي يجب الحفاظ عليها واستثمارها، لكونها موضوع بيعة بين جزء من الأمة “اليهود المغاربة” والعرش، فضلا عما تتميز به المملكة من قدرة كبيرة في الرعاية والدفع بالحوارات الثنائية، وقدرتها على خلق قنوات الحوار المباشر بين الأطراف كمدخل لإيجاد حل لكل القضايا، وبشكل خاص حل عادل للقضية الفلسطينية.
وقال وهبي إن الشعب المغربي بقيادة ملوكه قدم الكثير للقضية الفلسطينية، وعلى استعداد لتقديم المزيد من التضحيات، إذ ظل محترما لاستقلالية القرار الفلسطيني، وهو ما يفرض على الآخرين احترام استقلالية القرار الوطني.
وأوضح وهبي أن المغرب سيظل داعما لحل قائم على دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في أمن وسلام، وأن المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي تبقى هي السبيل الوحيد للوصول إلى حل نهائي ودائم وشامل وعادل لهذا الصراع، وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، حيث ستظل هذه القناعة المشتركة من الثوابت التي تجمع الملك والشعب اتجاه هذه القضية.
في غضون ذلك، أشاد وهبي بالدور المحوري الذي قام به الملك محمد السادس في هذا المسار، مثمنا تصرف رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، حينما تحمل المسؤولية التاريخية وراء رئيس الدولة في القرارات الأخيرة، إلى جانب دور وزارة الخارجية في ترجمة توجهات الملك واختياراته الدبلوماسية بنجاح تام.
وجدد الأمين العام للحزب التأكيد على الوحدة وراء الملك والحكومة في الدفاع عن القضية الوطنية الأولى وكذا القضية الفلسطينية، إضافة إلى اليقظة والحذر اتجاه المناورات الفاشلة لخصوم الوحدة الترابية.
وقال وهبي:”نؤكد في ذات الوقت للعالم كله، أنه كلما اتخذت بلادنا قرارا تاريخيا، ستجد الشعب متراصا ومدافعا عن مصالحنا العليا دون مواراة أو نفاق، لأجل ما تقتضيه مصالح المغرب أولا، ومصالح الإنسانية ثانيا”.