وهبي: لا يمكن تسيير المغرب بالحسابات الضيقة والبحث عن توازنات غريبة

قال إن رئيس الحكومة المقبل يجب أن يكون"انتحاريا"

قال عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، إنه لم يعد مقبولا وجود مسؤول وطني متردد فاسد أو عاجز لأن ذلك يحرم المغاربة من حقوقهم، بحيث لا يمكن تسيير بلد مثل المغرب بطريقة الحسابات الصغيرة الضيقة والبحث عن توازنات غريبة، بل بتدبير الأموال وجلب استثمارات وتطوير القدرة التنسيقية للولاة والعمال في وزارة الداخلية.

وذكر وهبي، في ندوة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني، مساء الأربعاء، حول مستجدات الساحة السياسية في المغرب، أن أزمة كوفيد 19 لم تبدأ بعد، في إشارة إلى الوضع الاقتصادي “المهترئ” ووضعية رجال الأعمال والبنوك وغيرها.

وقال وهبي:”فيروس كورونا أقوى من الحكومة وأبان عن عجزها في التعامل معه، صحيح أن تدبير الأزمة في بدايته كان جيدا، لكن بامتداد الزمن أصبحت الحكومة تضعف تدريجيا، ومع مشكل التلقيح أصبح المشكل مطروحا بحدة أكبر، هذه الأزمة ستخلق أزمة اقتصادية صعبة إذا لم تكن هناك رؤية واضحة لدى الحكومة مع اعتماد بدائل، سنجد حتما مشكلا كبيرا في الخروج منها، لكني أكيد أن المغاربة سيتخطون هذه المرحلة الصعبة”.

وبشأن التأخر في الحصول على لقاح كورونا، طالب الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة الحكومة بقول الحقيقة للمواطنين وشرح حيثيات الموضوع بشكل شفاف وواضح.

وزاد وهبي مبينا:”نحن على دراية بموضوع المضاربة، وإذا لم تكن لدينا القدرة للحصول على التلقيح في أقرب وقت، سنتفهم ذلك، أن يقال أمام الملك أن التلقيح سيتم في أقرب الآجال ولا يحصل هذا الأمر، هذه مسؤولية سياسية ويجب أن نتخذ موقفا صارما تجاه الحكومة بشأن هذه القضية لتخرج الحكومة للعلن وتقول الحقيقة كاملة”.

وأفاد المسؤول السياسي بضرورة رفع الأحزاب من مستوى النقاش على صعيد البرامج والتصورات والمواقف بهدف الرفع من منسوب الديمقراطية، خاصة أن المغاربة يرفضون النقاش القائم على التنابز بالألفاظ والكلمات والإهانات المتبادلة واللغة الشعبوية التي قد تمنح فرصة سياسية لكنها لن تمنح دورا تاريخيا تبنيه المواقف الحقيقية.

وأوضح وهبي أنه لا وجود لديمقراطية بدون أحزاب وقيادات سياسية وصحافة نزيهة وشجاعة وذات مصداقية.

وحول التأخير في إحالة مشاريع القوانين المتعلقة بالانتخابات على المؤسسة التشريعية، قال وهبي:”لايمكن دستوريا أن تتأخر الانتخابات إطلاقا، إذا لم يتم إجراؤها في شهر يونيو، يمكن إجراؤها في شهر سبتمبر، الأمر مرتبط بمدى قدرة الدولة على توفير التلقيح الذي سيسهل عملية الانتخابات”

وبشأن الجدل القائم حول لائحة الشباب، اعتبر وهبي أنها وضعت من أجل فتح المجال للشباب لكي يلعب دورا سياسيا يمكنه من الوصول للبرلمان، ليتضح لاحقا وجود مجموعة من الشوائب، تشمل الريع والامتيازات والكثير من النفاق في هذا الموضوع.

وقال وهبي:” أقررنا هذا الأمر لإرضاء الشباب لنجد أنفسنا أمام إرضاء الزعامات السياسية قبل كل شيء، قتلنا مفهوم الديمقراطية والانتخاب والدور السياسي لفائدة الريع السياسي”.

وقال وهبي إن الحزب مطالب بإعادة النظر في توجهاته الفكرية، لكونه يحمل مشروعا وليس ضد شخص أو حزب أو أي كان، فهو يبحث عن تموقع فكري في الوسط أو قريب من اليسار، مما يفرض إعادة هيكلته بوجود أشخاص يحملون نفس الفكر ولكي لا يظل حزبا تحكمه الانتخابات بل تحكمه الأفكار.

وأضاف وهبي:”لست سوبرمان وليس بإمكاني إحداث زلزال داخل الحزب، أقوم بإحداث تحولات بهدوء، هناك أشخاص فقدوا مصالحهم يقومون بتقديم استقالتهم وإحداث زوبعة في فنجان وآخرين يعمدون إلى نشر البيانات المضادة وفئة أخرى لها تاريخ في الحزب، تنأى بنفسها عن النقاش، مما دفعنا لتكسير هذه الأصنام فنحن لسنا حزبا وثنيا نصنع الأصنام ونعبدها”.

وذكر الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة أن هناك مواجهات داخل الحزب، يبتعد عن الخوض فيها، رغم أنها تمسه شخصيا لأن هناك قضايا كبرى أكبر بكثير تستدعي الاهتمام.

وزاد مبينا:”أريد أن أفصل نهائيا بين الأشخاص والحزب، على الرغم من إصدار مناضلين بالحزب لكلام تافه بحقي، إلا أنني لا أرد عليهم، لكنني أتدخل حينما يقوم شخص ما بإهانة هذه الهيئة السياسية”.

وبشأن تطلعاته في الاستحقاقات المقبلة، قال وهبي:”أدخل الانتخابات وأنا مرتاح، لأن الحزب لن يقدم إلا ما يملكه، سنقبل بلعبة الديمقراطية ونتائجها، نريد أن نشارك في العملية الديمقراطية مع احترامنا للشعب واختياراته، ولن نمارس بمنطق التحكم الذي تعرضنا له سابقا، لدينا 80 بالمائة من البرلمانيين سيتم ترشيحهم من جديد لأنهم يملكون قوة انتخابية”.

وحول القاسم الانتخابي، أشار وهبي إلى موقف حزب العدالة والتنمية الذي أعلن عن كونه مستهدفا، باعتباره يرى الأمور من منطق الموقع والوصول إلى رئاسة الحكومة، والحال أن ما يهم بشكل أكبر هو نجاح الديمقراطية وعدم احتكار السلطة والمناصب، وفسح المجال لضمان بقاء أحزاب أخرى في الساحة السياسية.

وقال وهبي:”حزب العدالة والتنمية أفرزته موجة 2011، يوما ما ستندحر تلك الموجة على الشاطئ، أما نحن فظاهرة سياسية، لذلك علينا أن نفهم أن وجود أحزاب أخرى يضمن الديمقراطية أكثر منا، لأنها أحزاب تاريخية، كالاتحاد الاشتراكي والاستقلال والحركة الشعبية”.

وبشأن موجة السخرية التي أثارها اقتراح تعيين وزير لمدينة الدار البيضاء بعد الأضرار التي خلفتها التساقطات المطرية الأخيرة، أوضح وهبي أن المدينة تحتاج لهيكلة تقدر بحوالي 24 مليار درهم، نظرا لموقعها ودورها الاقتصادي في البلاد.

وقال وهبي:”الدار البيضاء بالنسبة لي قنبلة اقتصادية واجتماعية موقوتة، سيطرح فيها مشكل الماء والطرقات، قلت بإمكانية تعيين وزير لهذا السبب، ولنا في التجربة الفرنسية خير مثال على ذلك، حينما تم تعيين وزير باريس الكبرى الذي له مسؤولية أفقية وله اتصال مباشر مع رئيس الحكومة، مشكلة الدار البيضاء تعدد السلطات، ولا يمكن للجماعات أن تحل هذا الأمر بمفردها، من قال إنها فكرة تثير السخرية لم يقرأ التاريخ ولم ير تجارب العالم، هم أشخاص يسعون فقط لتصفية الحسابات”.

واتهم وهبي جميع الأحزاب بتهميش الكفاءات النسائية لأنها تبحث عن النتيجة إبان فترة الانتخابات، مما يفرض التفكير والدراسة بشأن اعتماد أفضل الطرق لترشيح المرأة في الاستحقاقات الانتخابية.

وقال وهبي إن رئيس الحكومة المقبل عليه أن يكون انتحاريا في كثير من القضايا وأن يتخذ قرارت جريئة ويتحمل مسؤوليته فيها، غير خاضع للضغط السياسي، وإلا سيفسح المجال أمام لوبيات للسيطرة والإبقاء على مختلف القضايا المهمة عالقة.

وذكر الأمين العام للحزب أن الشعب المغربي يتميز بطيبته، لكن من غير المقبول أن يتحمل أكثر، حيث أصبح من الضروري الانفتاح عليه وتمكينه من كافة حقوقه وكرامته، فضلا عن تجاوز نكران الذات والخطابات والتفكير في مستقبل البلاد.

وبشان علاقته بالرئيس الأسبق للحكومة، عبد الإله ابن كيران، قال وهبي:” شخصيته فريدة وحينما يقتنع بشخص ما يغير مساره وطريقة تفكيره به، ربما اقتنع بي كصديق وكفكر ومشروع جديد، ولا أستغرب أن نشتغل معا في المستقبل لأن شخصيته لا تذهب للتقاعد”.

وأشار وهبي إلى عمل اللجنة البرلمانية حول المغاربة العالقين بسوريا والعراق، والتي تسعى لإيجاد حل شامل لموضوع معقد، تتقاطع فيه الجوانب الأمنية والسياسية، آملا أن يكون هناك تعاون سوري مغربي في هذه القضية، بوجود حالات إنسانية في تركيا والأردن والعراق وسوريا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى