باحثون يراهنون على دور”الترانيم الأندلسية” في “محاصرة صراع الحضارات”

في تقديم ترجمة للكتاب تحمل عددا من القطع الخاصة بموسيقى الآلة

أشار أكاديميون وباحثون في مجال التراث الموسيقي الأندلسي إلى دور موسيقى الآلة بشكل خاص والموسيقى عموما في التقريب بين الحضارات وتوحيد الشعوب.

وقال محمد خياط، صحفي، في لقاء لتقديم كتاب”ترانيم أندلسية”، للكاتب والباحث أحمد الفاسي، مساء الجمعة، من تنظيم جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة ودار لوان، إنه من الضروري أن تكون الموسيقى قاطرة للتقريب بين الحضارات وتقليص الصدام الحاصل بينها، وهو ما يعتمده المغرب حاليا في توجهه، وعمله على التموقع عالميا، على أمل أن تزخر الساحة الفنية والثقافية بأبحاث عديدة في الموضوع.

وذكر أمين الدبي، باحث في الموسيقى الأندلسية، أن المؤلف يحتوي على حقائق تاريخية وفنية عن هذا الفن العريق منذ عهد الموحدين إلى العصر الحالي، مع تقديم نبذة مختصرة عن حياة بعض الممارسين لموسيقى الآلة والتعريف بأمهات الآلات الموسيقية الخمس، مع وجود معجم لبعض المصطلحات المستعملة في هذا التراث، مما يمثل مرجعا مهما يمكن إهداؤه للمغاربة والأجانب بكل فخر واعتزاز.

من جانبه، قال أحمد الفاسي، مؤلف الكتاب، إن المفكر المغربي الراحل المهدي المنجرة شجعه في هذا السياق، خاصة حينما علم بأن هذا العمل سيكون صلة وصل بين الحضارة العربية والحضارات الأخرى.

وعبر الفاسي عن إيمانه بالتكامل في أي عمل إبداعي، بعيدا عن أي حدود بين الفنون على اختلاف أشكالها.

وحول دوافع التأليف، قال الفاسي:” نجاح تجربتي الأولى الخاصة بنشر 30 نصا من الشعر الشرقي الغنائي سنة 1997، هو ما دفعني لترجمة نوبات موسيقى الآلة، فقد أثارني غنى وتنوع المواضيع المطروحة من طبيعة وغزل وغيرها، إضافة إلى الجانب التواصلي، حيث كان المفكر الكبير المنجرة حريصا دوما على رفض صدام الحضارات، عن طريق تقريب تراثنا للآخر”.

وانتقد الفاسي وضعية موسيقى الآلة التي لم تحظ بالاعتبار الكافي لحدود الساعة.

بدوره، نبه ادريس السرايري، أستاذ جامعي وباحث في الموسيقى الأندلسية، من افتقاد الخزانة الوطنية للمنتوج الأدبي الكافي الذي يهم الموروث الأندلسي، معتبرا أن مؤلف”ترانيم أندلسية” هو عمل دقيق موجز وشامل وملم يخص تبسيط الأبجديات المعرفية من مصطلحات ومفاهيم لملامسة جمالية هذا التراث.

وقال السرايري:”نستحضر أيضا ذكرى قامة من القامات المغربية، الراحل المهدي المنجرة، فأن يقوم بمراجعة هذا الكتاب رجل من طينته هو منبع افتخار، هذا العمل يمثل سراجا لكل من أراد معرفة تاريخ هذا الموروث نشأة وتطورا وتعريفا ببعض أعلامه ومنظريه وآلاته الموسيقية”.

وأشار السرايري إلى وجود شقين يشدان انتباه متصفحي الكتاب، يهمان الكتابات الموسيقية كعمل احترافي بامتياز يشكل إطارا ينضبط إليه من أراد تأدية هذه الوصلات بعيدا عن أي زخرف يعتبرها البعض زيادات لا مكان لها.

وذكر الباحث في الموسيقى الأندلسية أسماء مهتمين وفنانين بالمجال، عملوا على تدوين النوبات الأندلسية، منهم ألكسي شوطان، ومولاي العربي الوزاني، ويونس الشامي، ومحمد بريول، والفنان جمال الدين بنعلال، وعمر المتيوي، ومحمد العثماني.

واعتبر السرايري الكتاب مبادرة حميدة تدخل في إطار التعريف بالنص الأدبي المتغنى به للموروث الأندلسي المغربي وتقريبه للمولعين به من مواطنين مغاربة وآخرين منتمين لثقافات أخرى، معبرا عن أمله في أن تشمل ترجمته اللغتين الإنجليزية والإسبانية، كإشهار للموسيقى المغربية ماديا ورقميا خارج محيطها الجغرافي.

وأوضح سفيان اكديرة، باحث في الموسيقى الأندلسية، أن”ترانيم أندلسية” يثمن اللحظة الجمالية لهذه الموسيقى كإرث انطلق من الأندلس ووصل للمغرب الذي ظل وفيا للتعدد والتنوع الثقافي.

وبشأن صعوبات الترجمة، أفاد اكديرة بانتظام الحواجز الثقافية مما يقتضي التمكن من كلتا الثقافتين، إضافة إلى وجود عوائق لغوية بين اللغة الهدف والأصل وعوائق فنية ملتصقة بالتطبيق الأدبي بين اللغتين، علما أن الموسيقى الأندلسية المغربية تغنى وبالتالي فرهان الموسيقى حاسم في إنجاح رهان الترجمة.

وقال اكديرة:”الكتاب جمع 29 قطعة بناء على ذوق موسيقي رفيع المستوى، غايته إبراز ما تكتنزه هذه الموسيقى من دلالات تحتفي بالطبيعة والإنسان والمعتقد “أشعار المديح النبوي”، إلى جانب العنصر الموسيقي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى