بركة: مواجهة الجائحة لا ينبغي أن تشغل البلاد عن معالجة الاختلالات الهيكلية
قال نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، إن مواجهة الجائحة لا ينبغي أن يشغل البلاد عن التصدي للاختلالات والنواقص الهيكلية التي كانت قبل كوفيد-19، وتفاقمت بسبب تداعياته، بالإضافة إلى مواكبة التحولات المجتمعية وتعقيدات الحياة اليومية للمواطنين، واقتراح البدائل الخلاقة والحلول العملية والمندمجة لتجاوز الاشكاليات المطروحة.
وذكر بركة، في كلمة له، في افتتاح أشغال الدورة الثامنة للجنة المركزية للحزب، عن بعد، السبت، أن الوصفات الاقتصادية أو المالية لن تكون لوحدها كافية لمواجهة إشكاليات المستقبل، بالإضافة إلى استباق الأزمات والإشكاليات القادمة بما يعززُ استدامة واستقرار المشروع المجتمعي الوطني المشترك، ولا سيما ما يتعلق منها بمجالات الصحة والحياة، والأمن الغذائي والمائي، والسيادة الطاقية، والسيادة الاقتصادية والمالية والانتقال الطاقي والرقمي.
وعبر بركة عن اعتزازه بدور الحزب في الدعوة إلى فتح ورش الإصلاحات السياسية المتعلقة بالمنظومة الانتخابية منذ 3 فبراير 2020 أو في الترافع على تشجيع المشاركة السياسية ورفع نسبتها وضمان التعددية والتمثيلية والشفافية والإنصاف والتوازن في المشهد السياسي، وتقوية الارتباط بين الناخبين والمنتخبين، وتخليق الممارسة الانتخابية.
ونوه الأمين العام لحزب الاستقلال بالمقتضيات الجديدة التي جاءت بها القوانين الانتخابية، والتي استوعبت أكثر من 80 في المائة من الاقتراحات التي سبق للحزب أن تقدم بها في إطار المذكرة المشتركة مع أحزاب المعارضة، فضلا عن تعديلات إضافية، منها إجراء الاقتراع الخاص بالانتخابات الجماعية والجهوية والتشريعية في نفس اليوم والتصويت بالبطاقة الوطنية.
واعتبر بركة التخلي عن تمثيلية فعلية للشباب وضمان تمثيلية مغاربة العالم بمجلس النواب، تراجعا سياسيا لا يعكس الدينامية المجتمعية ولا الأدوار الفاعلة للشباب وما راكمته تجربة لائحة الشباب من مكاسب من خلال المساهمة الجيدة في التشريع ومراقبة العمل الحكومي، فضلا عن ما يشكله مغاربة العالم من قيمة مضافة، ونكوصا على أهم ركائز توسيع المشاركة السياسية.
ودعا بركة إلى تعزيز القوانين الانتخابية لبناء الصرح الديمقراطي بالبلاد، آملا في أن يسهم تغيير القاسم الانتخابي في تكريس تنافس انتخابي حقيقي وفي إحداث توازن في المشهد السياسي وأن يفتح الباب أمام إحداث تناوب ديمقراطي جديد، وفتح ورش الإصلاحات السياسية، على غرار الإصلاحات الانتخابية، بغية تحقيق مزيد من التوطين للخيار الديمقراطي وتحصين المكتسبات الحقوقية وإطلاق الآليات الكفيلة بتعزيز الثقة في الفعل السياسي، وتخليق العملية الانتخابية.
وطالب الأمين العام لحزب الاستقلال بضروة إقرار تعبئة سياسية شاملة، مطالبا الأغلبية الحكومية باستحضار روح المسؤولية الوطنية والتحلي بالشجاعة السياسية والالتزام بالمقتضى الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة وتقديم حصيلة العمل الحكومي للرأي العام الوطني دون مساحيق مضللة ودون تقاذف للمسؤوليات، معتبرا أن الانتخابات المقبلة تشكل فرصة لإجراء تقييم حقيقي للأداء الحكومي لضخ نفس جديد في المسار الديمقراطي وإجراء القطيعة مع الاختيارات والتوجهات التي أبانت الممارسة عن محدوديتها.
وأفاد بركة بوجود أربع رهانات كبرى يتعين على البلاد كسبها، تشمل القضية الوطنية، وما يرافقها من مناورات واستفزازات خصوم الوحدة الترابية في ظل المكاسب والإنجازات الدبلوماسية التي حققتها المملكة، فضلا عن رهان التعايش مع جائحة كورونا بتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية، واستثمار الفرص المتاحة لاستعادة عافية الاقتصاد الوطني، وكذا تحقيق العدالة والإنصاف، والقطع مع مظاهر الحيف والتمييز في التمتع بالحقوق، والاقتسام العادل للالتزامات والتضحيات، والتوزيع المنصف لمنافع الثروة بين الجميع، والتصدي الفعلي لكل أشكال تنازع المصالح واستغلال مواقع النفوذ والامتياز، مع جعل الخيار الديمقراطي الأساس الفعلي لترسيخ النموذج التنموي الجديد، عبر الآليات المؤسساتية التمثيلية والتشاركية القائمة.
وشدد المسؤول السياسي على ضرورة الانتقال من منظومة “الحماية الاجتماعية” إلى منظومة “الاستثمار الاجتماعي”، التي توفر شروط التمكين الاقتصادي والاجتماعي، والازدهار الذاتي لكل الفئات الهشة والفقيرة، والارتقاء الاجتماعي، وتحصين الطبقات الوسطى وتوسيع شرائحها، من خلال الصحة والمدرسة والتكوين مدى الحياة، وإرساء الإنصاف الضريبي الذي يعيد توزيع الثروة الوطنية.