وهبي يستعرض معاناة المغاربة المحتجزين في تندوف بجنيف

سجل انخراط المملكة في مراجعة المنظومة الجنائية

تناول عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، اليوم الاثنين، معاناة المغاربة المحتجزين في مخيمات تندوف بالجزائر، في اجتماع الدورة ال52 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، برئاسة أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة.

اتجار بالبشر وحصار وإعدامات

وقال وهبي إنه في الوقت الذي تشهد فيه الأقاليم الجنوبية للمملكة طفرة تنموية اقتصادية واجتماعية شاملة تتيح للسكان التمتع بحقوقهم والمشاركة في تدبير الشؤون العامة من خلال المؤسسات التمثيلية، فإن معاناة المغاربة المحتجزين في ظروف قاسية للغاية في معسكرات تندوف بالجزائر ما تزال متواصلة ومنذ حوالي نصف قرن.

وزاد مبينا:”حيث أن يومياتهم مؤثثة بالحصار ومصادرة حق التجمع والمنع من التنقل، كما يعانون من الإعدامات خارج نطاق القانون والاعتقالات التعسفية والاختفاءات القسرية وممارسة كافة أشكال التعذيب والاغتصاب والاتجار بالبشر وتجنيد الأطفال، من طرف ميلشيات ترهن التمتع بأبسط الحقوق بالخضوع والانصياع السياسي والإيديولوجي الكامل”.

الموائد المستديرة

وأعرب وهبي عن تأكيد المملكة المغربية لدعمها للمسلسل السياسي والتزامها بصيغة الموائد المستديرة، بخصوص النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، بمشاركة جميع الأطراف، تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة، قصد التوصل إلى حل “واقعي وعملي ومستدام وقائم على التوافق”، في إطار السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة، وعلى أساس مبادرة الحكم الذاتي التي اعتبرها مجلس الأمن للمرة 19 مبادرة جدية وذات مصداقية، وهي المبادرة التي شهدت دعما واسعا من قبل عدد من الدول الوازنة، باعتبارها “الإطار الوحيد لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل”، كما أكد على ذلك الملك محمد السادس في خطابه في ذكرى 20 غشت 2022، ليرتفع العدد الإجمالي للدول الداعمة لهذه المبادرة إلى 91 دولة، كما تعززت ديناميتها بافتتاح عدد من الدول الإفريقية والعربية ومن أمريكا الجنوبية قنصليات لها بالصحراء المغربية.

وأوضح المسؤول الحكومي أن هذه الدينامية تتوافق مع الشرعية الدولية التي كان آخرها قرار مجلس الأمن رقم 2654 الذي أعاد التأكيد على صيغة الموائد المستديرة باعتبارها الصيغة الوحيدة المؤطرة للمفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة لأجل تيسير التوصل إلى حل سياسي يكون “واقعيا وعمليا ومستداما وقائما على التوافق”. كما طالب كل الأطراف، بالانخراط في مسلسل الموائد المستديرة، وهو المسلسل الذي مازالت الجزائر وصنيعتها ترفضه، متشبثة بخيارات متجاوزة طمرتها الأمم المتحدة منذ أزيد من عقدين.

أوراش إصلاحية

من جهة ثانية، أشار وهبي إلى مواصلة المملكة المغربية إنجاز أوراشها الإصلاحية الكبرى، وعلى رأسها الورش الملكي للحماية الاجتماعية باعتباره ورشا مجتمعيا كبيرا، مكن مع نهاية سنة 2022، من إدماج 22 مليون مستفيد إضافيفي نظام التغطية الصحية الاجبارية. كما سيمكن من تعميم التعويضات العائلية بالنسبة للأطفال في سن التمدرس والذي سيستفيد منه 7 ملايين طفل، في أفق 2024، وتوسيع قاعدة الانخراط في أنظمة التقاعد ليستفيد منه 5 ملايين شخص إضافي، في أفق 2025، وتعميم التعويض عن فقدان الشغل بالنسبة للأشخاص الذين يتوفرون على شغل قار، في أفق 2025.

وقال وهبي:”وواصلت البلاد إصلاح المنظومة الصحية الوطنية، من خلال إحداث الهيئة العليا للصحة، والمجموعات الصحية الترابية، والوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، فضلا عن إعداد مشروع ‏قانون جديد ‏يخصالموارد البشرية بالوظيفة الصحية يروم تعزيزها وتثمينها. كما واصلت العناية بقضايا التربية والتعليم من خلال رصد إمكانيات بشرية إضافية ووضع خارطة الطريق 2022-2026 من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع”.

وشدد وزير العدل على إيلاء العناية للحق في الشغل، من خلال اعتماد برنامج “أوراش”المخصص لتوفير العمل لفئات خاصة من المواطنين، والذي استفاد منه سنة 2022ما يزيد عن 100 ألف شخص، كما تم تعزيز هذا المجهود ببرنامج “فرصة”لتشجيع الفعل المقاولاتي للشباب عبر ضمان الولوج الى التمويل، حيثاستفاد منه خلال نفس السنة ما يفوق 10 آلاف شخص.

وأضاف وهبي:”وفي نفس السياق، حرصت المملكة على مواصلة الحوار الاجتماعي، من خلال التوقيع، خلال سنة 2022،على محضر “اتفاق اجتماعي” وعلى “ميثاق وطني للحوار الاجتماعي”، إضافة الى اتفاقات قطاعية، بما يهدف الى تحسين أوضاع العمالوضمان تعزيز السلم والأمن الاجتماعي”.

وسجل وهبي إيلاء عناية خاصة للماء، باعتباره مادة حيوية تقتضي، في ظل نذرتها مع تكرار حالة الجفاف والاجهاد المائي المتواصل، التحلي بالمسؤولية والجدية والالتزام بالتدبير العقلاني والمستدام، من خلال اخراج البرنامج الوطني الأولوي للماء.

قضايا المساواة والمرأة

ولفت وهبي إلى أن سنة 2022  تميزت بالعناية الملكية بقضايا المساواة والمرأة، ولاسيما تمكينها من حقوقها القانونية، من خلال تبني خيار مراجعة مدونة الأسرة، وتفعيل المؤسسات الدستورية المعنية بقضايا المرأة. كما انخرطت المملكة في مراجعة شاملة للمنظومة الجنائية تتوخى الملاءمة مع المعايير الدولية والتحولات المجتمعية ومستجدات العصر، من خلال إعداد مشروع قانون جنائي وقانون مسطرة جنائية جديدين ومشروع قانون يخص العقوبات البديلة، فضلا عن تفعيل المقتضيات القانونية لتغذية الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية والأحداث المحتفظ بهم.

تعزيز قيم الحوار والسلام

ونوه وهبي بمواصلة المملكة المغربية جهودها الرامية إلى تعزيز قيم الحوار والسلام والتسامح والتعاون والاحترام المتبادل بين الدول، من خلال احتضان أشغال المنتدى العالمي التاسع لتحالف الحضارات الذي توج بإعلان فاس الذي شكل وثيقة دولية ذات أهمية بالغة في هذا المجال، في الوقت الذي عرف السياق الدولي صعوبات وتحديات شديدة الأثر على حقوق الانسان في ظل تداعيات انتشار فيروس كورونا والآثار المدمرة للنزاعات المسلحة ومخاطر التغيرات المناخية وانتشار خطاب التطرف العنيف والإرهاب والعنصرية وكراهية الأجانب.

وسجل الوزير تنظيم الندوة الدولية الأولى حول الآليات الوطنية للتنفيذ وإعداد التقارير والتتبع في مجال حقوق الانسان التي اختتمت بإعلان مراكش الذي يندرج في إطار الجهود الدولية لتعزيز أدوار هذه الآليات وتطوير الشراكات والتعاون وتقاسم التجارب، حيث شكل انضمام المملكة الى البرتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والبرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء ضد جميع أشكال التمييز ضد المرأة، حدثا حقوقيا بالغ الأهمية، ومحطة إضافية بارزة في المسيرة الوطنية التي أقرتها الإرادة العليا للدولة وكرسها الدستور.

وقال وهبي:”وفاء بالتزاماتها الدولية قدمت المملكة المغربية، في نونبر 2022، التقرير الوطني برسم الجولة الرابعة من آلية الاستعراض الدوري الشامل.كما عرفت سنة 2022 مناقشةالتقرير الوطني الجامع للتقريرين الدوريين الخامس والسادس بشأن اعمال اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة أمام اللجنة الأممية المختصة التي أثنت على الجهود المبذولة لتحسين أوضاع المرأة وكفالة المساواة والتمتع بالحقوق الإنسانية للنساء، فضلا عن تقديم توصيات تندرج ضمن توجهات الإصلاح المنشود والأوراش والبرامج الجارية. وتستعد المملكة لمناقشة التقرير الدوري الثاني حول إعمال اتفاقية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم خلال شهر مارس المقبل، كما أنها مقبلة،خلال شهر دجنبر القادم، على مناقشة تقريرها الوطني حول اعمال اتفاقية التمييز العنصري”.

وأضاف وزير العدل:”بالموازاة، استقبلت المملكة، خلال شهر نونبر الماضي، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد الأطفال التي التقت بالفاعلين المعنيين وقامت بزيارات ميدانية لمدن طنجة والدار البيضاء والداخلة. وتأمل البلاد أن يتواصل التفاعل مع الإجراءات الخاصة لتنظيم زيارات ميدانية متوازنة، تمكن من تعزيز النهج التعاوني مع هذه الآليات”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى