بنعبد الله: هناك طغيان للمال والفساد لم يسبق له مثيل في عدد من الدوائر الانتخابية

شدد على ضرورة توفير أجواء الانفراج وحل مجموعة من القضايا العالقة

ندد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، بطغيان المال وأساليب الفساد في عدد واسع من الدوائر بشكل لم يسبق له مثيل خلال الاستحقاقات الانتخابية الحالية، مما يمثل تخوفا ليس فقط على مستوى النتائج، وإنما على طبيعة المؤسسات الديمقراطية المنتخبة التي ستفرزها هذه الانتخابات.

وأشار بنعبد الله في تصريحات مطولة ل”صحراء ميديا المغرب”، إلى تهافت جهات مرتبطة بمصالح مادية على مستوى محلي وإقليمي وجهوي على الكفاءات والأطر والفعاليات الشابة من الجنسين التي ظلت بعيدة في وقت الترشيحات والتي غالبا ما تنتمي لاقتصاد غير مهيكل، وهو ما يشكل تهديدا للمسار الديمقراطي عموما في الوطن، داعيا كل المسجلين في اللوائح والعازفين عن التصويت إلى المشاركة المكثفة لدعم حزب التقدم والاشتراكية الذي يكاد يكون الحزب الوحيد الذي يسعى إلى مواجهة هذه الظاهرة المخيفة.

وذكر بنعبد الله أن تحضيرات حزبه لخوض غمار الانتخابات بدأت عمليا منذ شهور، وشملت ثلاثة مستويات، تهم التحضير للبرنامج الانتخابي، بوجود فريق عمل مكون من أطر نسائية ورجالية حزبية مهمة، وكذلك بعض الأطر الذين جرى الانفتاح عليهم من أجل وضع هذا البرنامج، فيما تناول المستوى الثاني التأسيس لعمل تنظيمي من أجل تقوية جاهزية الفروع والهياكل الحزبية، إلى جانب البحث عن خيرة الكفاءات الحزبية والموجودة في المجتمع لتكون مرشحة باسم الحزب، مع الاهتمام بالنساء والشباب.

وقال زعيم”التقدم والاشتراكي”:”بقدر ما اقترب الموعد الانتخابي بقدر ما سعينا إلى تشكيل خلايا وهياكل لتتبع الانتخابات على كافة المستويات، سياسيا بمختلف التحديات المطروحة، ثم من الناحية التواصلية بالاعتماد على طاقاتنا الداخلية، ولكن أيضا من خلال الانفتاح على مهنيين في المجال التواصلي العام والمجال الرقمي، ثم من الجانب اللوجيستيكي من أجل أن نتوفر على أحسن تنظيم ممكن لهذه الانتخابات. وأخيرا الجانب المادي لأن هذه المسألة تشكل العمود الفقري لعملية من هذا النوع”.

سعينا لأكبر تغطية ممكنة

وأشار بنعبد الله إلى سعي حزبه إلى الوصول إلى أكبر تغطية ممكنة، وهو ما حققه من خلال 91 ترشيح من أصل 92 دائرة بالنسبة للدوائر التشريعية، و100 في المائة على مستوى اللوائح التشريعية الجهوية التي تترأسها النساء، بالإضافة إلى ما يناهز 10 آلاف مرشح محلي، وما يقارب 100 في المائة من الترشيحات على مستوى مجالس الجهات.

واعتبر بنعبد الله أن التعامل مع الحملة الانتخابية في ظل ظرفية تتسم بانتشار فيروس كورونا يتم أساسا من خلال اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية واحترامها.

وزاد موضحا:”على مستوى التراب الوطني قد تكون هناك بعض الهفوات، لكن هناك حرص كبير على مستوى المقر المركزي وأيضا على مستوى فرق العمل بشأن احترام جميع الإجراءات الاحترازية، كما نتعامل بالتزام واتزان مع الخرجات الجماهيرية، ومسألة التجمعات وتوزيع المنشورات، ونركز بالإضافة إلى الاتصالات الشخصية مع المواطنين، بطرق مختلفة، من خلال التركيز على التواصل الرقمي والطرق الحديثة للوصول إلى الناخبات والناخبين بما لا يؤثر على السلامة الصحية في ظل الأوضاع الحالية التي تعرف انتشار الوباء”.

وحول أبرز النقاط التي يحملها البرنامج الانتخابي للحزب، ذكر بنعبد الله أن هناك ثلاثة محاور أساسية وهي: الإنسان في قلب السياسات العمومية وثانيا اقتصاد قوي في خدمة التنمية والسيادة، وثالثا تجديد الزخم الديمقراطي وترسيخ البناء المؤسساتي.

يقترح تحقيق معدل نمو لا يقل عن 6 في المائة

على صعيد ذي صلة، يقترح الحزب تحقيق معدل نمو لا يقل عن 6 في المائة على مدى زمني مستمر، الشيء الذي يحتم رفع الحواجز التي تعيق الاستثمار والولوج إلى العقار والقروض والصفقات العمومية، مع تبسيط المساطر الإدارية وتحسين مناخ الأعمال، فضلا عن دعم تنافسية المقاولات والقضاء على جميع أشكال اقتصاد الريع، وسن سياسة للحوار الاجتماعي تضمن إشراك العمال في القرارات الاستراتيجية للمقاولة، والتوفيق بين التنافسية والعمل اللائق واحترام حقوق العمال.

ويرتكز البرنامج الحزبي، أيضا، على تعزيز دور الدولة وقدراتها على مستوى التوجيه والضبط أو على مستوى التدخل المباشر في الجانب المقاولاتي، أو انطلاقا من مهمتها التنموية ومسؤوليتها كضامنة للإنصاف الاجتماعي والمجالي.

في غضون ذلك، يقترح”التقدم والاشتراكية” تقوية الدور المحرك للدولة ولمسؤوليتها في مجال توفير البنيات التحتية الضرورية، وفي التأهيل الاجتماعي لجميع الجهات، وفي الاستثمارات الصناعية المهيكلة، مع دعم وتشجيع البحث العلمي وإعطاء الأسبقية القصوى للمدرسة العمومية والمستشفى العمومي.

حاجة ملحة لتجديد الزخم الديمقراطي

وأشار بنعبد الله إلى وجود حاجة ملحة لتجديد الزخم الديمقراطي وترسيخ البناء المؤسساتي وتجاوز حالة القلق الموجود في الأوساط المجتمعية، وضرورة توفير أجواء إيجابية تتميز بالانفراج وحل مجموعة من الملفات العالقة، بما فيها ملف حراك الريف وباقي الحراكات الاجتماعية وبعض الملفات الإعلامية المقلقة، لرفع منسوب الثقة والمصداقية والمشاركة، من أجل إنجاح محطة الانتخابات الحالية، لإفراز حكومة سياسية، منسجمة وقوية، قادرة على تجسيد الطموحات الوطنية ورفع التحديات، لاسيما منها الاقتصادية والاجتماعية بسبب التداعيات الخطيرة للجائحة، بالإضافة إلى العمل على مواصلة تنزيل مقتضيات دستور 2011 والعمل على توسيع فضاء الحقوق والحريات.

الواقع لا يرتفع

وبشأن التحالفات الممكنة ما بعد نتائج الانتخابات، قال بنعبد الله:”لو كان بودنا أن نشكل أغلبية مع فصائل اليسار لقمنا بذلك، لكن الواقع لا يرتفع، ولذلك نكاد نكون اليوم الحزب الوحيد الذي يحمل بقوة مبادئ وقيم اليسار ويشكل مصدر تأثير على مستوى فصائله الموجودة في الساحة، كان بودنا أن نصطف مع  ما كانت تجسده الكتلة الديمقراطية، لكن مع الأسف هذا أمر غير متاح أيضا في الوقت الحالي، وبالتالي فحزب التقدم والاشتراكية سيبني تحالفاته مباشرة بعد الانتخابات بناء على أسس برنامجية، مع المكونات السياسية، إن رغبت بدورها في ذلك، والتي نتقاسم معها هذه الهموم المجتمعية التي لخصناها في ثلاث أبعاد أساسية بالبرنامج الانتخابي”.

وأوضح الأمين العام ل”التقدم والاشتراكية” أن حزبه نبه لخطورة العزوف السياسي لدى المواطنين خاصة الشباب منهم طيلة السنوات الأخيرة، في مناسبات مختلفة، منها المؤتمر الوطني العاشر الأخير سنة 2018، والبيانات السياسية، والخرجات الإعلامية المختلفة، ثم في الرسالة التي وجهها إلى رئيس الحكومة في يناير 2020، من أجل الشروع في التحضير للانتخابات بمدخل سياسي يعتمد على قرارات واضحة تروم الانفراج السياسي وتجاوز عدد من الملفات المقلقة، سعيا إلى إحداث جو جديد من الثقة ومصالحة المواطنين مع السياسة ومع الشأن الانتخابي.

وقال بنعبد الله:” لكن مع الأسف في الوقت الذي كنا نقوم فيه بذلك كانت أحزاب أخرى تقف سدا مانعا أمام ذلك، وهي اليوم نفس الأحزاب التي تعمل بكل الوسائل، بما فيها غير المشروعة، من أجل تصدر هذه الانتخابات، لذلك بقدر ما نفهم أن هناك سخطا ورفضا وابتعادا عن الفضاء السياسي لفئات واسعة من المجتمع، بقدر ما نؤكد أن هذا السبيل لا ينفع في شيء وأنه عكس ذلك يقوي هذا الأمر، سواء من يعتمد على تصويت محافظ ينبع من المقاربة الدينية، أو على المال في استعمال واسع”.

الترحال السياسي.. والبؤس السياسي

وبشأن ظاهرة الترحال السياسي، قال بنعبد الله إنها من أوجه البؤس السياسي، والذي ازداد حدة بارتباط مع ما تعرفه هذه الانتخابات من طغيان للمال والفساد، فضلا عن كونه يعطي صورة مشوهة عن الفضاء السياسي، تعمق أزمة الثقة وتزيد من توسيع الهوة بين المواطنين وهذا الفضاء.

واعتبر بنعبد الله أن حزبه قام بأقصى ما يمكن من أجل عدم السقوط في هذه الظاهرة، اللهم بالنسبة لحالات تعد على رؤوس الأصابع التي غادرت الحزب لأسباب انتهازية والتي لم يحرك لها ساكنا من أجل الحفاظ عليها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى