لشكر: الحكومة تتجه بنا نحو إفشال الانطلاقة السليمة للنموذج التنموي الجديد
عد موقع المعارضة غير مريح بل مرحلة لإعداد الحزب

ذكر ادريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن الحكومة تتجه بالبلاد نحو إفشال الانطلاقة السليمة لتنزيل مقتضيات النموذج التنموي الجديد، وهو ما يتجلى أساسا من خلال مشروع قانون المالية الذي تم تمريره بالقوة العددية، باعتباره يزيد في الدين الخارجي ويفاقم اللاعدالة الضريبية ولا ينتج أي قيمة مضافة في سوق الشغل، بل قد يؤدي تنزيله لتوترات اجتماعية تعصف بالسلم الاجتماعي.
وحول علاقة الحزب بالانتخابات وتعيين الحكومة واختياره للمعارضة، قال لشكر في الدورة العادية للمجلس الوطني للحزب، اليوم السبت:” لا أحد من المراقبين يمكنه أن ينكر النتائج الإيجابية التي حققها الحزب في ظروف صعبة، حيث تمكنا من مضاعفة نتائجه بنسبة 70 في المائة، تجاوزنا منذ مرحلة التناوب التوافقي ذلك الصراع بين الدولة والأحزاب الوطنية وانتقلنا لمرحلة التداول السلمي على تدبير الشأن العام”.
وأضاف لشكر:”الحزب تعرض لإنهاك جراء مشاركته في حكومة التناوب الأولى، علما أن الأحزاب الاشتراكية في العالم دخلت مرحلة تراجع مؤقتة، فانتقالنا للرتبة الرابعة يعد أمرا أكثر من إيجابي بالنظر للضربات التي كنا نتلقاها، وهو ما يجب أن يمدنا بطاقة للتقدم مستقبلا نحو نتائج أفضل تليق بمكانة الحزب والأدوار التي قام بها. كنا نرغب بالوجود داخل الحكومة وعملنا على تحسين نتائجنا في الانتخابات، لكن كان من الطبيعي أن نصطف في المعارضة”.
وانتقد لشكر ما وصفه بالارتباك الحكومي اليوم وسعي الحكومة نحو التوغل ورفضها لأي مقاربة تشاركية.
وزاد مبينا:”ضغطوا في اتجاه الهيمنة المطلقة على كل المجالس الجهوية والإقليمية ومجالس المدن الكبرى وبتنا نتخوف من استخدامهم لهذه الهيمنة تجاه المجالس التي تسيرها الأحزاب الأخرى، هم الذين يحوزون ميزانية المجالس التي لها أدوار تنموية ليست هينة، هيمنوا أيضا على مكتب مجلس النواب واللجان البرلمانية وحتى جلسة الأسئلة أصبحت 80 في المائة للأغلبية و20 في المائة للمعارضة في سابقة من نوعها”.
وقال الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية:”كنا نأمل أن تكون أصوات الاتجاه الحداثي اليساري أكبر اعتبرنا أن الأحزاب الثلاثة الأولى يمكن أن نحسبها على التوجه الحداثي الليبرالي، للأسف حين استمعنا للتصريح الحكومي تبين لنا أمام حكومة محافظة مرة أخرى، وبالتالي فإن هذا الثلاثي أجهض التناوب الجديد واختار الاستمرار في سياسة محافظة في جانبها الاقتصادي والاجتماعي، فجاء مشروع قانون المالية الذي لم يقم بأجرأة المقترحات المنبثقة عن المناظرة الوطنية حول الإصلاحات الضريبية، ومن تم الاستمرار في جعل الموارد الضريبية تقع على كاهل فئة الأجراء وغياب تأسيس لضريبة تصاعدية على الثروة انسجاما مع قيمة التضامن”.
وسجل لشكر أن نسبة النمو التي حددت في 3.2 في المائة تعبر عن غياب الطموح، لكونها لا تسمح بخلق مناصب الشغل.
وأضاف لشكر:”هي هزيلة قياسا لمناصب الشغل التي فقدت بسبب كورونا، ولن تمكن من تحقيق سوى 70 ألف منصب وليس 125 ألف الموعودة في القانون المالي، فضلا عن كونها نسبة مبنية على احتمالات لا نتحكم في مخرجاتها، وبالتالي فإن متوسط أسعار المنتوجات الطاقية هي متفائلة حد المبالغة وبعيدة عن الأرقام المالية كفرضيات، والتي تتوقع تصاعدا في الأثمنة، ومن مؤشرات ذلك أن ثمن الغاز في الأسواق الدولية هو ضعف المطروح في قانون المالية، وهو الثمن الذي ستدفعه الطبقة المتوسطة والفقيرة ولن نصل لتوسيع الطبقة المتوسطة كما كان مقررا”.
وندد لشكر بحصر سن الولوج بالنسبة لمباريات المراكز الجهوية للتربية والتكوين في 30 سنة، باعتباره ضد قانون الوظيفة العمومية الذي يحدد التوظيف في 45 سنة للفئات في السلك العاشر.
وزاد لشكر مبينا:” ذهبت المذكرة لحصر السن في 30 سنة دون مبررات معقولة مما يجعل فئات واسعة من الشباب مقصيين ويفاقم حالة الإحباط، خاصة أن أغلبهم من خريجي الجامعات الذين ليست لهم فرص كثيرة لولوج سوق الشغل، هو إجراء يمثل ترجمة لتوجهات الحكومة النيوليبرالية البعيدة عن توجه الدولة الاجتماعية”.
وأفاد القيادي الحزبي بضرورة التركيز على تقوية الأجهزة الحزبية ومرافقة منتخبيها في البرلمان، منوها بمسيرة حزبه النضالية التي أفرزت تجربة تنظيمية متميزة مكنت الحزب تاريخيا من التوفر على حزب يساري منظم يسهر على تأطير المواطنين ويبلور المشاريع والبرامج، من خلال تجربة تمتد لأكثر من 60 سنة أبدعت صيغا لتحقيق التوازن الضروري بين النضال والكفاءة والمشاركة والمعارضة.
واعتبر لشكر أن تجربة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لم تكن منغلقة بل متجددة في مسايرة التطورات السياسية والاجتماعية.
وقال لشكر:” لم نتردد في إلغاء مبدإ المركزية الديمقراطية وتعويض لجنة الترشيحات بالترشيح الفردي وإرساء الكتابات الجهوية وتعويض شكل الخلية بالتنظيمات المجالية والقطاعية واعتماد قاعدة المحاصصة في التمثيلية النسائية، وكذا اعتماد مبدإ انتخاب الكاتب الأول من المؤتمر الوطني واعتماد تقنية التناظر المرئي في تواصلنا، فنحن نستشعر ضرورة استيعاب التحولات المجتمعية والتكنولوجية التي تؤثر على الأنماط التنظيمية”.
وأوضح لشكر أن المغرب ليس في مرحلة هشاشة أو اضطرابات أوصراعات حول السلطة أو تشكيك في المشروعيات، مضيفا:” ما عشناه مخرجات عملية انتخابية عادية أدت لتغيير مكونات حكومة بدورها قد تتغير بتعديل حكومي قريب أو الانتخابات المقبلة”.
وسجل لشكر أن طموح حزبه لا ينبغي أن يكون أقل من ترؤس الحكومة المقبلة أو أن يكون الحزب الثاني على أقل تقدير، مشيرا إلى أنه لا يجب اعتبار المعارضة وضعا مريحا بل لا بد أن تكون فقط مرحلة لإعداد الحزب ليكمل الشوط الثاني للتناوب.
وحول العلاقات مع الجزائر واستفزازتها تجاه المملكة، قال لشكر:”اعتبار الجزائر طرفا في الصراع المفتعل حول الصحراء المغربية ودعوتها لحضور جلسات التفاوض وأهمية هذا الأمر تكمن في حصول اقتناع دولي مفاده أن الأمر لا يتعلق بنزاع بين دولة وحركة انفصالية بل ملتبس بصراع قوى إقليمية”.
وأكد لشكر أن الجزائر فشلت في جر المغرب للتصعيد حين قامت بقطع العلاقات الدبلوماسية ومنع مرور الطيران المدني والعسكري عبر أجوائها وتوقيف الغاز والاتهام البليد للمغرب بدعم حركتي “الماك” و”رشاد” المعارضة واتهام المغرب بالتسبب في قتل مواطنين جزائريين كانوا يعبرون المنطقة العازلة، مما جعل الأمم المتحدة تكذب هذه الادعاءات.
وقال لشكر:” سياسة بلادنا الهادئة والمتزنة تسعى لتجنيب المنطقة أي انجرار نحو الحرب لحساسية المنطقة مستحضرين الجنون الجزائري، وهي مناسبة لتحية القوات المسلحة الملكية بقيادة القائد الأعلى الملك محمد السادس”.