بنيوب: تراجع رصيدنا في توثيق حقوق الإنسان..ولا وجود لأطروحة الردة والانتهاكات الجسيمة
سجل رفضه استقبال المنظمات الدولية غير المحايدة في قضية الصحراء المغربية

قال أحمد شوقي بنيوب، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، إن المغرب سجل تراجعا في مجال توثيق حقوق الإنسان، علما أنه كان من الدول السباقة في إعداد تقارير المجتمع المدني والمؤسسات والانتظام.
وأضاف بنيوب، اليوم الثلاثاء، أثناء تقديمه لتقرير حول”الاستعراض الخاص في مجال حماية حقوق الإنسان”، بمقر وكالة المغرب العربي للأنباء بالرباط،:”جمعية واحدة فقط حافظت على الانتظام، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان لديه فراغ من 2011 إلى 2018، في غياب أي تقرير سنوي في حماية حقوق الإنسان وكذا المندوبية التي لم تصدر تقريرا حينما كانت المعطيات بين يديها”.
وزاد متسائلا:” هل يليق ببلد مثل المغرب أن تتراجع فيه قوة التوثيق السنوي لوضعية حقوق الإنسان، علما أنه حينما يغيب التوثيق يفتح الباب للكلام غير المضبوط وسوء القول والاستنتاج، وهنا أسجل استغرابي لتقرير لجمعية مغربية عريقة لإثبات انتهاكات استندت لمنظمة دولية غير حكومية تخوض حربا ضد المغرب في قضية الصحراء”.
وقال بنيوب إنه لا توجد تقارير عامة أو خاصة نتيجة أبحاث وتحريات ميدانية تترتب عنها خلاصات تفضي لوجود انتهاكات جسيمة، فضلا عن عدم وجود تقارير تعالج موضوع الحكامة الأمنية وحقوق الإنسان في مجال تدبير التوازن بين الحفاظ على النظام العام والأمن.
وأفاد بنيوب إن الاستعراض الخاص بمجال حقوق الإنسان جاء تزامنا مع ادعاءات أخيرا وصفة بالجسيمة وتارة بالردة الحقوقية وغيرها من الأوصاف، و هي ادعاءات تسائله كمسؤول في نطاق التدخل المؤسساتي، حيث كان لابد من تفاعله معها، كونه وجد آلية الاستعراض وهو مفهوم في أدبيات حقوق الإنسان دوليا، استند لمنهجية تشمل التقارير التي ترتكز على 3 أبعاد، وهي معطيات أي تقارير الدول ونوعية استنتاجات الرأي المترتب عن التحليل من طرف آلية الأمم المتحدة ثم توصيات.
واعتبر المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان أن الأطراف المعنية بالمعطيات متنوعة، تهم الجمعيات ومنظمات حقوق الإنسان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمؤسسات القريبة و”الهاكا” والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس الصحافة ثم الآليات الأممية.
وقال بنيوب:”أخذت معيارين، هما الوثائق المكتوبة في صيغة التقرير واستبعدت البلاغات والبيانات لأنها ليست معتمدة دوليا في تقييم الأوضاع، ثم مسافة الانتظام، بحيث أخذت 3 سنوات الأخيرة، علما أن فقط 6 جمعيات من أصل 30 أصدرت وثائق في هذا الإطار، وهي العصبة المغربية لحقوق الإنسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية وجيل جديد نشأ أخيرا بالإضافة إلى جمعيات عاملة في حقوق الإنسان والديمقراطية، ثم وثائق المجلس الوطني وأعمال المجلس الوطني للصحافة و”الهاكا” وتوصيات لجنة مناهضة التعذيب، في سياق حقل دال محترم للقول فيما يعرض من ادعاءات، مما مكن من صياغة التقرير الذي يقع ضمن 335 فقرة، والذي لم يضع على نفسه الرد على تقرير جمعية غير حكومية عاملة في حقوق الإنسان لأنها تعبر عن مواقفها وآرائها”.
وأضاف بنيوب:”يثار مشاكل في موضوع الجمعيات من قبيل الترخيصات والمضايقات، والحال أنه لا ملف واحد لأي جهة يوثق لنا وضعية الخروقات والخصاص الموجود في هذا الملف وهو موضوع صعب بالنسبة للبلد والتجربة الحقوقية المغربية، إلى جانب غياب معطى آخر يشمل المحاكمات التي تبقى معروضة للطعن على قارعة الطريق، عن طريق الهجوم على المحاكم والقرارات، بحيث لم أجد تقريرا واحدا لملاحظة محاكمات منتظمة ماعدا تقارير المجلس الوطني في أحداث الريف والصحفيين المتابعين في الحق العام، كما سجلت غياب تقارير توثق تجاوز الحراسة النظرية ومدة الاعتقال الاحتياطي للإقرار بالاعتقال التعسفي”.
وزاد بنيوب مبينا:”لا أغطي الشمس بالغربال ولا أسلك سلوك النعامة، أطروحة الانتهاكات الجسيمة والردة لا توجد في البلاد، بالمقابل هناك إشكال آخر حقيقي متعلق بأزمة تطور نظام حماية حقوق الإنسان، بلادنا تقع في صلب معادلة حماية حقوق الإنسان حفظ الأمن والنظام العام. هي عموما ليست أزمة نمو وتراجع بل تطور، بها معيقات تعوق التمتع بالوضع، مما يتطلب التدخل التشريعي وتقوية الحماية في إطار الاستباق والوساطة لتدبير التوتر”.
وحول تجليات هذه الأزمة، قال المندوب الوزاري:” توصيات المجلس لم تحظ بالاعتبار الواجب من طرف السلطتين الحكومية والبرلمانية، هناك تراجع التدخل المؤسساتي من خلال إصدار تقارير في وقت كان فيه منسوب الدستور مرتفع، بالإضافة إلى تردد على مستوى الالتزامات الدولية المتعلقة بالبلاد، ونموذج اتفاقية الاختفاء القسري التي بقي إعدادها في غرفة انتظار طال لسنوات، ثم اتفاقية لجنة مناهضة التعذيب، علما أن الدستور جرمها وانطلقت الآلية الخاصة بها لكن التقرير لم يصدر بعد، زد على ذلك أنه منذ 3 سنوات، صدرت رسالة ملكية تشير لضرورة تعزيز حقوق الإنسان وتقوية التنسيق ولا من متفاعل، فضلا عن التذبذب الذي عرفه مسار الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية”.
وأشار بنيوب إلى وجود خطاب متشدد راديكالي غايته التنديد والبحث على التشكيك يعتبره من أقصى المعارضة، وهو ا سيستمر في الدفاع عن حقه في التعبير لأنه أكبر حجة على حرية القول في المغرب، مقابل خطاب إصلاحي متفاعل يرمي إلى الاشتباك مع السياسات العمومية.
وأكد بنيوب أنه لم يجد حالة تخص اضطهاد حرية الفكر في البلاد، حيث ليس هناك مساس بأصل الأشياء التي تدعو الناس للتعبير عن أفكارهم.
واعتبر بنيوب أن التقرير انتهى لخلاصة فكرتها الحاجة لإجراء حوار عميق حول قضية الصحافة والسياسة.
وأفاد المسؤول الحقوقي باعتذاره عن استقبال منظمة مراسلون بلا حدود أواخر الشهر الماضي، إلى جانب وضعه معيارا في علاقة بالمنظمات الدولية غير الحكومية، فمن لم يأخذ مسافة الحياد اللازمة في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، سيكون من الصعب عليه التعامل معه.
وسجل بنيوب تقديم المنظمات الوطنية لخلاصات بالغة الأهمية حول حرية التجمع والتجمهر، ليظل المهيمن في مجملها الحفاظ ما أمكن على ضبط النفس من الطرفين كخاصية مغربية.
وأوضح بنيوب أن التزاماته الحقوقية تنبني على أولويات تهم مواصلة تقوية التفاعل مع الآليات الأممية في قضايا نوعية تتطلب تحسين المكتسبات، في مجال الحكامة الأمنية وحقوق الإنسان.
وذكر بنيبوب أن الاستعراض خرج بخمس توصيات، تناشد كافة المتدخلين لإعطاء عناية لمراجعة المنظومة الجنائية، وتقوية التنسيق المؤسساتي وإرساء صيغة تعاون جهوية بين المجلس الوطني ومندوبية مؤسسة الوسيط والجمعيات في تدبير التوتر والاحتجاجات، مع تنظيم حوارات رصينة حول القضايا الخلافية، مشيرا إلى إطلاق بوابة إلكترونية للتواصل في مجال الشكاوى.
وأعلن المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان عن تنظيم سننظم المؤتمر الجامعي العلمي لحقوق الإنسان، لأول مرة، نهاية أبريل المقبل، والذي سيكون امتدادا لفكرة الحوارات المثمرة التي عاشتها الجامعة المغربية حول الخطة الوطنية لحقوق الإنسان، بحضور شخصيات مغربية جامعية، في سياق فضاء لتبادل الرأي، تعمل المندوبية الوزارية على إدارته التنفيذية، والذي ستكون له دوراته في الجهات ودورة سنوية وطنية.