ابن كيران: كنت سأستقيل من رئاسة الحكومة نظرا للضغوط..و”لا أبيض وجه الداخلية”
سجل رفضه لأي شراكة مع حركة التوحيد والإصلاح

كشف عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عن عزمه تقدي استقالته من رئاسة الحكومة بعد تعيينه من طرف الملك محمد السادس في 2011 بسبب الضغوط الصعبة التي تعرض لها من كل الجهات، فضلا عن الآلة الإعلامية التي كانت ضده طوال الوقت.
وأضاف ابن كيران، خلال لقاء جمعه مع الكتاب الإقليميين والجهويين للحزب،:”لكننا بعد مرور خمس سنوات خرجنا بنتيجة فوق المتخيل، اليوم علينا التفكير في رفع مستوى المواطن لكي لا يقبل بتوظيف الأموال في الساحة السياسية والانتخابية، عيب وعار القيام بهذا الأمر وكأن الفرد يبيع بلده ووطنه، دوركم حاليا هو القرب من المواطنين، والتواضع وعدم التكبر والحرص على التواصل معهم، وهو ما أقوم به من خلال الرد على كل المكالمات الواردة والرسائل الهاتفية ليلا، هذه هي مرجعيتنا”.
وأشار ابن كيران إلى إمكانية عقد لقاء مع مناضلي الحزب يوميا إن هم أبدوا استعدادهم لذلك، وهو ما يصعب حاليا لأن كل شيء انكسر بعد الانتخابات الأخيرة ونتائجها السلبية، لافتا إلى أن لهم الحق في مؤاخذته وعتابه لأنه كان بعيدا عن الحلبة السياسية خلال الخمس سنوات الأخيرة، لأسباب نفسية قاهرة لم يستطع تجاوزها.
وعن ظروفي مغادرته للحكومة، قال الأمين العام للحزب:”تحدث معي الملك محمد السادس وقال لي أريد احترام تراتبيتكم الحزبية، وكان الرميد حينها مرشحا أيضا رفقة العثماني لرئاسة الحكومة، لكنني فضلت العثماني لأنني تخوفت من تصرف الرميد، على الرغم من كونه سجل وقفات محترمة معي وكانت هناك خلافات أيضا”.
وأفاد ابن كيران أن انطلاقة الحزب لن تكون سريعة بعد سقوطه أخيرا، علما أن ظروفه الصحية لا تسمح له بالتنقل بين المناطق والأقاليم أو الخروج من الرباط، داعيا أعضاء الحزب إلى العمل والانتقاد ومراجعة أموره من الأصل.
وذكر ابن كيران أنه لا يبيض وجه وزارة الداخلية كما ادعى أحد أعضاء حزبه، لكونها تقوم بعملها وهو نفس المنوال الذي يسير عليه المجتمع والأحزاب أيضا.
وأعرب ابن كيران عن رفضه القيام بأي شراكة مع حركة التوحيد والإصلاح، قبل أن يستطرد متسائلا:”لماذا سنقوم بهذا الأمر، هل فعلا لا توجد جدوى منكم أم أنكم لم تعودوا تفقهون كلام الله والرسول، ندعو للحركة بالتوفيق فقد كان لها الفضل فيما نحن عليه، الآن كبرنا وعلينا التفكير في تأسيس لجنة تربوية، الدولة لم تؤسسنا كلها مجهودات فردية من توفيق الله، في الحركة ميثاقنا شدد على العمل السياسي وفي سنة 92 قررنا الدخول للميدان السياسي رغم أنني لم أكن متفقا، حيث كنت أشعر أن الوقت لم يحن بعد”.
وزاد مبينا:”فعليا قيل لنا باستحالة تكوين الحزب قبل الذهاب لحزب الاستقلال ثم التواصل مع الدكتور الخطيب، ليسمح لنا بعدها بتأسيس الفروع والنضال في قضايا البوسنة وأفغانستان وفي 96 نظمنا المؤتمر الاستثنائي وفي 97 دخلنا الانتخابات. لقد كنا في موعد مع التاريخ في وقت كان بلدنا مهددا وسقطت فيه دول كليبيا وتونس ومصر واليمن”
وأثنى ابن كيران على دعم نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية لحزبه رغم المحن التي اعترضته، لكن بقي مرفوع الرأس، عكس ادريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي لم يخجل من نفسه ولم يكتف بالغدر بل ظل يراوغ.
وحمل ابن كيران مسؤولية تهميش اللغة العربية في التعليم لصالح الفرنسية للحزب وأمانته العامة، فضلا عن أمور أخرى كالتطبيع وقانون القنب الهندي وغيرها من القضايا التي ساهمت في سقوط هيبة الحزب ونجاح خصومه.
وقال القيادي الحزبي:”علاقتنا بالملك لا ترتبط بالسياسة ومدى حبه لنا من عدمه، نحن تيار أصبحت عنده خصومات في العالم كله وجهات معادية تمنح الأموال بالملايير نكاية بنا، لم أحس بالضرر من النتائج بقدر ما تألمت حينما لم أر أحدا يتأسف لرحيلنا، وكنت قد حذرت الإخوان قبل عامين من السقوط باتجاه الهاوية، وأخبرتهم أن يبلغوا كلامي للأمين العام حينها سعد الدين العثماني وتخييره بين تقديم استقالته أو تنظيم مؤتمر واختيار أمين عام جديد لكنهم لم يقبلوا مني هذا الكلام”.
وأشار ابن كيران إلى أن التعبير عن الاحتجاج حاليا مدعاة للضحك وغير مجد، لأن الاحتجاج يتم في وقته وبطرقه التي ترفض النتائج وتدخل في نزاعات.
وأضاف ابن كيران:” نحن هنأنا رئيس الحكومة الجديد وهو اعتراف ضمني بالهزيمة، لا أريد الدخول في التلاوم العثماني والآخرون إخوان لنا، علينا القبول ببعضنا، الحوار الداخلي فرصة لنصوب السهام لبعضنا ونحن نريد خوض معارك في مصلحة الوطن لأنها ستوحدنا، الكل فهم أن هزيمتنا غير مقبولة، فكيف يمكن للحزب النزول من المرتبة الأولى للثامنة”.
وجدد ابن كيران هجومه على عزيز أخنوش رئيس الحكومة الذي استطاع كسب رهان الانتخابات جراء ثروته وليس كفاءته.
وزاد مبينا:”أخنوش “كيعاود الخرايف” والناس وثقوا فيه، وزعوا النقود لأنهم لم يجدوا شيئا آخر يوزعوه، ماذا لديه مسكين غيرها؟، هو يمنح الأموال وأنتم تصرفون المبادئ والقيم والمرجعية الإسلامية”.
واعتبر ابن كيران أن معظم السياسيين لا يفقهون لأنهم يركزون على الآخرين، في حين أن السياسة التي أتى بها الإسلام تحمل محاسبة الذات وأول ماقام به الرسول هو أن خاطب الناس بخطاب أخرجهم من الظلمات للنور.
وحول الجدل الذي أثاره معاشه الاستثنائي، قال الأمين العام لحزب العدالة والتنمية:”المصالح ضرورية لكن لم أكن أعرف أنني سأحصل على معاش استثنائي، فبعد مغادرتي رئاسة الحكومة، وصرف ما كنت أملكه، قلت لزوجتي ستصبرين معي 3 أشهر إلى أن أجد عملا، لا أدري كيف علم الملك محمد السادس بوضعيتي حينها، جرى التواصل معي على أساس أن أتقدم بطلب وأوقعه، لكن الملك أعفاني من هذا الأمر وقال لي”أنت ماشي ديال الطليب، ودار دكشي الله يجازيه بخير”.
وقال ابن كيران موجها كلامه لأعضاء حزبه:”إذا أردتم المبادئ والقيم عليكم أن تكونوا مستعدين للتضحية، “بقايا العدالة والتنمية “كايجيب الله بيها التيسير” فهناك من حصل على مناصب لاحقا، وهنا يطرح السؤال: لماذا أسسنا هذا الحزب هل لحل مشاكلكم إذا كان الأمر هكذا أتمنى من الله ألا يوفقكم، هو مشروع حياة بالنسبة لنا على شرط اليوم الأول أن ننال رضى الله وإذا كانت هناك استفادة مشروعة قانونا وأخلاقا فلا مشكل في هذا الأمر”.
وسجل ابن كيران أن خصوم حزبه الحقيقيين يريدون إفساد البلاد والأسس التي بنيت عليها، داعيا إلى ضرورة الانتباه أن المغرب ليس وليد اليوم، فحينما حل به المولى ادريس الأول تكونت الإنسية المغربية بمواصفات وجب الدفاع عليها، في سياق المسؤولية الأولى لأمير المؤمنين والعلماء والجميع، والدين الذي يشكل روح الأمة وهو ما يفرض الدفاع عنه والتحلي بالجرأة والشجاعة لطرح الدين بالشكل الذي يليق به، مع إحداث تجديد بعيدا عن الميوعة.
وأوضح ابن كيران أنه قبل أن يبقى رئيس الحكومة من حزبه بعد إعفائه بسبب تخوفه من أن تذهب الرئاسة للأصالة والمعاصرة ويتم الالتقاء بشخص كالعماري أو مخلوق من هذا القبيل، وهو ما جعله يتخوف على البلاد والمواطن العادي وحزب العدالة والتنمية والأحزاب كله وعلى نفسه أيضا.
وزاد مبينا:”لم أنتظر أن يفرض علينا الاتحاد الاشتراكي، صحيح أنني كنت مغفلا وربما لا أزال، ولكن الحمد لله على كل حال، لشكر يعاين حاليا نتيجة ما قام به، رغم أن ذهابي ضربة قاسية للحزب، لكن لا تتعجبوا من الإعلام والأموال هذا هو التاريخ، وسنعمل على إعادة هيكلة الحزب رغم أنها لن تتم بسهولة”.
وسجل القيادي الحزبي بوجود مشاكل بشأن ميزانية الحزب بعد الانتخابات الأخيرة، داعيا أعضاءه ممن لديهم ديون من الحملة الانتخابية إلى الصبر والتغلب على الأمر بمساندة الحزب فضلا عن التحلي بروح التضحية لتجاوز الأزمة الحاصلة، إلى جانب الانضباط والالتزام والمساهمة المالية قدر المستطاع.
وقال ابن كيران:” ما قمنا به لفائدة دولتنا من دون مقابل، بسبب غيرتنا عليها، الدولة لديها منطق، ولا أريد منك الحديث عن الملك مجدد لأنه يحكم في إطار تدافع القوى، إن كنتم تنتظرون أن أربح الانتخابات وآتيكم بالأموال وأدفع سومة الكراء، فهذا أمر غير ممكن، فعليا الحزب سقط ، وهناك احتمالات، إما أن يكون مآله في اتجاه الاتحاد الاشتراكي الذي أحترم مساره وزعماءه أو سينتهي وأظن انه لن ينتهي بأمثالكم”.
واعتبر ابن كيران أن ما يهمه في الوقت الراهن ليس عقد المؤتمر الوطني العادي بل العمل بجدية ومحاولة بعث الروح في الحزب جماعيا ومن تم الانتقال لتنظيم هذا المؤتمر أو الإقرار بعدها بالفشل.
وأضاف ابن كيران:”أن أنشغل مع المؤتمر أمر غير مقبول بالنسبة لي، ما يهمني هو أن يسترجع الحزب حالته النفسية، لأنها هي الأساس، فضلا عن وحدة الصف وتجاوز هذه المرحلة”.