بركة: نحن مدعوون لخلق رجة في السياسات العمومية
قال إن المشاركة في الأغلبية الحكومية محطة ينبغي إنجاحها

قال نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال،إن الحكومة الجديدة مدعوة لخلق رجة في السياسات العمومية لتكون كفيلة بتعزيز الإنصاف وشروط العيش الكريم وتحقيق الكرامة للمواطنين.
وذكر بركة، في كلمة، مساء الثلاثاء، بمناسبة ذكرى تقديم عريضة المطالبة بالاستقلال، أن الحكومة مدعوة لجعل هذه السنة سنة التغيير الحقيقي الذي يحدث وقعه الملموس على المعيش اليومي للمغاربة ويشعرهم بالأمان والثقة ويغذي لديهم الإحساس بالعزة والكرامة واستحضار فلسفة الموقعين على الوثيقة، وذلك بالمزج بين الدفاع عن وحدة البلاد والتفكير الاستشرافي لبناء مغرب في تطور مستمر.
وقال بركة:”في مثل هذا اليوم قام حزبنا بتنسيق مع الملك بتقديم الوثيقة إلى الإقامة العامة لسلطات الاحتلال الفرنسي، فجسدت تعاقدا وثيقا بين العرش والشعب وقوة التحام للوقوف صفا واحدا وراء الحرية والاستقلال ووضع حد للظلم وصيانة الوحدة الترابية وإرساء نظام ديمقراطي في ظل ملكية دستورية وصون المقدسات الدينية والثوابت الضامنة لوحدة الأمة وتماسكها”.
وسجل القيادي الحزبي أن فلسفة هذه الوثيقة ومضامينها التحررية وأبعادها الوطنية تمثل ملحمة للأجيال الجديدة بتملك روح التضحية الذي جسده الرعيل الأول للحركة الوطنية من الموقعين عليها في الكفاح من أجل صون كرامة وعزة الوطن.
وزاد مبينا:”الوثيقة صيغت في لحظة ناضجة لتشكل تحولا نوعيا في طبيعة المطالب المغربية التي انتقلت من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالحرية والاستقلال في ظل دولة عصرية وملكية جامعة موحدة للأمة بكل روافدها، حملت مشروعا ما كان ليرى النور لولا ذلك التلاحم بين الملك والشعب، خاصة أنها طبعت بأبعادها السياسية مسار مغرب ما بعد الاستقلال بدءا بوضع أسس الدولة الحرية والاستقلال ودولة الوحدة بقيادة الملك الراحل محمد الخامس مرورا بعصر التحديث والعصرنة والانفتاح السياسي والديمقراطي الذي أسسه الحسن الثاني وصولا إلى عهد الملكية المواطنة للملك محمد السادس، في سياق مغرب التحولات السياسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية بالنظر لما عرفته البلاد من مصالحات وتعاقدات ونفس إصلاحي عميق”.
وذكر بركة أن وثيقة المطالبة بالاستقلال كانت ملهمة لرواد الحزب وخاصة الزعيم علال الفاسي، بما تضمنته من رؤية إصلاحية تجعل من النهوض بالإنسان هدفا لكل السياسات العمومية وتشجيع المبادرة الحرة وأنسنة اقتصاد السوق وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية.
وأوضح بركة أن العديد من المذكرات التي يقدمها الحزب سواء برسم المراجعات الدستورية أو المؤسساتية التي عرفتها البلاد تشكل مساهمة في تطوير الحقل السياسي وتعزيز الممارسة الديمقراطية وتجويد المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات وبلورة الحلول للخروج الآمن من الجائحة ومساهمته في النموذج التنموي الجديد.
وأضاف بركة:”حزبنا بقي دائما وفيا لمبادئه وثوابته المستلهمة من وثيقة المطالبة بالاستقلال والوثيقة التعادلية الاجتماعية، وقد انعكس ذلك في البرنامج الانتخابي للحزب بما تضمنه من التزامات تترجم المشروع المجتمعي الذي يروم تحقيق مجتمع متضامن من خلال تقوية الطبقة الوسطى تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية وتحقيق الكرامة والعيش اللائق لكل المواطنين في إطار الحرية والعدل والمساواة والتكافل والتضامن وجعل الإنسان هدفا لكل إصلاح”، لافتا إلى أن الانتخابات الأخيرة أكدت ثقة المواطنين في مبادئ الحزب الذي حظي عرضه بتجاوب شرائح واسعة من المواطنين، وهو ما بوأه مكانة متقدمة في صدارة المشهد السياسي مما حسم في انضمامه للبديل السياسي المنتخب لقيادة الحكومة.
وقال الأمين العام لحزب الاستقلال:”حزبنا اليوم يستشعر مسؤوليته ضمن مكونات الحكومة الجديدة بضرورة الوفاء بالتزاماته ليكون في مستوى الثقة التي حظي بها، مشاركتنا في الأغلبية ليس هدفا بل محطة يتعين إنجاحها من خلال تفعيل أوراش الإصلاح التي أطلقها الملك محمد السادس ومواصلة العمل لخدمة المواطنين وتنزيل التزامات الحزب التي تم إدماجها في البرنامج الحكومي والتجاوب مع المطالب الاجتماعية للتخفيف من الجائحة”.
واعتبر بركة أن الرهان الأكبر بالنسبة للمغرب يتمثل في الوحدة الترابية وما يرافقها من مناورات الأعداء والخصوم في ظل المكاسب والانتصارات الدبلوماسية التي حققها بقيادة الملك محمد السادس في سياق تنامي الاقتناع دوليا بمصداقية القضية الوطنية وما رافق ذلك من تأكيد على سقف الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل وحيد لهذا النزاع المفتعل وفتح عدد من القنصليات بالأقاليم الجنوبية، وكلها أمور جسدت تحولا استراتيجيا يتعين تحصينه من خلال المكتسبات الوحدوية في ظل المنعرج الحاسم الذي دخلته القضية بعد الخطاب الملكي لذكرى المسيرة الخضراء والذي أكد على الثوابت المحددة في ظل السيادة الترابية، وهو ما يتطلب وحدة الصف وتعزيز الجبهة الداخلية وإعطاء التحولات الحاصلة زخما أكبر في المستقبل.
ودعا بركة إلى التحلي بكثير من اليقظة والتأهب، خاصة أن البلاد تتطلع لاستقبال المبعوث الشخصي الجديد للأمين العام للأمم المتحدة، استيفان دي ميستورا في جولته الأولى للمنطقة، أملا أن تكون في إطار محطة جديدة لتسوية هذا المسلسل المفتعل وإعادة إطلاق المسار السياسي وفق مرجعيات مجلس الأمن منذ 2007.
وقال بركة:”إذا كان إخوة الجوار والتاريخ والجغرافيا موغلون في معاكسة مصالح بلادنا ويأبون الجنوح للحكمة ويجتهدون في افتعال الأزمات، فإن بلادنا مدعوة لاستثمار علاقاتها الجيدة لإقناعها المنتظم الدولي بطي هذا الملف الذي عمر طويلا وأن تؤسس مسعاها على موقف الدول الخليجية الداعمة للقضية الوطنية وكذا الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء وتعزز علاقاتها بدول الاتحاد الأوروبي في ظل استعادة الدفء الحاصل في العلاقات مع ألمانيا عقب الإشارات الإيجابية التي عبرت عنها هذه الأخيرة. فكل ذلك يشكل فرصة حقيقة لإنهاء التوتر المفتعل وبناء اتحاد مغاربي يشكل طموحا مشروعا للشعوب المغاربية التواقة لتأمين مستقبل واعد للأجيال المستقبلية”.
ودعا بركة أيضا إلى الإسراع بتفعيل الجهوية المتقدمة طبقا للدستور والقانون التنظيمي للجهات، وتمتيعها باختصاصات واسعة في أفق إقرار مخطط الحكم الذاتي في الأمد القريب.
وأضاف بركة:”آن أوان لرفع منسوب التعبئة وتظافر جهود الجميع وكل القوى الحية لتكثيف الدبلوماسية الحزبية والشعبية والتواصل مع الرأي العام الوطني والدولي والتصدي للأطروحات المناوئة ودفع المزيد من الدول للانخراط في النهج الجديد بشأن الصحراء”.
وسجل القيادي الحزبي عزم التحالف الحكومي على اتخاذ التدابير اللازمة للتعافي التدريجي من الجائحة وإبداع الحلول لإرسال إشارات واضحة تتجاوب مع انتظارات المغاربة، من خلال العمل على حل إشكاليات التشغيل وإنقاذ المقاولات من الإفلاس واستفادة المواطنين من التغطية الصحية ودعم الفئات الهشة وتوسيع قاعدة المستفيدين من التقاعد والتقليص من الفوارق المجالية وتكافؤ الفرص بين المواطنين وندرة المياه التي تؤرق البوادي والمدن، مشيرا إلى إحداث التغيير وابتكار الحلول انطلاقا من التغيير في أساليب التدبير وفق مقاربة مندمجة ونهج استباقي في معالجة الأزمات والعمل على وضع مقاربة تشاركية، فضلا عن تطوير المضامين باللغات الرسمية وتقوية اللغة العربية وتنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية التي خصصت لها الحكومة مليار درهم لإدماجها في التعليم ومختلف نواحي الحياة ذات الأولوية.
وذكر بركة أن الحزب لن يدخر أي جهد انطلاقا من مرجعيته التعادلية المتعددة وتجربته التي حقق من خلالها إنجازات في مصلحة المواطنين في إنجاح هذه المحطة الفارقة في تاريخ البلاد وإنضاج الحلول والتصورات لتحقيق التغيير المنشود.
وأضاف بركة:”لابد من رفع منسوب الجرأة السياسية والإنصات للمواطن وتحقيق الأولويات والنجاعة في الابتكار والبحث عن الحلول، وهنا أشير إلى انشغال الحكومة بالتفاعل الفوري مع مطالب المغاربة رغم تحديات الظرفية الاقتصادية والضبابية التي تطبع المدى القصير والمتوسط في ظل تقلبات الوضعية الوبائية، حيث تمت مراجعة خيارات قانون المالية فضلا عن تدابير تعكس الإرادة في الاستجابة لانتظارات المغاربة لمحاربة الفقر ودعم التشغيل، إلى جاني الرفع من ميزانية صندوق المقاصة بتعبئة 16 مليار درهم لدعم المواد الاستهلاكية الأساسية وإلغاء الرسوم الجمركية على القمح مع إعطاء دينامية لعجلة الاستثمار وهو ما توج بعقد أربع اجتماعات في حيز زمني قياسي، صادقت خلالها لجنة الاستثمار على 28 مشروعا بأكثر من 15 مليار درهم، إضافة إلى إحداث 17 ألف منصب شغل في القطاع الصناعي و132 ألف منصب شغل، وكذا إعادة إقرار الضريبة التضامنية وتقديم الدعم للأسر المتكلفة بالأطفال في وضعية إعاقة، والتغطية الصحية ل8 مليون مواطن في الأشهر الأولى من السنة الحالية”.