أخنوش: الثقافة المغربية قادرة على التأثير في العالم أكثر من أي وقت مضى

سجل اختلالات القطاع والإجراءات الحكومية للإصلاح

قال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، إن الثقافة المغربية قادرة بثرائها المعرفي على التأثير في العالم أكثر من أي وقت مضى والدخول في قائمة الدول الكبار القادرة على بصم الثقافة العالمية.

وأفاد أخنوش، اليوم الاثنين، في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، بحرص الحكومة على إعطاء الثقافة ما تستحقه من اهتمام، علما أن المغرب غني بهويته المتعددة الروافد اللغوية والإثنية ويمتلك رصيدا ثقافيا، يتعين توظيفه لتجسيد التنوع.

وأضاف أخنوش:”الدستور شدد على أهمية البعد والتنوع الثقافي كنتاج تطور تاريخي للدولة المغربية، كما حث السلطات العمومية على توفير الظروف المثلى للتمكين من تفعيل الطابع الفعلي للثقافة ومشاركة المواطنين في الحياة الثقافية وضمان حرية الإبداع في الفصل 26 مع الحرص على تقديم الدعم من قبل السلطات العمومية لتنمية الإبداع الثقافي على أسس مهنية مضبوطة”.

واعتبر رئيس الحكومة أن تخصيص جلسة بمجلس النواب للحديث عن السياسة الثقافية ليس ترفا فكريا ولا هوامش زائدة لتأثيث أنشطة الحكومة بل لأهمية الثقافي في إنجاح شروط التنمية، لما لها من عائدات اقتصادية وتنموية بالاستثمار في الرأسمال المادي سواء في السياحة واستقطاب الاستثمارات الخارجية بما ينعكس على عائدات العملة الصعبة وتمويل خزينة الدولة بموارد مالية إضافية.

ودعا أخنوش إلى النهوض بالمجال الثقافي باعتباره رافعة للانفتاح والحوار والتماسك لتصبح الثقافة المغربية رافعة للرخاء الاقتصادي والقوة الناعمة في المجال الجيو سياسي.

وأوضح أخنوش أن تطور القطاع خلال العقدين الأخيرين يقابله استمرار مواطن قصور تتطلب من الحكومة إصلاحها على المستوى المؤسساتي والتنظيمي، لتصب في سياسات عمومية تتسم بالنجاعة والتكامل، مشيرا إلى أن لجنة النموذج التنموي سبق أن وقفت على اختلالات عديدة، منها تسجيل ضعف ثقافة الحوار وندرة فضاءات الإبداع وتبخيس صورة المبدعين، ونقص إمكانيات التكوين والمعاهد وعدم انتظام البرمجة الثقافية، والتداخل بين الثقافة وقطاعات أخرى كالاتصال والشباب مما ساهم في محدودية الإشعاع الدولي.

وأفاد أخنوش أن البرنامج الحكومي يسعى لوضع لبنات سياسة ثقافية مندمجة كمنصة لخلق فرص الشغل وإعادة الاعتبار للتعابير الثقافية هدفها التشبث بالقيم الوطنية وضمان قربها من المواطنين وتشجيع الإنتاجات الثقافية الوطنية، خاصة أن المغرب عرف بفضل رؤية الملك محمد السادس مبادرات رائدة في المجال الثقافي منها المؤسسة الوطنية للمتاحف التي تهدف لوضع سياسة تدبير عصري ومندمج تجعل من المتاحف فضاءات للتعريف بالثقافة.

وقال المسؤول الحكومي:”العروض التي تحتضنها متاحف المؤسسات هي صورة لمغرب التسامح والاستقرار نظرا لعدم التمكن في تنظيمها في دول تفتقد للسلم والاستقرار”.

وحول التدابير الحكومية للنهوض بالمنظومة، أشار أخنوش إلى العمل على دمقرطة الثقافة وتعزيز المشروع الثقافي الوطني داخل المنظومة التعليمية مع إبراز الميولات لدى المتعلمين وتحسين طرق استعمالهم للمنتوجات الثقافية وتعبئة المؤسسات المعنية ترابيا بالنظر لقدرتها على تنفيذ أهداف السياسات الحكومية في المجال، بالإضافة إلى تحصين المكتسبات الثقافية الفنية وإحداث أنشطة حرفية وإدماج الشباب ثقافيا وخلق فرص الشغل وإنعاش المهن المرتبطة بالتعبيرات الثقافية كتحد حضاري وسياسي غير مسبوق، حيث أصبح من اللازم تكييف المشروع الثقافي الوطني وتحسين المبادئ المؤسسة للعيش المشترك والرابط الاجتماعي.

ودعا أخنوش إلى تنمية الرأسمال البشري والتشجيع على الإبداع، وهو ما تعمل الحكومة على تنفيذه في إطار التوجيهات الملكية لجعل الثقافة رافعة أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال إجراءات واقعية لضمان الحقوق الثقافية للمواطنين، والاستفادة من إعانات مالية تمنحها الدولة، والدعم التقني للمؤسسة الوطنية للمتاحف إلى جانب تعزيز البنية الثقافية وتقليص الفوارق المجالية واستكمال المشاريع والبنيات الثقافية وتنفيذ الأوراش الجارية وتجهيز مؤسسات ثقافية تلبية لحاجيات المواطنين في الولوج للثقافة.

ولفت أخنوش إلى العمل على دعم الصناعة الثقافية في مجالات النشر مع إطلاق مبادرات لخلق مناصب شغل للشباب بشراكة بين المراكز الثقافية ودور الشباب عبر برنامجي “أوراش” و”فرصة”، وتنظيم تظاهرات مسرحية سنوية بشعار “المسرح يتحرك” ب60 عملا مسرحيا.

وبشأن تعميم الحماية الاجتماعية، قال أخنوش:”نعمل على استكمال الإجراءات الخاصة بها بالنسبة للفنانين، حيث يجري إعداد مرسوم متعلق بتمكين المهنيين وغير الأجراء ممن يمارسون نشاطا لمهن فنية، ويتم أيضا إعداد مشروع قانون لإحداث مؤسسة للمبدعين المغاربة تتمتع بالشخصية المعنوية والاحتفاء بهم وتقديم خدمات اجتماعية لفائدة ذوي الحقوق مع المساعدة على خلق التوازن بين الوضع الاعتباري والاجتماعي للمبدع والمثقف”.

وسجل رئيس الحكومة دور الثقافة الحيوي في تسويق صورة المغرب كبلد متسامح متعدد الروافد، علما أن الدبلوماسية الثقافية للدول تقاس بمدى قدرتها الثقافية على إرساء العلاقات بالدول الأخرى ومد جسور التعاون معها وترويج الفنون وغيرها.

وأوضح أخنوش أن تعزيز الثقافة تجد سندها في رؤية الملك محمد السادس، وما لها من روافد متعددة متوسطية وإفريقية وعربية وأمازيغية وحسانية ويهودية كحصن منيعا يمكن المغرب من مواجهة تحدياته بصمود، وهو ما تسعى الحكومة لتوطيده، عن طريق تقوية العمل الرامي للترويج للنموذج المغربي الذي يستمد قوته من الإصلاحات الديمقراطية العميقة والتعريف بالأوراش التنموية الكبرى التي تشهدها البلاد.

وذكر المسؤول الحكومي أن المغرب عمل على دعم الدبلوماسية الثقافية من خلال مبادرات مكنت من مد الجسور بين الثقافات والجنسيات عبر دول العالم وترسيخ التقارب بين أبناء شتى الثقافات.

ودعا أخنوش إلى تقوية دور الجالية المغربية المقيمة بالخارج التي تحتاج لتزويدها بالآليات الضرورية لدعم بلدها مع ضرورة تأطيرها ثقافيا لخوض الرهان لإنتاج سياسة واضحة والعمل على دعم المبادرات لتقديم التعدد الوطني والنموذج الديني المغربي الذي أضحى مرجعا لعدد من الدول الإفريقية والأوروبية.

وقال أخنوش إن المغرب كان له دور بارز في نشر التعاليم الإسلامية السمحة وتكوين أئمة العالم بالداخل، الشيء الذي أثر في حياة ملايين المسلمين وقدم صورة وسطية للقيم الدينية، بنموذج يقتدى به في نشر الاعتدال والتسامح بين الأديان، كما أن المغرب شهد إرساء استراتيجية دينامية متكاملة على المستويين الكمي والنوعي، وهو ما ستواصل الحكومة العمل عليه لضمان استمرارية إسهام البلاد في الأمن الروحي وإبراز تجربتها في الشأن الديني.

ولفت أخنوش إلى أن تثمين الرأسمال الثقافي رهن بتطوير الكتاب المغربي باعتباره ركيزة للإشعاع الثقافي، فلا يمكن الحديث عن سياسة ثقافية دون الحديث عن السينما وثراء الثقافة المغربية.

وزاد مبينا:” ومن هذا المنطلق حرصت البلاد على إيلاء أهمية للسينما التي حققت طفرة في السنوات الأخيرة، وسنعمل على مواصلة الدعم للإنتاجات السينمائية الجديدة والمساهمة في إشعاع السينما خارج الوطن لتصبح نموذجا رائدا على الصعيدين الإفريقي والعربي”.

واعتبر أخنوش أن المنظور الحكومي الجديد للسياسة الثقافية يقوم على تشجيع الابتكار والإنتاج ودمج الثقافة في المناهج التعليمية والانكباب على خلق فرص العمل، مسجلا عزمها على إعطاء نفس جديد للقطاع الثقافي وإحياء مقومات الإبداع الفني بفعل غياب سياسة إرادية للنهوض بها فضلا عن تأثيرات كوفيد19.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى