المغرب يدعو لاعتماد مقاربة جديدة لقضايا الهجرة

ندد بتجنيد الأطفال في مخيمات تندوف


جددت المملكة المغربية دعوتها إلى اعتماد مقاربة جديدة لقضايا الهجرة، باعتبارها ليس تحديا فحسب، بل كذلك مصدرا هائلا للفرص.

وسجل عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، في الدورة العادية ال49 لمجلس حقوق الإنسان، اليوم الاثنين، في جنيف، تعهد المملكة بمواصلة تعاونها مع الدول الصديقة في مجال تأهيل الحقل الديني وإذكاء قيم الإخاء والاعتدال والتسامح. وانطلاقا من انتمائها المتجذر لإفريقيا، فإن المملكة لن تدخر جهدا في الدفاع عن القضايا الإفريقية، خاصة تلك المتعلقة بالتنمية، ومكافحة الفقر، وإشكالات الهجرة.

وأشار وهبي إلى التزام بلاده بمواصلة جهودها الرامية إلى تحقيق السلم والأمن الدوليين ومكافحة التهديدات الجديدة، وعلى رأسها الإرهاب والتطرف العنيف والتحريض على الكراهية ومعاداة الأجانب، باعتبارها أكبر المخاطر المهددة لحقوق الإنسان، لافتا إلى أن المغرب سيواصل بكل حزم ومسؤولية التعاون البناء والمستمر مع مجلسكم الموقر وباقي آليات الأمم المتحدة وكافة الأطراف الدولية والإقليمية المعنية باحترام حقوق الإنسان وتعزيزها تحقيقا للكرامة الإنسانية وخدمة للسلم والأمن والتعايش والتضامن الدولي.

وقال وهبي إن جائحة كوفيد 19، أعادت للنقاش قضايا حقوقية كبيرة، تهم أولا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي ظلت شعاراً يتعين التعامل معه في ظل ظروف الوباء بكثير من الجدية والمصداقية.

وزاد مبينا:”شعوب دول الجنوب عانت كثيرا، ليس فقط من الوباء، ولكن من عدم القدرة على مواجهته، فأصبحت أمام انتهاك صريح وصارخ لمبدأ الحق في الصحة. وهذا ما أكد أن مبدأ التضامن الذي كان إحدى الأسس الجوهرية لثقافة حقوق الإنسان، أصبح يفرض نفسه من جديد كمبدأ أساسي لمواجهة هذه الإخفاقات، وتهديد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أمام تنامي هيمنة ثقافة السوق والمصالح؛ لذلك ندعو إلى المزيد من تكاثف الجهود وتنمية التعاون والتضامن الدولي، لا سيما من خلال تعميم اللقاحات وضمان الولوج إليها بشكل عادل ومنصف خاصة لدول الجنوب”.

وأوضح وزير العدل أن المغرب تبنى مقاربة شمولية لمواجهة تبعات هذا الوباء على جميع الأصعدة، خاصة الاقتصادية والاجتماعية، ترتكز على صيانة الحقوق وحفظها وتكثيف الجهود من أجل حماية الحق في الحياة والصحة، باعتبار موقعهما في هرم الحقوق. حيث عملت على تأمين التلقيح ضد الفيروس بشكل مجاني لفائدة جميع المغاربة والأجانب المقيمين بالمغرب، علاوة على إطلاق مشروع وطني طموح لتصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لكوفيد-19 ولقاحات أخرى، بما يمكن من تأمين السيادة اللقاحية للمملكة ولمجموع القارة الإفريقية، وتمكين بعض شعوب دول القارة الإفريقية بجرعات من التلقيح ضد الوباء وبالمجان.

وفي المجال الحقوقي، سجل المسؤول الحكومي التزام المغرب بحق الاختيار السياسي وضمان دورية الانتخابات، مشيرا إلى تنظيم الانتخابات في وقتها ورغم الظروف الوبائية.

وأشاد وهبي بدور المرأة المغربية من خلال مشاركتها في الانتخابات أو من خلال نتائجها، والتي أفرزت تشكيلة حكومية جديدة، في ظل دستور متوافق عليه، وديموقراطية منفتحة على جميع الأحزاب السياسية تحت مراقبة القوى المدنية والحقوقية الوطنية والدولية، شكلت مجالاً لترسيخ الكثير من الإصلاحات والحقوق.

وأضاف وهبي:”في نفس الإطار توجهت المملكة المغربية بشكل جماعي لخلق تصور تنموي جديد، كرافد من روافد صون الحريات وضمان الحقوق، سواء المدنية والسياسية، أو الاقتصادية والاجتماعية؛ فضلا عن تعميم الحماية الاجتماعية لتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، وصون الحقوق الاجتماعية للمواطنين، خاصة المتقاعدين والفئات الهشة المحتاجة للكثير من الخدمات الاجتماعية”.

واعتبر وهبي أن قضية المرأة أصبحت التحدي الأكبر للمجتمع المدني والدولة على حد سواء، وهو ما جعل الحكومة تتعامل معها بكثير من الجدية والجرأة والمصداقية.

وقال وهبي إن المملكة المغربية ظلت منفتحة على الحوار البناء مع كافة الآليات الأممية المعنية بحقوق الانسان، انسجاما مع التزاماتها الدولية ذات الصلة، من خلال الاستعداد لتقديم ومناقشة التقرير الوطني برسم الجولة الرابعة من آلية الاستعراض الدوري الشامل خلال السنة الجارية، وأيضا مناقشة التقارير الدورية المقدمة خلال السنتين الأخيرتين، إلى هيئات المعاهدات المعنية، ويتعلق الأمر بالتقرير الوطني الجامع للتقارير 19 و20 و21 المتعلق بإعمال اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والتقرير الجامع للتقريرين 5 و6 بشأن إعمال اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وكذا التقرير الأولي بشأن الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. إضافة إلى الانخراط في مسارات إعداد تقارير أخرى حل أجلها.

وأفاد وهبي بمواصلة التعاون على الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، بتوجيه دعوة رسمية للمقرر الخاص المعني بالحق في الحصول على مياه الشرب، والمقررة الخاصة المعنية بالجذام، والمقرر الخاص المعني ببيئة سليمة، وآلية الخبراء بشأن الحق في التنمية، للقيام بزيارة رسمية إلى المغرب خلال السنة الجارية للوقوف على الجهود والتحديات في المجالات المرتبطة بولايتهم.

وأضاف المسؤول الحكومي:”تعزيزا للدينامية التي تعيشها المملكة المغربية، وبغية الإسهام في تعزيز الأدوار الطلائعية لمجلس حقوق الإنسان، قدمت المملكة المغربية ترشيحها لعضويته للفترة ما بين 2023 2025-، وهي إشارة واضحة على رغبتها الأكيدة والتزامها الراسخ بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، ودعمها للمجلس وآلياته، وكذلك استعدادها للمساهمة في الجهود الجماعية لتعزيز عمل وفعالية هذه المؤسسة. حيث يحظى هذا الترشيح بدعم الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية وعدد من التجمعات الجهوية الأخرى والدول الصديقة”.

وعلاقة بالنزاع المفتعل حول مغربية الصحراء، أكد وزير العدل تشبث بلاده بالمسلسل السياسي تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة، بغية التوصل إلى الحل السياسي الواقعي، البراغماتي، المستدام، والمبني على التوافق، وفقا لقرارات مجلس الأمن وخصوصا القرار 2602 المعتمد بتاريخ 29 أكتوبر 2021، مسجلا استمرارها في دعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي، الهادفة إلى إعادة إطلاق مسلسل الموائد المستديرة التي عقدت في دجنبر 2018 ومارس 2019 بمشاركة كل الأطراف، بما في ذلك الطرف المسؤول عن إفتعال هذا النزاع الإقليمي واستمراره، علما أن هذا الحل السياسي لا يكمن إلا في إطار الوحدة الترابية والسيادة الوطنية للمملكة.

وقال وهبي:طلذلك قدمت المملكة المغربية مقترح الحكم الذاتي الذي ثمنه الكثير من الأصدقاء والملاحظين، بل اعتبره مجلس الأمن مبادرة جادة وذات مصداقية في قراراته ال 18 الأخيرة، والأفق الوحيد للمسلسل السياسي الأممي”.

واعتبر وهبي أن ما يعزز صدقية مقترح المملكة المغربية هو أن سكان الصحراء شاركوا بشكل كبير وموسع في الاستحقاقات الأخيرة، حيث تصدرت أقاليم الصحراء المغربية نسبة المشاركة المسجلة في هذه الاستحقاقات، فاقت بكثير المعدل الوطني المسجل في 50.35  بالمائة، حيث بلغت نسبة المشاركة 66,94 بالمائة في جهة العيون – الساقية الحمراء، و58,30 بالمائة في جهة الداخلة – وادي الذهب، في استحقاقات انتخابية شفافة ونزيهة، مكنت سكان الأقاليم الجنوبية للمملكة من تدبير شؤون جماعاتهم الترابية ومؤسساتهم المنتخبة محليا، وتمثيلهم في المؤسسات الدستورية الوطنية.

وندد وهبي باستمرار معاناة المحتجزين في مخيمات تندوف بالجزائر من الانتهاكات والحرمان من الحقوق الأساسية، لافتا إلى رفض النظام الجزائري إجراء إحصاء لسكان المخيمات منذ سنة 2011، حين صدور قرار مجلس الأمن والذي قضى بالفصل بين البعد الإنساني والبعد السياسي في التعاطي مع أوضاعهم الإنسانية، مما يظهر بجلاء مسؤولية هذا البلد عن الأوضاع اللاإنسانية التي تعاني منها سكان المخيمات، ولاسيما في ظل الفساد والتلاعب والتحويل الممنهج للمساعدات الإنسانية المخصصة للمحتجزين بهذه المخيمات، واستمرار المتاجرة فيها.

وفي هذا الصدد، شجب وهبي عملية تجنيد الأطفال بالمخيمات، في انتهاك صارخ للمعايير الدولية ذات الصلة، التي تصنف تجنيد الأطفال في القوات المقاتلة جريمة دولية يعاقب عليها القانون الدولي، ومن جرائم الحرب التي تُرتكب ضد الإنسانية، ويصنف في خانة أسوأ أشكال عمل الأطفال.

وأوضح الوزير أن حضور المغرب الدائم داخل مؤسسات حقوق الإنسان الدولية، وخطواته الجادة والمسؤولة، مناسبة لتجديد دعوته المجتمع الدولي إلى التدخل لحماية الأطفال وجميع المواطنين المحتجزين بمنطقة تندوف، كما انه يحمل الطرف الآخر المسؤولية الكاملة على انتهاكات حقوق الإنسان والمساس بالحريات الأساسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية لهؤلاء.

من جهة أخرى، قال وهبي إن المملكة المغربية تتابع بقلق تطورات الوضع بين فيدرالية روسيا وأوكرانيا، وتجدد دعمها للوحدة الترابية والوطنية لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، مسجلا تشبثها بمبدأ عدم اللجوء إلى القوة لتسوية النزاعات بين الدول، باعتبارها احدى أسس الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، إلى جانب تشجيع جميع المبادرات والإجراءات التي تسهم في تعزيز التسوية السلمية للنزاعات.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى