حقوقيون وأكاديميون يقاربون دور النخب السياسية في صياغة الديمقراطية

العسولي: القانون يعاني من"الازدواجية" رغم وضوح دستور 2011

أجمع حقوقيون وأكاديميون على أهمية دور الفاعل السياسي في استكمال مسار التنمية والديمقراطية في البلاد، مع استحضار المعطى الثقافي لبناء دينامية بين المواطن والمجتمع بشكل عام.

وقال محمد الطوزي، أستاذ التعليم العالي وباحث في علم الاجتماع، في لقاء نظمته مؤسسة الفقيه التطواني، يحمل شعار”أحبك يا وطني”، في موضوع”السياسة بصيغة أخرى”، مساء الأربعاء بمدينة سلا، إن كورونا سرعت ووضحت ككل الأزمات عدة أمور، كما أنها أفرزت انعكاسات على مستوى المغرب منها تحولات كبرى في علاقة المجتمع بالدولة الحاضنة أو الحامية للمجتمع.

وسجل الطوزي طغيان التدبير بالأحاسيس مما خلف ضغطا لدى الرأي العام الذي أضحى مشتتا، بظهور مؤثرين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وتصادم الشرعيات الانتخابية والخبرة والتمثيلية، وكلها تدفع باتجاه التساؤل التالي: هل الآليات المتاحة لدينا حاليا تواكب العصر ولحظة الأزمة؟”.

وقال الطوزي:”هناك أزمة عالمية على مستوى الديمقراطية التمثيلية والنخب السياسية وتغيير التقنية على مستوى المتابعة والتواصل، وكلها أمور وجب أخذها بعين الاعتبار وجعل الإطار الدستوري مواكبا لها مع إعطاء مجال أكبر للمعارضة وقراءة جديدة للثوابت”.

من جهتها، أفادت فوزية العسولي، ناشطة حقوقية وخبيرة في النوع الاجتماعي، مؤسسة ورئيسة شرفية لفدرالية رابطة حقوق النساء، أن الأفراد يعيشون في الوقت الراهن تحولات سواء على مستوى المغرب أو النظام الدولي.

وأضافت العسولي:” لدينا آليات وتشريع المؤسسات يذهبان باتجاه المجتمع القديم مع بعض الرتوشات، في حين أن البنيات السوسيو اجتماعية تغيرت، وحتى مسألة التضامن تغيرت، حيث أصبح من مسؤولية الدولة بعدما كان عائليا”.

وانتقدت العسولي إهمال المسألة الثقافية في حين أعطيت أهمية للعامل السياسي والاقتصادي، مما يفرض تدبير التحولات بشكل توافقات سياسية في غياب طفرة نوعية يمكنها تحرير الطاقات من ضمنها النساء اللواتي يمثلن 50 في المائة داخل المجتمع.

وزادت مبينة:”تغيير العقليات بالتحسيس والثقافة وغيرها آليات يمكنها تسريع التحول الثقافي لكنه غير كاف، القانون في معاييره لا زال يعاني من الازدواجية رغم أن دستور 2011 كان واضحا في تبني الحقوق الإنسانية في شموليتها، علما أنها غير قابلة للتجزيء فضلا عن حظر التمييز والمساواة في الحقوق وتخصيص آلية المناصفة التي لم تر النور لحدود الساعة، بوجود مجموعة أوراش مهمة فتحت تفاعل الدولة، منها على سبيل المثال تدبير مسألة كورونا رغم الإمكانات المحدودة، لكن في المقابل غاب النقاش العمومي في محطات أساسية”.

وأشارت العسولي إلى أن مدونة الأسرة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار التحولات الحاصلة وتخرج من ازدواجية المعايير وتحترم الحقوق الفردية.

ودعت العسولي الدولة إلى أن تكون واضحة بالنسبة للمساواة بين الجنسين وليس الفعل الكابح في سياق الشيزوفرينيا.

وقالت العسولي:”الحركة النسائية كانت رافعة للتغيير في البداية ودفعة للحركية الديمقراطية بتغيير بنيات ثابتة، وبعد الدستور وصعود تيار محافظ، سجلنا فتورا وتراجعا فضلا عن تحديات خارجية منها ظهور الفردانية والمؤثرين”.

من جانبه، أبرز أحمد عصيد، فاعل حقوقي وناشط أمازيغي، أن مفهوم الوطن أصبح فيه التباس وحب الوطن أصبح مثيرا للسخرية لدى الشباب لكونهم يعتبرون أنه لم يعطيهم شيئا، لافتا إلى أن الوطنية تطرح مفهوم الشعور بالانتماء للجغرافيا وما عليه من ممتلكات رمزية وهو أمر بحاجة لتنظيم وتأطير وهنا يحضر تقصير البلاد، فضلا عن صراع حول القيم والسلطة والثروة.

وأفاد عصيد أن السياسة في البلاد عبارة عن تقنيات وحسابات أرقام وخطابا دون محتوى، مسجلا لجوء أحزاب سياسية لجهات معينة لتحضير برنامج انتخابي، في غياب إديولوجيا وأفكار منتجة في الحزب وهو أمر خطير.

وذكر عصيد أن ما جاء في تقرير النموذج التنموي في الجانب الثقافي مهم جدا لأنه يغير الذهنيات ويبني وعيا جديدا، خاصة أنه بدون مجتمع مؤهل للتغير لا يمكن للفاعل السياسي أن يرسخ أثره.

واعتبر الفاعل الحقوقي أن تدبير الثقافة كقطاع واعتبارها مهمة لبناء المجتمع هو الطريق الصحيح لإعطاء فعل سياسي ناضج، بوجود محبطات في البلاد تجعل الفعل السياسي غير مرض.

وقال عصيد:”حينما يكون هناك فاعلون سياسيون غير مبادرين، لا يمكن تغيير رؤيتنا للسياسة، وبالتالي من الضروري وجود مبدأ دستوري تقرر في 2011 وهو ربط المسؤولية بالمحاسبة، و هو الذي يمكن أن يخلق لنا فعلا سياسيا مسؤولا بالصياغة التي نريدها لتحقيق الديمقراطية”.

وندد عصيد باستقالة النخب الثقافية في الحزب لكونها تشعر بالضيق من تبعيتها للقيادة السياسية في حين أنه عليها الاستماع لهذه النخب لأنها تستشرف المستقبل.

وأضاف عصيد:”لدينا نخبة سياسية لا تكترث للتحولات، وعلينا تغيير العلاقة بين الدولة والمجتمع والسلطة والأفراد، فإذا لم يعترف المجتمع بالفرد كدينامية وقرار شخصي لا يمكن بناء المواطن وخلق سياسة بشكل مغاير، كما أنه من من الضروري وجود ثورة ثقافية في البلاد لأنها تغير العقليات وتجعل المواطن ينخرط بتشاركية في الدولة”.

وسجل عصيد ضرورة مناقشة موضوع الدين لأنه يستعمل لفرملة التغيير في عدد من القطاعات منها التعليم، مبرزا أن المادة الدينية تهدم كل المواضيع الأخرى، بوجود صراع بالنظام التربوي الذي لا يمكنه الإنتاج وبالتالي عدم إخراج مواطن منسجم لديه وعي نقدي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى