وهبي: الأحكام قصيرة الأمد عقبة حقيقية أمام بلورة برامج لإدماج السجناء

قال إن المغرب قطع أشواطا كبيرة بفضل المقاربة الشمولية لقضايا السجون

قال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، إن الأحكام قصيرة الأمد تعتبر عقبة حقيقية أمام بلورة برامج لإعادة إدماج السجناء تستجيب لانتظاراتهم وتحثهم على الانخراط في المجتمع بعد تنفيذ عقوبتهم.

وأوضح وهبي، اليوم الأربعاء، في الدورة العاشرة لبرنامج الجامعة في السجون حول موضوع “المخططات الاستراتيجية للتنمية: أي موقع للمؤسسة السجنية، بالسجن المحلي سلا 2، أن هذا الأمر يفسر عزوفهم عن المشاركة في برامج إعادة الإدماج خاصة ما يرتبط بالتمدرس والتكوين الحرفي والمهني، كما يبقى انخراطهم في هذه البرامج رهنا بتوفر الإرادة لديهم لفعل ذلك.

وأشار وهبي إلى ضرورة التنصيص على عقوبات بديلة، كالعمل من أجل المنفعة العامة والمراقبة الالكترونية وغيرها، ذلك أن كثرة الأحكام بالمدد القصيرة، ينعكس سلبا على عملية إعادة تأهيل السجناء لإعادة إدماجهم الاجتماعي، إذ غالبا ما تكون فئة المحكومين بهذه المدد من ذوي السوابق والمتابعين من أجل جرائم صغرى وهي فئة لا يكون للسجن أي تأثير ردعي عليها، وبالتالي يبقى من الصعب إعداد برنامج تأهيلي أو إصلاحي خاص بها.

وسجل وزير العدل أن ضمان  الأثر الإصلاحي للعقوبات يتطلب التعامل مع السجناء وفق مبدأ التفريد، إذ لا يقتصر الأمر فقط على أنسنة ظروف الإيواء وإنما يتوجب التركيز أيضا على الجوانب النفسية والعقلية للسجين وتعزيز رغبته في الاندماج في المجتمع بعد الإفراج عنه، وبالتالي مساهمته في السياسة التنموية التي تنهجها المملكة المغربية.

وقال وهبي إن المغرب قطع الكثير من الأشواط بفضل المقاربة الشمولية لقضايا السجون والسجناء، حيث حقق خلالها العديد من المكاسب والتراكمات، بفضل إسهام الجميع (قطاعات حكومية، فاعلون اقتصاديون واجتماعيون، مجتمع مدني، إعلام وقوى حية)، في انسجام تام مع توجيهات الملك محمد السادس، الذي ما فتئ ينادي باستراتيجية عميقة وشمولية للقطاع،  ولاسيما ما تضمنه خطاب جلالته بمناسبة افتتاح السنة القضائية سنة 2003 ، والذي  شدد على توفير الكرامة الإنسانية للمواطنين السجناء التي لا تجردهم منها الأحكام القضائية السالبة للحرية، فضلا عن بناء مركبات سجنية عصرية مدنية وفلاحية والاعتناء بالظروف المادية والمعنوية للسجناء.

وذكر وهبي أن ما تحقق على درب تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للسجناء، وأنسنة ظروف الاعتقال، وتهيئ الشروط المواتية لإعادة الإدماج، والرفع من نسب التكوين والتأهيل وتنويعها، وكذلك تحديث الإدارة السجنية وتأهيل وتكوين الموارد البشرية وغيرها يعد كثيرا ومشرفا؛ بوجود حاجيات كبرى، خاصة مع الارتفاع المسجل في عدد السجناء خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي يتطلب من جميع المعنيين ضرورة تظافر الجهود وتعزيز الطاقات، كل من زاوية اختصاصاته ومهامه، للدفع بالأوراش المفتوحة داخل السجون نحو التنزيل الأسلم والناجع، لاسيما ورش الأنسنة، وورش تحسين البنية التحتية وتأهيل المعتقلين وإعادة الإدماج، وورش تحديث الإدارة وعصرنة الموارد البشرية.

وسجل المسؤول الحكومي أن وثيقة السجل العدلي في مجال إعادة إدماج السجناء تعد من أبرز العوائق أمام إعادة الإدماج الاجتماعي بما أنه يعد حاجزا أمام الولوج إلى سوق الشغل، ويساهم في التقليص من فرص تشغيل السجناء المفرج عنهم.

وزاد مبينا:” وعلى الرغم مما تكتسيه هذه الوثيقة من أهمية بالغة في سير نظام العدالة الجنائية، إلا أنها في صيغتها واستخداماتها الحالية تعتبر عقبة حقيقية أمام جميع أنظمة العقوبات عبر العالم، كما تعكس قطيعة بين خطاب إعادة الإدماج والواقع القانوني، وهي الإكراهات التي حاولت الأنظمة المقارنة إيجاد حلول لها: إما من خلال التنصيص صراحة ضمن تشريعات الشغل على منع طلب وثيقة السجل العدلي أثناء الولوج للمهن، أو من خلال مراجعة منظومتها الجنائية الإجرائية وإدراج بعض الاستثناءات بما يسمح بإعادة إدماج السجناء في الوسط الاقتصادي والاجتماعي”.

واعتبر وهبي أن معالجة هذه الإشكاليات تطلب من وزارة العدل إدراج تعديلات في مشروع قانون المسطرة الجنائية، تروم تحقيق عملية إعادة الإدماج بالنسبة للسجناء المفرج عنهم، من قبيل منح النزلاء الذين تلقوا تكوينا مهنيا أو حازوا على شهادات علمية داخل أسوار السجن سجلات عدلية فارغة من السوابق لتشجيعهم على الاندماج بشكل جيد داخل المجتمع بعد الإفراج عنهم، بالإضافة إلى إعادة النظر في مسطرة رد الاعتبار، حيث سيتم تحفيز المحكوم عليهم على الانخراط في برامج الإصلاح والإدماج، عن طريق  تقليص آجال رد الاعتبار القانوني والقضائي؛ أو الإعفاء  من الأجل بالنسبة للسجناء الذين ساهموا بجدية في برامج التأهيل والإدماج؛ وإسناد مهمة رد الاعتبار القانوني بكيفية تلقائية إلى كتابة الضبط تحت مراقبة النيابة العامة.

وأوضح وهبي أن التدابير القانونية التحفيزية مثل العفو والإفراج المقيد بشروط تعتبر من الوسائل المهمة في تعزيز عملية إدماج السجناء، حيث يمكن الاعتماد على معياري التمدرس والتكوين المهني والحرفي كمحفزات للاستفادة من الآليتين المذكورتين تشجيعا للنزلاء على الانخراط التام في عجلة التنمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى