تكريم الأديبة خناثة بنونة بدرع بيت مال القدس
جرى تسليم أرشيفها للمكتبة الوطنية

جرى مساء الأربعاء، بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط، تكريم الأديبة المغربية خناثة بنونة، بحضور شخصيات سياسية وإعلامية وأدبية بارزة، من ضمنهم رئيسا الحكومة الأسبقين عبد الإله ابن كيران وسعد الدين العثماني.
خدمة القضية الفلسطينية
ومنح محمد سالم الشرقاوي، رئيس وكالة بيت مال القدس، التي يرأسها الملك محمد السادس، الدرع التكريمي لبنونة، عرفانا بما أسدته للقضية الفلسطينية، خلال مسارها الفكري.
وقال الشرقاوي، إن أعمال بنونة تخلد لذكرها وتجعلها في مكانة الأولياء الذين يملؤون البلاد بالبركات.
وسجل الشرقاوي أن تكريم بنونة بدرع الوكالة هو بمثابة اعتراف وتقدير لدعمها الموصول لها خدمة للقدس والقضية الفلسطينية.
أيقونة الأدب المغربي
واعتبر محمد الفران، مدير المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، أن بنونة تمثل أيقونة للأدب المغربي النسائي، تستظل بظل الفكر والإبداع الإنساني، مسجلا أن الأرشيف الذي قدمته الأديبة للمكتبة يعد إضافة نوعية لمختلف الأرشيفات التي ازدانت بها المكتبة.
ونوه الفران بالتضحيات التي قدمتها بنونة لبلادها والتي بصمت تاريخ الثقافة المغربية في العصر الحديث، معربا عن امتنانه لكل من ساهم في بلورة المبادرات الفكرية والأدبية التي يجري الإعلان عنها في الملتقيات والندوات، كأساس لبناء مغرب جديد مستشرف للمستقبل في فضاء عالمي.
وقال الفران إن الرهان من أجل القضية الثقافية يتمثل في ترسيخ الوعي الجماعي للذاكرة الثقافية للأمة حتى لا ينسى المواطن تضحيات من قاموا ببناء تاريخ المغرب، كسبيل لحماية الأجيال من التطرف وتيار العولمة الجارف.
وسجل الفران أن مهمة المكتبة الوطنية للمملكة المغربية تهم الحفاظ على الذاكرة كضامن للتراث الفكري والحضاري للبلاد، بجمعه وحفظه، من خلال تجميع مخطوطات ثمينة وكتب نادرة، في سياق أرشيف يعكس المهمة النبيلة لصون الذاكرة من النسيان، مشيرا إلى نموذج خناثة بنونة الممثل للمرأة المغربية المعطاء في الفكر والوطنية والقيم النبيلة.
روح وطنية
من جانبه، شدد عدنان الرمال، رئيس مؤسسة خناثة بنونة للبحث العلمي للشباب، على أنها تمثل الأخت الكبيرة التي عبرت خلال مواقفها الشجاعة على التشبع بمبادئ وقيم حقيقية، رغم المعاناة من الاستعمار، متمتعة بروح الوطنية وحب البلاد.
وزاد مبينا:”بنونة عبرت ومازالت تعبر عن الروح الوطنية التي لا ترض بالذل والانكسار أمام الاستعمار سواء الفكري أو الثقافي، من خلال توظيف البحث العلمي كقوة حقيقية لرفض استغلال الوطن اقتصاديا وماديا ومعنويا، وعيا بأهمية البحث، وهو ما جعلها تساهم بمالها رفقة ثلة من الأساتذة الباحثين ورجال الأعمال لتشييد المؤسسة التي تعنى بالبحث العلمي في صفوف الشباب لكونهم المحرك الأساسي لأي عمل مستقبلي عن طريق توفير منح تضمن لهم الاستقلال المالي”.
وضع فكري مهزوز
واعتبرت الأستاذة الجامعية نجاة المريني أن بنونة تبوأت الريادة في الكتابة والفكر واتسمت بالثورة على وضع فكري مهزوز في الثقافة والفكر والسياسة، ككاتبة مناضلة دعت لتحطيم الحواجز للتعبير عن الذات.
وأضافت المريني:”هي ثائرة متمردة تضبطها الثقة بالنفس والاعتزاز بالذات، تحدت القهر والجهل والتخلف، خاضت معركة الحياة للتعبير عن دانها، فهي ترى في الكتابة وسيلة للاحتجاج”.
بدوره، سجل الكاتب والناقد نجيب العوفي، أن مسار بنونة يشكل ملحمة إبداعية رائعة ورائدة على مدى أكثر من 6 عقود، انطلاقا من مطلع الستينات للآن.
وقال العوفي: “خناثة بنونة شقت عصا الطاعة فكانت رائدة للحداثة النسوية المغربية، وكان علال الفاسي سندا وحاضنا وأبا روحيا لها على امتداد مسارها الأدبي”.
وأكد ناجي الأمجد، إعلامي وخبير في التنمية والتواصل، أن بنونة تشكل قامة علمية من طينة فاطمة الفهرية.
وأضاف الأمجد:”أنا تلميذك الذي اقتفى أثرك، فقد أنقذتني من دينامية التيه لأسلك درب العقل”.
التحرر من المجتمع الذكوري
وأوضح مبارك بودرقة، عضو هيئة الإنصاف والمصالحة سابقا، أن بنونة اختارت التحرر من المجتمع الذكوري الذي كانت تعيش فيه، لتفرض نفسها كشخصية مستقلة ومبدعة.
وقال بودرقة”بنونة حباها الله بجمال وحسن وخلق ولكنها لم تستخدمهم كأسلحة، بل فضلت سلاحا آخر متمثلا في الدفاع عن قضايا المرأة وحريتها”.
من جهته، أفاد عبد الصمد بلكبير، محلل سياسي وكاتب ومفكر، أن بنونة حظيت بما يتجاوز 100 احتفاء وتكريم وطني، بحيث لم تدعي طوال مسيرتها أنها تدافع عن قضايا المرأة، رغم ارتباطها الشديد بالمسألة النسائية إلى جانب مختلف القضايا الوطنية.
وسجل بلكبير أنها تمارس أدبا غاضبا متمردا فوضويا من منطلق اهتمامها ببناء الدولة، معللا سبب تعلق المغاربة بها بكونها تعبر عن عواطف الشعب المغربي.
وذكر مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الأسبق، أن بنونة نتاج سجالات ونضالات، منوها بعملها على التحفيز العلمي لفائدة الشباب، بتقديمها لمبلغ مليوني درهم لفائدة مؤسسة خناثة بنونة للبحث العلمي للشباب.
وأوضح الخلفي أن بنونة كانت السبب في استكشاف نوع معين من الشعير قادر على التأقلم مع المناطق الصحراوية، أعطي له اسم”خناثة بنونة”، دعما لمجال الأمن الغذائي، داعيا إلى عدم فقدان الهوية رغم التحولات القائمة التي لا ينبغي أن تهمش تاريخ وتراث البلاد.
الاستثمار في العلم
من جانبها، عبرت بنونة عن تقديرها للخلفي لعمله على عودة إصدار مجلة”شروق” بعد توقف طويل.
وطالبت بنونة بضرورة الاستثمار معنويا وماديا في مجال البحث العلمي لخدمة الوطن، مسجلة اعتزازها وافتخارها بالمملكة التي ظلت البلد الوحيد في المنطقة المتشبث بأصوله وذاته.
وأشادت بنونة بخصال علال الفاسي الذي كان بمثابة الأب الروحي الداعم لها في مختلف المجالات.
وقالت بنونة:”عشت مع القامات الكبيرة والآن أجد نفسي مع الأقزام، علال الفاسي راهن علي كثيرا وكان يناديني بقرة عيني، لكن يؤسفني أنه لم ينل ما يستحقه وتعرض وفكره للتهميش”.
واعتبرت المحامية والقاضية السابقة رشيدة أحفوض، أن بنونة تمثل قدوتها في الحياة وهي التي تخلت عن متابعة تعليمها في المجال العلمي رغم تفوقها فيه، لتتجه للأدب، مما سيمكنها لاحقا من دراسة القانون والاتجاه لمجال القضاء لأن بنونة كانت دائما من مناصري حقوق المرأة.